في الذكرى الاولى لإعلان عدن التاريخي.. الانتقالي.. بين التقدم الخارجي والركود الداخلي.. فهل يحقق المأمول؟

> تقرير/ علاء حنش

> منذ إعلان عدن التاريخي في 4 مايو 2017م والذي تمخض عنه تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي في الحادي عشر من مايو من ذات العام، بقيادة اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، والانتقالي يخطو خطوات جادة ومتسارعة نحو تحقيق هدف شعب الجنوبي الأسمى المُتمثل باستعادة الدولة المسلوبة منذُ سنة 1994م، لاسيما على المستوى الخارجي، والذي أبرزه لقاء قيادة المجلس بالمبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، البريطاني «مارتن جريفيثس، وهو اللقاء الذي وصفه مراقبون وسياسيون بالإيجابي.. غير أن هذا النجاح لا يعني عدم وجود بعض الإشكالات والهفوات في خطواته خصوصا على المستوى الداخلي. وكان الانتقالي قد أكد في أكتوبر 2017، أنهُ سيعقد لقاءات ومشاورات مع قيادات جنوبية للتفاهم على بعض النقاط، التي من شأنها توحيد الصف، ولمّ الشمل، وتجنب أي اختراقات.
وعلى الرغم من تأكيداته تلك إلا أنه إلى الآن لم يلتقِ بأي من القيادات في الداخل والاكتفاء بلقاءاته بقيادات الجنوب في الخارج والمتواجدة في العاصمة المصرية القاهرة، والعاصمة الإماراتية أبوظبي.
*مولد الانتقالي
حين أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي، قرارًا بإقالة محافظ عدن السابق، اللواء عيدروس الزُبيدي من منصبه في أواخر شهر إبريل 2017، شهد - حينئذ - المشهد السياسي تحوّلًا كبيرًا، حيث دعا الزُبيدي الشعب الجنوبي إلى الاحتشاد في ساحة العروض «ساحة الحرية والشهداء» بخور مكسر بعدن في 4 مايو من ذات العام، في فعالية سُميت بـ«إعلان عدن التاريخي»، والتي تمخض عنها تشكيل الانتقالي في 11 مايو من العام ذاته، كحامل للقضية الجنوبية، وتفويض الزُبيدي لتشكيل كيان سياسي جنوبي.
وتبع ذلك الإعلان، احتشاد آلاف الجنوبيين في عدن من كافة المحافظات الجنوبية، في احتفالية أُطلق عليها «مليونية 21 مايو» لتأييد المجلس الانتقالي المُعلن عنه، وتفويضه شعبيًا لتمثيل الجنوب.

واعتُبرت خطوة الزُبيدي، في حينها، ردة فعل لقرار استقالته، حسب مراقبين، غير أن الرئيس هادي بدا غير منزعج من تشكيل الانتقالي والتزم الصمت حياله.
في مقابل ذلك، تصاعدت أصوات المعارضين عن تشكيله، خصوصًا من الأحزاب والاطراف المناوئة لاستقلال الجنوب واستعادة دولته الجنوبية، المحتلة منذ صيف عام 1994م.
*مواجهات الانتقالي والشرعية
في 28 من يناير 2018م اندلعت مواجهات بين قوات المقاومة الجنوبية وقوات الانتقالي من جهة، والقوات التابعة للحكومة الشرعية من جهةً أخرى أسفرت عن مقتل 21 جنديًا ومدنيًا، وجرح مالا يقل عن 290 آخرين، من الطرفين.
في 29 يناير أي بعد يوم واحد من المواجهات عقد الرئيس هادي في الرياض اجتماعاً مع وزرائه ومستشاريه وقيادات الأحزاب والقوى السياسية بشأن تدارس الأحداث، أبدا الوزراء خلالها رفضهم الكامل لتشكيل الانتقالي، في حين عبّر هادي عن رفضه الشديد لاستخدام السلاح في عدن، داعياً الكل إلى تجنيب عدن وأبنائها مآسي جديدة، الجميع في غنى عنها».
*التحالف والانتقالي
دول التحالف العربي، بقيادة السعودية، والإمارات، لم تُبدِ رفضها تشكيل المجلس، وتركت لقيادته حرية التحرك داخليًا، وعقد لقاءات ومشاورات خارجية، وإلا لكانت استطاعت الوقوف ضده، خصوصًا في أحداث يناير 2018، بعد نشوب المعارك بين القوات التابعة له والقوات التابعة للحكومة الشرعية المُعترف بها دوليًا، ولم يتدخل إزاءها طيران التحالف، بل ترك الأمور تسير حسب قوة كل طرف، ليظهر للعالم القوة الفاعلة على الأرض، لا سيما أن الشرعية اختُرِقت من قِبل حزب الإصلاح، الأمر الذي دفع بالتحالف إلى ضرورة معرفة حجم القوى المسيطرة على المحافظات المحررة، خصوصًا أن القوات المتواجدة في مأرب لم تُحقق أي انتصار يذكر، منذ بداية نشوب الحرب في مارس 2015م، في حين استطاعت قوات المقاومة الجنوبية تحرير أراضيها في أربعة أشهر فقط.. والأدهى من ذلك، مواصلة توغلها في الأراضي الشمالية، في كل من جبهات: البقع، وحيس، والمخا، والبيضاء، والساحل الغربي، وغيرها من الجبهات في شمال اليمن، حققت خلالها ومازالت الانتصار تلو الانتصار، ولولا تواطؤ بعض القوى الشمالية، التي لا ترى في تحرير مناطقها فائدة تُذكر، وتحاول إطالة أمد الحرب بأي شكل من الأشكال، لوصلت القوات الجنوبية إلى معقل زعيم جماعة الحوثيين، عبدالملك الحوثي، ولأسقطت الحوثيين في وقت وجيز، ولكن مصالح ونفوذ بعض القوى الشمالية كانت لها دور كبير في ذلك التواطؤ، وهذا ما نشاهده على أرض الواقع.
*وضع شروط مسبقة
في المقابل تضع القوات الشمالية التي تُحارب الحوثيين، بدعم من التحالف، شروطًا وضمانات على التحالف، وأهم هذه الضمانات عدم اعطاء الجنوبيين فرصة استعادة دولتهم، في حين يسقط مئات الشباب الجنوبيين في المعارك ضد الحوثيين في الأراضي الشمالية، الأمر الذي يلزم من قوات المقاومة الجنوبية والانتقالي وكل شباب الجنوب المتواجدين في الأراضي الشمالية، تجنب الوقوع في الفخ، وألاّ يكونوا صيدًا سهلًا، وأن يفرضوا على التحالف ضمانات وشروطًا تكفل لهم حق تقرير مصيرهم، وإلا فالعودة إلى أراضي الوطن هو الحل الأمثل، والانسب؛ لكي نحافظ على دماء شباب الجنوب المتبقية، خصوصًا بعد استشهاد المئات، وربما الآلاف، منهم في تلك الجبهات.
كما يتوجب على الجنوبيين التعامل مع كل الأطراف بحنكة سياسية والتجرد من العواطف التي لا تُجدي نفعاً، فالتحالف والمجتمع الدولي لا يتعاملان بجدية مع الصنف الأخير.
كما يتوجب من كل قيادات الجنوب أيضاً الاستفادة من الحوثيين، في كيفية معاملة خصومهم، وحلفائهم، فالحوثيون- والحق يُقال- استطاعوا مجارات كل الخصوم، والحلفاء بطريقة ذكية، ومتزنة، والادهى تمكنهم من اختراق الأمم المتحدة، التي، ربما، تذهب إلى الاعتراف بهم، كطرف أساسي في حل النزاع باليمن، وهو ما يدل على القوة، والحنكة السياسية التي تمتلكها هذه الجماعة، رغم النكبات التي لاقتها، وتلاقيها، كان أخرها، مقتل رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي للحوثيين صالح الصماد، يوم الخميس 19 يناير الماضي 2018م غربي الحديدة، بغارة جوية لطائرة بدون طيار.
*تأسيس
بعد تأسيس الانتقالي قامت قياداته بزيارة أغلب المحافظات الجنوبية، وأسيس فروعه في كل المحافظات، وأعلن أسماء ممثليه في كل محافظة ومديرية، توزعت وظيفة هذه القيادات المحلية ما بين الرقابية والتنفيذية والتمثيلية، بالإضافة إلى إعلانه النظام الأساسي للمجلس عام 2017م، كمادة ثانية من قراراته.
*جمعية عمومية
وأعلن الانتقالي في 30 نوفمبر 2017م جمعيته العمومية، وهي الخطوة الأولى والجادة التي ابتدأ بها الانتقالي خطواته، وضمت هذه الجمعية 303 عضوا.
وفي الأول من ديسمبر من ذات العام عيّن الزُبيدي في اجتماع الجمعية العمومية اللواء أحمد بن بريك، رئيسًا للجمعية، وأنيس يوسف علي لقمان نائبا له.
الجمعية العمومية
الجمعية العمومية

كما قام الانتقالي بتشكيل عدة دوائر متخصصة، مثل دائرة العلاقات الخارجية برئاسة البرلماني د. عيدروس النقيب، والدائرة الإعلامية برئاسة الإعلامي، وعضو المجلس لطفي شطارة، قبل أن يحل محله د. عبدالله الحو، بالإضافة إلى تدشينه الجمعية الوطنية الجنوبية ومكونات أخرى، وافتتاح موقع إلكتروني خاص بالمجلس، واصدار عدد من الصحف، كصحف «4 مايو، شباب الجنوب، صوت المقاومة»، وغيرها من الصحف الناطقة باسم الانتقالي، وهي خطوة هامة، وذلك لما يمثله الإعلام من أهمية كبيرة، لا سيما في العمل السياسي.
ورغم كمية الصحف التابعة للانتقالي، فإن دورها لا يزال بسيطا، ويلزمها الكثير لتكون فاعلة على الساحة الإعلامية، فأي عمل يُقاس بالكيف وليس بالكم.
*خطوات أساسية
الناطق الرسمي للمجلس الأعلى للجالية الجنوبية في السعودية ودول الخليج م. أمين محمد الشعيبي قال إن: «خطوات الانتقالي كانت مرتبة بشكل جيد، وتُعد خطوات أساسية نحو البناء المؤسسي والقيادي، غير أن الشعب الجنوبي مازال يطالبه بتفعيل دوائره العليا والأدنى، وأهم تلك الدوائر، الدائرة الإعلامية، التي رغم تغيير لطفي شطارة من رئاستها، واستبداله بالدكتور عبدالله الحو إلا أن نمط عمل الدائرة بدائي، وضعيف، وذلك بسبب عدم تعاطيها مع غالبية وسائل الإعلام المحلية، الداعمة للانتقالي».
وقال في تعليقه بخصوص الذكرى الأولى لإعلان عدن التاريخي في 4 مايو «يجب على رئيس الدائرة، ونوابه عمل آليات وطرق تواصل واسعة مع كل وسائل الإعلام، وكل إعلاميي وناشط الجنوب، أو عبر مجموعات مصغرة، تُكلف في كل محافظة على حدة، أو فئة معينة من الإعلاميين والناشطين الذين تراجعوا، نوعًا ما، في مساندة الانتقالي، بسبب إغلاق كل الطرق المؤدية إلى تفاعل معه».
*ايجابيات وسلبيات
وأضاف: «أحد الأسباب في ذلك تعود لوجود إعلام إخواني وشرعي هائل الإمكانات، وقف إعلام الانتقالي عاجزاً عن مجاراته، ولم ينسق في المقابل مع الإعلام الجنوبي في كيفية الرد والتعامل مع هالة الإعلام المضلل الذي تدعمه الشرعية وحزب الاصلاح وقطر وتركيا وإيران».
*انغلاق
وأوضح الشعيبي لـ«الأيام» أن سلبيات الانتقالي تكمن في انغلاقه على نفسه بالداخل والخارج أمام أبناء الجنوب، وعدم حضوره بقوة وسط الناس داخليًا.. بل إن الكثير من أبناء الجنوب، الذين يدعمونه لا يستطيعون ايصال ملاحظاتهم، ومقترحاتهم وافكارهم إلى قياداته والتي من شأنها أن تُساعده في زيادة ثقله على الأرض.
وعلى الانتقالي أيضاً أن يكلف شخصيات مؤثرة لها ثقلها في الشارع الجنوبي لإدارة الحوار بين الانتقالي ومختلف الأطراف، ومن هذه الشخصيات: الشيخ عبدالرب النقيب، الذي لم يستفد منه الانتقالي، مع أنه قادرٌ على تقديم الكثير للجنوب من خلال روحه السمحة، وقبوله الواسع بين الناس، وكذا العميد علي الشيبة ناصر، والشيخ صالح بن فريد العولقي، والكابتن طيار ناصر السعدي، ومن خارج الانتقالي توجد شخصيات مثل الشيخ محسن القشم الشعيبي، و د. حسين لقور بن عيدان».
وأضاف: « هناك أيضاً ايجابيات للانتقالي أهمها أغلاقه كافة الأبواب أمام المتاجرين باسم القضية الجنوبية، وتماسك قيادته، وعدم قدرة الشرعية الفاسدة على اختراقها، ومن أهم خطواته دعمه للشارع الجنوبي يوم 28 يناير 2017، عندما كان، وبمساعدة المقاومة الجنوبية والحزام الأمني، على وشك الاطباق على شرعية الفنادق التي جلبت لعدن والجنوب الخراب والفقر والجوع والعوز».
وأكد الناطق الرسمي للمجلس الأعلى للجالية الجنوبية في السعودية ودول الخليج م. أمين محمد الشعيبي أن «دور الانتقالي داخلياً كان متوازيا، فاستطاع على المستوى الداخلي تشكيل الجمعية الوطنية والقيادات المحلية، أضافة إلى دعمه للحزام الامني، والنُخب الجنوبية في بسط سيطرتها على محافظاتها، والتي كان آخرها محافظة الضالع، وأجزاء من محافظات: شبوة، وحضرموت، والمهرة، وعلى المستوى الخارجي تمكن من فتح عدد من المكاتب التمثيلية له في أمريكا، وكندا، ودول أوروبية منها بريطانيا، وألمانيا، وعدد من الدول العربية والأجنبية، لم تُعلن بعد؛ بسبب طلب من تلك الدول أو لحساسية الوضع، بعد أن أصبحت الشرعية في موت سريري، ولم يُعد لها أنصار يثقون بها لا في الشمال ولا في الجنوب، وحتى دول التحالف نتيجة فسادها الكبير، وحربها الواسعة ضد الجنوب».
*الانتقالي خارجيا
لا شك أن الخطوات التي اقدم عليها الانتقالي على المستوى الخارجي، كانت ناجحة، لاسيما القائه بالمبعوث الأممي لليمن مارت جريفيثس، الذي ابدا تجاوبه مع القضية الجنوبية، وقال بالحرف: «لا سلام دون اشراك القضية الجنوبية في الحل»، وهذا يُعد تقدمًا كبيرًا للقضية الجنوبية، على المستوى الخارجي، رغم أن مصادر سياسية أكدت مؤخرًا أن «جريفيثس قال: «إنه أعد خطة لحل النزاع في اليمن، سيكون الحوثيين بموجبها شركاء في الحكومة، أضافة للحكومة الشرعية، مع ضرورة تسليم الحوثيين للسلاح».
فيما قال بشأن القضية الجنوبية إن: «اليمنيين سيحلونها مع بعضهم البعض».
*الانتقالي داخليا
من المؤكد أن خطوات الانتقالي الذي يضم في رئاسته، وزراء ووكلاء من مختلف المحافظات الجنوبية، على المستوى الداخلي، كانت ايجابية، رغم نقصها، وتمثل هذا النقص في عدم التقائه بالقيادات الجنوبية المتحفظة على تشكيل الانتقالي، وذلك لايجاد حلول مناسبة، تضمن لكل قيادي جنوبي رأيه، مع حق الاتفاق أن يكون الانتقالي الممثل للقضية الجنوبية؛ حتى لا نخوض في أمور لا طائل لها، وربما لن تقودنا إلى نهاية تذكر، سوى نهاية مأساوية مُخزية، أمام تضحيات الشعب الجنوبي، الذي قدم، وما زال يقدم، الغالي والنفيس في سبيل استعادة دولته، وأمام الشهداء الأبرار، الذين ضحوا بارواحهم في سبيل الجنوب، أضافة إلى الجرحى، الذين فقدوا أهم اعضائهم أبّان الحرب، فاطُرحوا على الفراش مُقعدين، غير قادرين على الحركة، ولهذا يتوجب على كل القيادات الجنوبية، أيّا كانت، انتقالي، مقاومة، جبهة، مجلس اعلى، حلف، عصبة، حزب اصلاحي، مؤتمر جنوبي أو غيرها، إن تفهم، وتعي، هذا الهدف السامي.
تقرير/ علاء حنش

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى