ستنتهي الحرب يوماً ما..!

> ياسين الحميدي

> يوماً ما ستنتهي هذه الحرب، ستنتهي بطريقةٍ أو بأخرى، ستوقفها السماء أو تتخلى عنها الشياطين، لابدّ أن تنتهي، فكلّ الحروبِ التي حدثت في التاريخ انتهت، ولا يوجدُ حرب استمرت إلى ما لا نهاية، ستنتهي الحرب، فعيشوا حياتكم يا رفاق كيفما تيسرت، ولا تُبالغوا في إحباط أنفسكم كثيراً.
لا تتصالحوا مع الخراب، وتمسكوا بنبذ مخلفات الحرب، وبجانب هذا لا تخسروا عافية أرواحكم ولا تسرفوا في القنوط، حافظوا على أقصى قدر ممكن من العيش بحيوية، وأما الحرب لابد أن تنتهي وتلك حتمية ثابتة.
فالحروب بتعبير بسيط مثلها مثلُ المشروبات الغازية لها تاريخ صلاحية وانتهاء، تتصاعد حتى تبلغ ذروة فورانها ثمّ تتلاشى وتنتهي.
ستنتهي الحرب، حين تنتهي صلاحيتها، ولن تنتهي صلاحيتها إلا حينما يستعيد الإنسان صلاحيته، ولن يستعيدَ الإنسان صلاحيته الكاملة إلا حينما يقضي على كلّ طفيليات التاريخ، تلك التي تنخر جسد الشعوب وتقوض إرادة الإنسان، كي تحكمه بالقوة وتعبث بمصيره كيفما شاءت.!
أعلمُ أنكم يائسون من فكرة انتهاء الحرب، لكنها ستنتهي يوماً ما، سواء وثقتم بهذا أو لم تثقوا، ستنتهي الحرب وسنعود لما كنّا عليه قبل اندلاعها..!
سيتعب المتحاربون ويشعرون بالملل من هذه اللعبة الطويلة، ستفقد الحرب إثارتها في خيالهم، وسيترك المتحاربون بنادقهم ثم يعودون للقرى، سيتعبون وسيعود الفلاح للحقل كي يحرثَ أرضه ويستخرج الحب.
راعي الأغنام سيحسّ بحاجته لصعود الجبل، وترديد المهاجل الشعبية على التلال، سيحنّ لوظيفته القديمة، سيتذكر الراعية الحسناء ويغادر الجبهة.
سيقف الجندي في ليلة مقمرة ويسأل نفسه بعد منتصف الليل، ما الذي أصنعه هنا، في هذه الفلاة الموحشة..؟
سيبكي الجندي وحيداً في المتراس، ويتذكر أمه، ثم يهمس: كيف حالك يا أمي في هذه الليلة الباردة، ألم تشتاقين لولدك بعد..؟
وفي الصباح، سيحزم أمتعته ويعود إلى أمه.
سيتذكر الشاب ابنة عمه الوحيدة ويشعر نحوها بالحنين، سيلقي بندقيته ويرحل.
وهكذا، كلّ المقاتلين سيتفرقون بسبب أو بآخر، وستبقى الحرب وحيدة ثم تموت..!
ستموت الحرب.. ستموت..!!
وفي الغد يذهب التلاميذ إلى المدرسة دون خوف، وفي الغد سنسير في شوارع المدن آمنين، نردد الاناشيد كما كنّا نفعل أول مرة، ونكتب الشعر ونمضي في بناء الدولة.
ستنتهي الحرب؛ فلنكن متفائلين إذاً، متفائلين وساذجين؛ كي تنتهي الحرب وما زلنا على قيد الحياة، وما زلنا قادرين على بناءها من جديد..!
ياسين الحميدي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى