دمج نظامين اقتصاديين وانعدام الاستقرار سبب ترنح الريال اليمني.. توقف الانهيار ونبوءات بالتعافي ومراقبون يشككون

> تقرير/ رعد الريمي

> من الصعوبة بمكان أن يشهد الوضع الاقتصادي اليمني، بطرفيه شمالا وجنوباً، تعافيا سريعا، نظرا لما تشهده بقية الأوضاع من صعوبات عكست نفسها، داخلية وخارجية، سواء أكانت حديثة أم قديمة، بسبب دمج اقتصادين وجهازين وحكومتين على نظامين شديدي التباين بين الحرية الاقتصادية والتخطيط المركزي، والذي مازالت آثار ذلك الدمج إلى اليوم برغم تعسف الحلول.
بالإضافة إلى أن طرفي اليمن - شمالاً وجنوبا - لم يشهدا فترات استقرار تمكنهما من تحقيق أهدافهما التنموية المنشودة، حيث وقع اليمن ضحية صراعات مسلحة وعنف متكرر، الأمر الذي يعكس أثرا سلبيا على الواقع الاقتصادي بالدرجة الرئيسية، وتداعيات ما تخلفه من تبعات كضعف النظام الإداري والمالي للدولة وتزايدت معدلات الفساد وعدم قدرة الدولة على بناء نظام اقتصادي حديث متنوع قابل للنمو المستدام.
*الوضع الاقتصادي المتردي
أفرزت الصراعات السياسية والحرب التي تشهدها اليمن اليوم ضغوطاً اقتصادية واجتماعية ساهمت في تدهور حاد للنشاط الاقتصادي، وتدمير للممتلكات العامة والخاصة، الأمر الذي انعكس على تدني مستويات الدخل وتزايد معدلات البطالة والفقر، فضلا عن الضغوطات الاجتماعية التي انتهت إلى تزايد حالات النزوح والهجرة الداخلية والقتل واللجوء وحالات سوء التغذية وتفشي الأمراض الوبائية، وما صاحب ذلك من انتهاكات لحقوق الإنسان.
*إحصائيات غير محدثة
ما يجدر الإشارة إليه أنه «لا إحصائيات حديثة»، وذلك وفق تقديرات تقرير الآفاق الاقتصادية 2017، والذي شكا البنك الدولي فيه من انقطاع البيانات والإحصاءات عن الاقتصاد اليمني، بسبب تواصل أعمال الحرب والحصار وتوقف النشاط الاقتصادي بشكل كبير، وعدم ملاءمة المناخ المساعد على استثمار أو ممارسة النشاط اقتصاديا.
*نبوءات حديثة مبشرة
ثمة بشائر حديثة بشر بها الخبير الاقتصادي المحلي، مدير عام فرع بنك (كاك بنك) عدن د.شكيب عليوة، حيث توقع تراجع سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار خلال الفترة القادمة إلى «300» ريال.

وحول أصل المشكلة والسبب في انهيار الريال أعاد د. شكيب تراجع العملة المحلية إلى نفاد الاحتياطي النقدي الخارجي المقدر بـ 4 مليارات و700 مليون دولار، الأمر الذي اضطر قيادة البنك المركزي -آنذاك- برئاسة الأستاذ بن همام، إلى إصدار تعميم يتضمن وقف الاستيراد باستثناء مادتي القمح والأدوية، بالإضافة إلى رفع سعر الدولار من قبل إدارة البنك من 215 إلى 250، وكان هذا الإجراء من قبل البنك المركزي بسبب عدم توفر العملة الصعبة خارجيا ومحليا، والذي بموجبه عزف التجار عن التعامل مع القطاع المصرفي عقب أن أصبح عاجزا لتلبية احتياجات التجار من العملة الصعبة، ما الجأهم للشركات الصرافة التي قامت بدور القطاع المصرفي.
وبشر شكيب بدوران عجلة التنمية بعد تعزيز حساب الاحتياطي النقدي الخارجي بـ 2 مليار دولار، وأرشد شكيب قيادة البنك إلى جملة من الإجراءات التي في حال أن تم العمل بها فستشهد العملة تعافيا نسبيا.
وقال: «إنه يجب على قيادة البنك إعادة النظر في قرار تعويم العملة، بحيث يكون التحكم بسعر الدولار تحت سيطرة البنك المركزي، لا كما هو عليه الحال اليوم، حيث باتت المصارف تتلاعب بسعر صرف الدولار».
وتابع: «كما يجب على البنك العمل على إصدار تعميم بفتح الاستيراد وعودة الثقة لكبار التجار المستوردين، وتفعيل دور القطاع البنكي بدلا من شركات الصرافة، ومتابعة توريدات عائدات النفط إلى الحسابات البنكية الخارجية، وكذا متابعة توريدات عائدات المنافذ البرية والجوية والبحرية إلى البنك المركزي، وبالعملتين المحلية والصعبة، والاستمرار بالبحث عن مصادر تمويل لتعزيز الاحتياطي النقدي الخارجي حتى يصل إلى 5 مليارات دولار».
وختم قوله: «وأرى أنه بهذه الإجراءات سنشهد تحسنا ملموسا تدريجيا في الوضع المعيشي والاقتصادي والمصرفي».
وشكك مراقبون اقتصاديون لـ«الأيام» في سلسلة الإجراءات المقترحة، متسائلين: هل سيتم تغذية أرصدة البنوك في الخارج من الوديعة، وبالذات البنوك الحكومية، ليتم فتح الحوالات بالسعر الرسمي 250 ريالا؟
وقالوا: «لا نتوقع تعافي الريال، وإن التزم البنك بالإجراءات السابقة، وخاصة أن اليمن يشهد ظروفا غير طبيعية، ووجود أطراف وقوى عديدة ومتباينة فيها المصالح».

فيما تساءل مراقب آخر لـ «الأيام»: هل ستلتزم المنشآت السيادية بتوريد المال للبنك المركزي في ظل غياب الدولة والسلطة معا وكل طرف في اليمن يريد تقوية نفوذه بمال الشعب وإيراداته؟
فيما رأى مراقبون آخرون أن الآليات السابقة لا يمكنها أن تنجح ما لم ترتبط بجهود مدعومة دوليا من خلال العمل على إجراءات استثنائية، كإيجاد آليه رقابية فعالة تكون لها الصلاحية للعمل وبكل شفافية للوقوف أمام الفساد والفاسدين، والذي يتطلب تضافر كل الجهود الأمنية والقضائية الحكومية إلي جانب البنك المركزي، وأن يكون لدى البنك المركزي دور في تحريك العجلة النقدية عقب أن تحول دوره إلى صراف للمرتبات للجهات فقط، وبات لا يعلب دورا في تحريك عجلة السيولة النقدية.
*دعم في المسار الخاطئ
يقول الخبير الاقتصادي المصري عبد الحافظ الصاوي: «إنه وفي الوقت الذي تستمر فيه الدول الخليجية بحربها في اليمن، تعلن عن دعمها للبنك المركزي اليمني أو مشروعات البنية الأساسية في المناطق التي تم استعادتها، والتي كان آخر صور هذا الدعم هو رصد السعودية نحو 10 مليارات دولار لمشروعات البنية الأساسية ودعم العملة اليمنية».
وأضاف: «إنه ومن غير المنطقي أن تستقيم عملة اليمن المحلية في ظل هذه الحرب المفتوحة، فمهما قدم من أموال لدعم الريال اليمني سيظل في انخفاض أمام باقي العملات الأجنبية، لتبعات زيادة الواردات ووقف الصادرات، بل واعتماد من يعيشون في اليمن جميعاً على ما يحصلون عليه من الخارج بتوفير الغذاء والدواء».
وأشار إلى أنه «إذا ما كانت السعودية قد رصدت 10 مليارات دولار لدعم البنية الأساسية في المناطق التي تسيطر عليها قوات التحالف الخليجي، فإن تكلفة هذه الحرب على دول الخليج في العام الواحد قدرتها مجلة «دوتشيه فيله» الألمانية بنحو 30 مليار دولار سنوياً، وبذلك تصل التكلفة في عامين لنحو 60 مليار دولار في المتوسط، ولا تزال ميزانية الحرب مفتوحة. ومثل هذه المبالغ كان بمقدور دول الخليج أن تغير بها وجه اليمن اقتصادياً واجتماعياً لو أنفق نصفها في مجالات الاستثمار وتطوير البنية الأساسية».
تقرير/ رعد الريمي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى