وكانت جميلة

> عبدالقوي الأشول

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
ربما استمددت عنواني هذا من روائع الأدب اليمني، فحال عدن فيما كانت لها من خصائص جمالية هي من الماضي حتى إن الكثير من الزملاء يطلقون عليه «الماضي الجميل»، فالحال المتغير هو دون ريب سمة حياتية، أو كما يقال هكذا حال الدنيا لا شيء يبقى على حاله إطلاقاً، الا حبنا لهذه المدينة فيكاد يحمل صفة السرمدية عند الاقوام الذين تستقر بهم الحياة على ربوعها، من العامة أعني.. في حين قلب لها ظهر المجن الكثير ممن كانت عدن صاحبة فضل عليهم للأسف، وهذا ما نلمسه عند الكثير من الشخصيات السياسية والرموز ممن يثنون وجوههم عن معاناة أهلها القاسية.
ونحن نستقبل شهر رمضان المبارك للعام الرابع على التوالي وسط ظلام دامس وتحت سطوة حر شديد لم يعد أمامنا مخرج في مدارة هذه الحياة الشاقة التي نعيش فصولها المؤلمة دون رحمة. وهنا أذكر وصف سياسي أو دبلوماسي بريطاني للحال الراهن لعدن حين قال: «إنهم يعيشون في برميل قمامة كبير»، وصف دون شك يرتقي إلى مستوى حالنا القائم جراء غياب النظافة والنظام وضروريات الحياة من خدمات ونحوها.
أعين الآخرين ممن يؤمون عدن تلتقط كل هذه المناظر المؤلمة التي نتعايش معها لأننا ببساطة نعيش في جوف المأساة وهو وضع لا يتيح لنا تصوير ما نحن عليه بدقة، وإلا لما تعايشنا مع هذه الأحوال المتردية البائسة.
كلا.. لم تعد تحرك كوامن إحساسنا أشياء كثيرة كمنظر البؤساء من حولنا، وتلك الوجوه الذابلة جراء سطوة المعاناة الحياتية.. ولا تلك الفوضى العارمة التي ألغت سكينة حياتنا.
يمكننا أن نشتري حاجتنا من النفط من على الرصيف وبأسعار مارثونية نتقبل ذلك حتى مع ما يخالط هذه المادة من غش فاضح يؤدي في أحيان كثيرة إلى عطب مركباتنا.
لا نلتفت إلى مصدر تلك الأعيرة النارية التي تطلق في سماء المدينة وتزهق أرواح الأبرياء، لأنها ببساطة باتت تقليداً في أحزاننا وأفراحنا للأسف.
نمضي عكس السير في شوارعنا، ولا أحد يلتفت إلى القانون، أما الأخلاق فقد تبدو من تقاليد الماضي ايضاً
إرثاً وجدنا ضرورة تجاوزه لنمتلك خصوصية هذا الحاضر المريع الذي نجوب في فضاءاته السحيق على غير هدى.
إثر ما سلف لم يعد يجد من يؤم مدينتنا حالة جمالية تلفت الأنظار.. كل شيء تبدل إلا زرقة بحرنا التي مازالت تحافظ على خصائصها الجمالية.
للعام الرابع على التوالي يرحب أطفالنا ببراءتهم المعهودة بقدوم رمضان، ولكن أيضاً بطريقة تختلف للأسف، أعني تلك المفرقعات النارية التي باتت جزءا من سلوكياتنا العامة، وإلا لما عملنا على إدخالها عبر موانئنا التي تستقبل كل شيء.
مرحب مرحب يا رمضان.. هكذا يردد أطفالنا من وسط ركام النفايات التي تملأ الأرجاء التي يئن في حواريها الموجوعون جراء الأمراض والأوبئة التي يسعى الأهالي لمواجهتها دون جدوى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى