الإرهاب.. أوروبي المولد - أمريكي التهجين (10)

> أ. د. علوي عمر مبلغ

>
أ. د. علوي عمر مبلغ
أ. د. علوي عمر مبلغ
"وتقودنا العناصر التي بين أيدينا الآن إلى التفكير أن هجمات الحادي عشر من أيلول قد دبرت ونظمت من داخل جهاز الدولة الأمريكي، إلا أن هذا الاستنتاج يصدمنا فعلاً، ذلك لأننا اعتدنا على أسطورة "مؤامرة بن لادن"، ولأنه يصعب علينا أن نتصور بعض الأمريكيين يضحون بحوالي ثلاثة آلاف إنسان من مواطنيهم، غير أن هيئة الأركان المشتركة في الولايات المتحدة قد خططت في الماضي لحملة إرهاب تستهدف الشعب الأمريكي نفسه، ولكنها لم تنجزها، وفي هذا الإطار لا بد من العودة إلى التاريخ للتذكير بما جرى".
“في كوبا عام 1958م نجح عدد من الثوار بقيادة فيدل كاسترو في قلب نظام باتيستا... وفي السابع عشر من مارس 1960م أقر الرئيس الأمريكي آيزنهاور.. برنامج عمل خفيًا ضد النظام الكاستروي... وفي السابع عشر من إبريل 1961م قام فريق من المنفيين الكوبيين والمرتزقة بمحاولة للنزول في خليج الخنازير، غير أن العملية التي دعمتها CIA بشكل أكثر أو أقل سرية قد باءت بالفشل ورفض جون كيندي الذي كان قد تولى الحكم لتوه إرسال القوات الجوية الأمريكية لدعم المرتزقة”. وفي النهاية “وقف جون كيندي ورفض أكثر من أي وقت مضى توريط أمريكا في حرب إبادة ضد الشيوعية في كوبا ولاوس وفيتنام أو في غيرها من الدول، فأدى ذلك إلى اغتياله في 22/11/1962م”.
وفي عام 1962م وقف جون كيندي بوجه الجنون الذي ضرب هيئة الأركان في عهد ولعه دفع حياته ثمنًا لذلك، لكننا لا نعرف ما يمكن أن تكون ردة فعل جورج بوش الابن إذا ما واجه الوضع نفسه؟ ويظهر لنا تاريخ الولايات المتحدة المباشر أن الإرهاب الداخلي تطبيق عملي في طور النمو ومنذ عام 1996م يقوم الإف بي آي سنويًا بنشر تقرير حول أعمال الإرهاب الداخلي، وبلغت هذه الأعمال “أربعة عام 1995م وثمانية عام 1996م وخمسة وعشرين عام 1997م وسبعة عشر عام 1998م وتسعة عشر عام 1999م. وقد ارتكبت غالبية هذه الأعمال على يد جماعات عسكرية وشبه عسكرية من اليمين المتطرف”.
ولم يخف سر هجمات الحادي عشر من أيلول إذًا على الكثير، فقد كانت تعلم بها “خمس وكالات استخبارات (الألمانية والمصرية والفرنسية والإسرائيلية والروسية)، وعميل في استخبارات البحرية فريلاند والمجهولون الذين بعثوا رسائل التحذير إلى أوديغو، ناهيك عن المطلعين الذين قاموا بعمليات المضاربة في البورصة. إلى أين استمرت التسريبات؟ ثم إلى أين كذلك تمتد هذه الاتهامات؟”.
وإذا كان لوبي الطاقة هو المستفيد الأول من الحرب على أفغانستان، فإن اللوبي العسكري- الصناعي هو الرابح الأول في الحادي عشر من أيلول فقد حققت أكبر آماله وأكثرها جنونًا من حيث التالي:
أولاً: أخضعت اتفاقية ABM (التي ترسم حدودًا لتطوير التسلح) لنقض أحادي الجانب من قبل جورج بوش.
ثانيًا: لم يتم عزل مدير وكالة الاستخبارات المركزية عقب فشلها الظاهر في الحادي عشر من أيلول ليس ذلك فقط، بل سجلت قروض الوكالة ارتفاعًا فوريًا بلغ 42% لتنفيذ “سجل الهجوم العالمي”.
إضافة إلى ذلك سجلت الميزانية العسكرية للولايات المتحدة – التي استمرت في التدني منذ انحلال الاتحاد السوفيتي – ارتفاعًا مفاجئًا وخياليًا في آن واحد. فإذا جمعت القروض الإضافية التي منحت بشكل طارئ إثر الهجمات مع الزيادات المتوقعة سيشهد العاملان الأول والثاني من ولاية بوش ارتفاعًا في المصاريف العسكرية بنسبة 34 %. وتمثل ميزانية الجيش الأمريكي بالتالي على مدى خمس سنوات بأكثر من ألفي مليار دولار في حين انتهى سباق التسلح ولم تعد تعرف أمريكا أي عدو خطير – إذ تساوي الميزانية العسكرية الأمريكية اليوم مجموع ميزانيات الجيوش الخمسة والعشرون الأضخم في العالم من بعد الجيش الأمريكي. أما المناصب العليا في الولايات المتحدة فهي تلك التي تتعلق بالفضاء والعمليات السرية، ما يدل على هيمنة التحالف بين مسئولي العمليات السرية “المجتمعين حول جورج تنت” وأنصار السلاح الفضائي ضمن جهاز الدولة الأمريكي، وتجميع ابرهارت القائد العام الحالي للنوراد، والضابط الرئيسي برتبة قائد الذي تولى إدارة عمليات المراقبة الجوية في الحادي عشر من أيلول 2001م”.
إن التطور الذي شهدته الإدارة الأمريكية من جراء أحداث الحادي عشر من أيلول يبدو كأنه يعلن عن الكثير من “الدم والعرق والدموع” ويبقى أن نعرف من على الارض سيتحمل تلك المصاريف؟.
إنه وللأسف الشديد حينما يجري الحديث عن أحداث أيلول المأساوية يغيب عن كثير من الباحثين والدارسين تقييم هذا الحادث من وجهة نظر النتائج التي يرمي إليها هذا الحادث وليس فقط من زاوية وصفة نتاجًا لظاهرة إرهابية داخلية أكثر من أن تعد خارجية كما يحلو للغرب تصويرها...
أسامة بن لادن – والإرهاب
في صباح 11 أيلول بثت محطة CNN الصورة الأولى لأحد برجي مركز التجارة العالمية يحترق ولم يكن معلومًا بعد إن كان حادثًا أم هجومًا؟ وذكر المعلقون في محطة كل المعلومات إمكانية أن يكون أسامة بن لادن هو المسئول عما يجري وفرضت هذه الفرضية نفسها تدريجيًا كالتفسير الوحيد المقبول إنسانيًا، فلا يمكن أن تُشن هجمات بتلك البربرية إلاَّ أن تكون عملاً نفذه وحش غريب كل الغرابة عن العالم المتحضر، لقد سبق أن تم التعرف على هذا المعتوه، أنه عدو الولايات المتحدة الأول المعروف أسامة بن لادن، ومُدَّت الشائعة أولاً بأسرارٍ سُربت للصحافة من مصادر مطلقة عامة بشكل جيد أو مقرَّبة من التحقيقات، صارت الشائعة رسمية عندما وصف كولن باول علنًا بن لادن بالمشتبه به، وحتى هذا اليوم لم يسند هذا الاتهام علنًا، لكن السلطات الأمريكية اعتبرت نفسها معفية من ذلك بإصدار شريط فيديو لأسامة بن لادن يرونه بمثابة الاعتراف:
أسامة بن لادن أحد أبناء الشيخ محمد بن لادن الأربعة والخمسين الذي أسس في العام 1931م مجموعة بن لادن السعودية (SBG) وتنفذ هذه الشركة القابضة الأهم في المملكة العربية السعودية نصف أعمالها في البناء والأشغال العامة والنصف الآخر في الهندسة وغير المنقول والتوزيع والاتصالات والنشر، كما أنشأت شركة سويسرية للاستثمار والشركة السعودية للاستثمار (SICO) التي أنشأت بدورها شركات عدة مع فروع من المصرف التجاري الوطني السعودي وكانت المجموعة مساهمة مهمة في جنرال إلكتريك، ويمثل هذه المجموعة في الولايات المتحدة ضمن نشاطاتها الصناعية عدنان خاشقجي “الزوج السابق لابنة محمد الفايد” بينما تدير مجموعة كارليل موجوداتها المالية، وحتى العام 1996م كان مستشار المجموعة المصرفية النازي فرانسوا جتوو المنفذ الوصي للدكتور غوبلز ونصير الإرهابي كارلوس يحضر لإعلاء فروع مجموعة بن لادن السعودية ولا يمكن الفصل عن النظام الوهابي إلى حد أن المجموعة كانت لمدة طويلة المتعاقد الرسمي والوحيد في أعمال البناء وإدارة الأماكن المقدسة في المملكة السعودية وخاصة في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
كما أنها فازت بغالبية أسواق بناء القواعد العسكرية الأمريكية في المملكة العربية السعودية، وإعادة بناء الكويت بعد حرب الخليج. وبعد وفاة الشيخ محمد بن لادن بشكل فجائي في العام 1968م خلفه ابنه البكر سالم، إلاَّ أن هذا الأخير لقي حتفه في حادث طائرة في تكساس عام 1988م، واستلم بكر الابن الثاني منذ ذلك الوقت إدارة المجموعة (SBG). ولد أسامة بن محمد بن لادن عام 1957م. حاز إجازة الدبلوم في الإدارة والاقتصاد من جامعة الملك عبدالعزيز وأصبح رجل أعمال نهبيًا وفطنًا. في أيلول 1979م ألحَّ عليه الوصيَّ عليه الأمير تركي الفيصل آل سعود “مدير الاستخبارات السعودية” من العام 1977م حتى يوليو 2001م ليدير ماليًا العمليات السرية التي تقوم بها CIA في أفغانستان. “وفي غضون عشر سنوات وظفَّت CIA ملياري دولار في أفغانستان لإفشال الاتحاد السوفيتي، وجعلت من هذه العمليات الأكثر كلفة من بين العمليات التي التزمت بها وجندت الاستخبارات الأمريكية والسعودية الإسلاميين فأعدتهم، ومدَّتهم بالسلاح والمال وتلاعب بهم بفكرة الجهاد والحرب المقدسة ليحاربوا السوفييت، وكان أسامة بن لادن يدير حاجات هذا العالم الشاذ في سجل معلوماتي يسمى القاعدة”.
وبعد هزيمة الاتحاد السوفيتي، فقدت الولايات المتحدة الأمريكية اهتمامها تمامًا بمصير أفغانستان التي وقعت في أيدي قادة حرب والمجاهدين الذين جندوهم في مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي لمكافحة الجيش الأحمر. ولعل أسامة بن لادن لم يعد يعمل لصالح الـCIA واستعاد محاربيه ليعملوا لصالحه، ولعله اقترح في العام 1990م على المملكة السعودية وضع رجاله في خدمتها من أجل إخراج الكافر العلماني صدام حسين من الكويت حسب وجهة نظره. ولعله لم يُحبذ تفضيل الائتلاف الذي كان يقوده الرئيس بوش الأب ووزير الدفاع آنذاك ديك تشيني ورئيس هيئة الأركان المشتركة آنذاك كولن بول.
وسرعان ما أنقسم الإسلاميون إلى معسكرين يصنفان حسب انتماءاتهما إلى حلفاء الأمريكيين والسعوديين أو إلى أعدائهم.
وجد أسامة بن لادن نفسه في المجموعة التي يقودها الزعيم السوداني حسن الترابي وينتمي إليها ياسر عرفات، واشتركا معًا في مؤتمرات عربية وإسلامية شعبية في الخرطوم.
“وفي العام 1992م قامت الولايات المتحدة بإنزال في الصومال الواقعة تحت انتداب منظمة الأمم المتحدة من أجل استرداد الأمل، راح بعض القدماء الذين حاربوا في أفغانستان يطلقون النار في وجه الـGIS وشاركوا في عملية لاقى ثمانية عشر جنديًا أمريكيًا مصرعهم خلالها”. وأعلن بن لادن مسئولاً عن الاشتباكات الدائرة، فحزم الجيش الأمريكي أمتعته وتصوَّر الجميع أن بن لادن هزم الأمريكيين بعد انتصاره على السوفييت.
انتزعت الجنسية السعودية من أسامة بن لادن فأستقر به الأمر في السودان. “قطع علاقته بعائلته ونال حصته من الميراث تقدر بثلاثمائة مليون دولار، فاستثمر هذا المبلغ في تأسيس عدة مصارف وشركات محلية غذائية وزراعية للتوزيع، طوَّر شركات مختلفة في السودان بمساندة الكولونيل عمر حسن البشير أولاً وحسن الترابي ثانيًا فأنشأ مطارًا وطرقات وخط أنابيب، وسيطر على الجزء الأهم من إنتاج الصمغ العربي. في العام 1996م طرد من السودان، رغم ما حققه من مشاريع مهمة، بعد أن ضغطت عليها مصر التي كانت تتهم بن لادن بتدبير مؤامرة لاغتيال الرئيس حسني مبارك، فعاد إلى أفغانستان”.
في حزيران 1996م لقي تسعة عشرة جنديًا أمريكيًا مصرعهم في هجوم شُن على القاعدة العسكرية في الخُبر بالمملكة العربية السعودية، فاتهمت الولايات المتحدة أسامة بن لادن بأنه أمر به، وفي ردّ له على هذا الاتهام، دعا بن لادن إلى الجهاد ضد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في رسالته الشهيرة “أطردوا المشركين من شبه الجزيرة العربية” واستعان من جديد بالحجة نفسها التي استخدمها ضد وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA في أفغانستان، أن تحرير أراضي المسلمين المحتلة لواجب مقدَّس على كل مسلم، إلاَّ أن من الصعب مقارنة الاحتلال السوفيتي الدموي لأفغانستان بالإنشاء المتعاقد عليه للقواعد العسكرية الأمريكية في المملكة العربية السعودية.
ونظرًا إلى أن الملياردير لم يلاقِ الصدى المرجو في الأوساط الإسلامية الشعبية، “أسس بن لادن في العام 1998م بمشاركة الزعيم المصري أيمن الظواهري الجبهة الإسلامية العالمية ضد اليهود والصليبيين”. وفي السابع من آب 1998م أدت الهجمات على السفارتين الأمريكيتين في دار السلام ونيروبي إلى تدميرهما تدميرًا كاملاً وإلى حصيلة تُعدُ 298 قتيلاً وأكثر من 4500 جريح. اتهمت الولايات المتحدة أسامة بن لادن بأنه أمر بتنفيذها، فأمر الرئيس بيل كلينتون حينها بإطلاق خمسة وستين صاروخ قرصنة على المعسكرات في جلال أباد وخوست “أفغانستان” وعلى مختبر الشفاء “السودان”.
وفي الثاني عشر من تشرين الأول 2000م وقع انفجار استهدف الموقع المتفجر مما أدى إلى تضرر المدمرة الأمريكية يو – أس – أس كول U.S.S COLE في ميناء عدن “اليمن” وإلى مقتل 17 بحارًا أمريكيًا وجرح 39 آخرين. اتهمت الولايات المتحدة أسامة بن لادن بأنه أمر بتنفيذه.
وفي الثامن من أيار 2001م كشف رونالد رامسفلد عن أن عدو الولايات المتحدة الأول المعروف الذي يملك مسبقًا أسلحة جرثومية وكيميائية، على وشك أن يجمع قنبلة ذرية ويطلق قمرًا صناعيًا.
“ومهما يكن من أمر اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية أسامة بن لادن بأنه أمر بشن هجمات 11 أيلول 2001م إزاء ارتياب الحكومات في العالم.
وفي العاشر من تشرين الثاني كشفت مجلة Sunday Telegraph عن وجود شريط فيديو يعلن فيه أسامة بن لادن عن مسؤوليته عن تلك الهجمات. ولعله لن يكون هناك أي مجال للشك في أن يكون أسامة بن لادن مذنبًا في هجمات أيلول إذ يمكن أن يكون اعترافًا أيضًا بأعمال لم تقع يومًا. ولكن هل قطع حقًا بن لادن علاقته نهائيًا بالوكالات الاستخبارية الأمريكية وصار عدوًا لأمريكا”.
“أما محمد عطا الذي يتهمه مكتب FBI بالعمالة للقاعدة التي قادت فرق الطيارين الانتحاريين في هجوم 11 أيلول وباستخدام حسابه المصرفي لتمويل العملية، فقد كان عميلاً للاستخبارات الباكستانية ISI التي لطالما اعتبرت كفرع من وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA”.
“وفي تموز 2001م حول الجنرال أحمد محمود مدير المخابرات الباكستاني ISI مئة ألف دولار لحساب محمد عطا في الولايات المتحدة حسب TIME OF INDIA”، ولم تثر هذه المعلومة أي قضية في الولايات المتحدة، بل “كان القرار الأقصى الذي اتخذ هو الطلب من الجنرال محمود أن يتقاعد على أن يعين خلفًا له. فمن جهة ليس أسامة بن لادن عدوًا لأمريكا بل هو عميل لها، ومن جهة أخرى، لم يقطع يومًا علاقته بعائلته التي تشكل شريكًا تجاريًا أساسيًا لعائلة بوش”.
وإذا كان صحيحًا كما يدعي العديد من الرسميين الأمريكيين، أن عائلة بن لادن ما زالت على علاقة بأسامة وأنها لم تكفَ يومًا عن تمويل نشاطاته السياسية، فبذلك تكون مجموعة كارليل “Carlyle Group” التي تدير حسابات مجموعة بن لادن السعودية متورطة في جنح المطلعين لا محالة، ويكون نتيجة ذلك بالتأكيد أن جورج بوش الأب أحد المستفيدين السعداء بحركة البورصة في 11 أيلول، مما يشكل سببًا قويًا يدفع بمكتب التحقيقات الفيدرالي FBI وكذلك الـ Losco إلى عملية إقفال الشق المالي للتحقيق، شعورًا منهم بأن هناك الكثير من التساؤلات التي ستظهر على السطح.
إن هناك كثيرًا من الإشكاليات التي تثيرها أحداث الحادي عشر من أيلول وعلى رأس حربة هذه الإشكاليات: كيف تستطيع الولايات المتحدة البرهنة على أن بن لادن فعلاً يقف وراء هذه العملية، ومن يدري بأن أشرطة الفيديو هذه التي عرضت لم تكون إلا مدبلجة وفقًا للسيناريوهات الأمريكية؟.
وفي هذا الصدد طالبت الكثير من دول العالم الولايات المتحدة الأمريكية بأن تقدم براهينها على تورط بن لادن في هذه الجريمة، وإذا قدمت مثل هذا البرهان، فإنه لن يكون من الصعب حشد دعم ضخم للجهود الدولية، تحت إمرة الأمم المتحدة، من أجل اعتقال بن لادن ومحاكمته ومحاكمة المتعاونين معه.
وليس من المستحيل أن تتخذ هذه الإجراءات بالوسائل الدبلوماسية، كما دلَّ الطالبان على ذلك بوسائل متعددة، ومع ذلك رفضت هذه التحركات باحتقار لصالح استخدام القوة. ومن ناحية ثانية فإن عملية إيجاد الدليل الموثوق ليست عملية سهلة، حتى ولو كان بن لادن وشبكته متورطين في هجمات 11 أيلول الإرهابية، فإن من الصعب إيجاد الدليل الأكيد على ذلك. وكل ما نعرفه هو إمكانية قتل المتورطين لأنفسهم في مهمات مروعة.
وظهرت صعوبة تقديم برهان معقول في الخامس من تشرين الأول عندما أعلن رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير قائلاً: “لا يوجد شك إطلاقًا حول مسئولية بن لادن والطالبان”. وقدم وثائق تعتمد على أضخم التحريات في التاريخ، والتي تجمع جهود جميع أجهزة الاستخبارات الغربية وغيرها. وبالرغم من معقولية الاتهام التي تبدو للوهلة الأولى، والجهد الذي لم يسبق له مثيل لتثبيت هذا الاتهام، تبقى الوثائق هشَّة بشكل لافت للانتباه، وهناك فقط جزء صغير منها، يشير إلى جرائم 11 أيلول وهذا الجزء الصغير لن يؤخذ بشكل جدي إذا عرض كتهمة ضد مجرمي الدول الغربية أو أتباعهم. ووضعت جريدة وول ستريت جورنال “The Wall Street Journal” الوثائق بدقة بأنها: "تشبه التهمة أكثر من أن تكون دليلاً". كما بيّنت الصحيفة بدقة أيضًا مستشهدة بكلام واحد من أرفع الرسميين الأمريكيين الذي قال: "إن القضية الجرمية لا علاقة لها بالموضوع، فالهدف هو مسح بن لادن ومنظمته”. والقصد من التقرير هو السماح لبلير وللسكرتير العام للناتو وللآخرين بأن يؤكدوا للعالم أن البرهان واضح ومقنع.
* عميد كلية الآداب - جامعة عدن
المراجع في الكتاب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى