الاحتلال الإماراتي في الجنوب... القوات العربية في الشمال

> كتب/ المراقب السياسي

> أثارت الأزمة في سقطرى مخاوف كثير من الجنوبيين، بسبب الكثير من اللغط الذي أثير حول دور الإمارات في الجزيرة التي نستها الحكومات المتعاقبة على حكم البلاد بعد الاستقلال، والذي كان رئيس مجلس الوزراء د. أحمد بن دغر عضواً فيها.
ولكن أبسط التفسيرات عادة ما تكون الحقيقة.
فإذا نظرنا إلى انتقال الحكومة إلى سقطرى وتغريدة رئيس الوزراء اليمني قبل أسبوع، والذي أكد بقوله إن «سقطرى تنعم بالهدوء والاستقرار».. فما الذي تغير خلال الأيام القليلة الماضية لتتحول الإمارات إلى محتل عسكري للجزيرة؟
والحقائق الثابتة أن الجزيرة مهملة منذ عقود ولم يحصل سكانها على شيء من المركز سوى عدد من الجنود التابعين للفرقة الأولى مدرع الذين عاثوا فسادا فيها تحت أنظار الحكومات المتعاقبة، والتي كان رئيس الوزراء عضواً فيها، حتى أصبح مواطنو الجزيرة يعيشون الفقر المدقع بشكل مخجل.. وحتى عندما ضرب هذه الجزيرة إعصاران لم تقم الحكومة اليمنية بشيء يذكر، بل إن السكان يقولونها نهاراً جهاراً لا توجد دولة، ومازالت آثار الإعصارين شاهدة، ولم يقم في الكارثتين إلا دول مجلس التعاون الخليجي.
إن الروايات المختلفة عما حصل والتي تناقلها البحارة الواصلون من سقطرى هي أقرب الى الواقع لكن الأخطر هو تصلب موقف رئيس الوزراء وعودة لجنة التحالف العربي «بخفي حنين»، وهذا يدفع بالضرورة الى استنتاج أن الأزمة مفتعلة يراد بها على ما يبدو تدويل الجزيرة فتنطبق عليها مقولة «لا لي ولا لك» على حساب الوطن.
ولكن بيان الخارجية الإماراتية أمس قطع دابر هذه الخطة الخطيرة المهددة لسيادة اليمن على أراضيه بقولها بوضوح إن سقطرى يمنية، مرتين.
ولم يقصر إعلام حزب الإصلاح وناشطوه في إثارة زوبعة من لا شيء فوصفوا الإمارات بأقذع الألفاظ ووسموها بالمحتل لجزيرة سقطرى.
ثم جاء بيان رئيس الوزراء ليخرج الخلاف الى العلن ويروي القصة من منظور الحكومة بمعنى أنه سيتمسك بموقفه حتى النهاية، لكن البيان أغفل ذكر لماذا حصل هذا التصعيد، فلا يقوم التحالف العربي بنقل دبابات جواً إلا في حالة وجود «خطر وشيك وكبير».
وهناك معركة على الجانب الآخر في القرن الأفريقي داخل الصومال بين تركيا وقطر من جهة ودول التحالف العربي من جهة أخرى... السؤال المفترض توجيهه: من سيحمي سقطرى إذا ما قررت الصومال غزوها بايعاز من قطر وتواطؤ من الإخوان؟، وهي الدولة التي تقدمت بطلب رسمي في الأمم المتحدة- لازال قيد النظر- تطالب من خلاله بالسيادة على الأرخبيل بكامله وفي غياب «وجود قوات حكومية مجهزة لحماية الجزيرة».
كما أن الطلب الصومالي في الأمم المتحدة يقابله صمت مطبق من الحكومة اليمنية، بينما تبني تركيا أكبر قاعدة لها خارج حدودها في الصومال.
هناك أمر آخر يدور في الكواليس في سقطرى.. ليس محاولة ضم الجزيرة الى المنطقة العسكرية الاولى في سيئون إلا الخطوة الاولى، وهو إجراء سيثير حفيظة أبناء المهرة المرتبطين أسريا بابناء ارخبيل سقطرى منذ الأزل، ويعتبر سلطان المهرة بن عفرار سلطانا في سقطرى ايضاً وتجمعهم لغة مشتركة.
المنطقة العسكرية الأولى التي تتمركز في سيئون هي نفس المنطقة العسكرية التي لم تستطع حماية وادي حضرموت من القاعدة.
لكن اللافت يوم أمس الأول هو دخول قناة «الجزيرة» كطرف في الخلاف، منتقدة الإمارات ببرامج حية تنقل آراء أعضاء حزب الإصلاح، ومحللين تابعين للحزب من مقرات إقامتهم في مصر وتركيا تارة، وتزوير حقائق تارة أخرى.
والطريف في اتهام الإمارات بالمحتل، وهو اتهام قد استخدم من قبل في عدن وفي حضرموت وحتى معاشيق، أنه دوما يصدر من جماعة حزب الإصلاح وفي مواجهة مواقف كان يسعى الحزب فيها للسيطرة على مواقع معينة.. وبالمقارنة فإن القوات الإماراتية في مأرب وفي الساحل الغربي لليمن الشمالي يمدحها نفس الحزب بكونها قوات تدافع عن الهوية والقومية العربية ضد المشروع الفارسي مع أن الانتصارات على الواقع محدودة ولا تقارن بالإنجازات التي حققتها فعلا قوات المقاومة الجنوبية منذ تحرير عدن في يوليو 2015 وحتى الآن.
وبينما يمتدح السيد محمد اليدومي، رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح، الإمارات رسمياً، يقوم أعضاء حزبه بسب الإمارات ليل نهار على الإنترنت والقنوات التلفزيونية.
لكن الرد على كل تلك الاتهامات جاء عفويا ومن أبناء سقطرى عبر مظاهرة نظمت في شوارع حديبو (تمريده) أمس دعماً للإمارات، حيث حمل المتظاهرون صور الرئيس عبدربه منصور هادي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، فقال ابناء سقطرى كلمتهم الفاصلة في الأمر.
في نهاية الأمر يبقى هناك رابحين وخاسرين، وفي هذه المعركة سيكون أكبر الخاسرين الحكومة، فلا الرئيس هادي سيتخلى عن التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ولن تتخلى السعودية عن عمودها الفقري في التحالف الاستراتيجي، الإمارات العربية المتحدة.
أما الرابح الأكبر فهم السقطريون الذين أصبحوا فجأة محط اهتمام الجميع كسباً لودهم، ففي النهاية هم أصحاب الأرض ولهم الكلمة الاخيرة بحكم ارتباطهم بالجنوب قبل وبعد الاستقلال.
كتب/ المراقب السياسي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى