انسحاب محامي المتهم بجريمة إنماء بعد تهديده وأسرته بالتصفية

> حاوره - رعد الريمي

>
أثار الترافع عن المتهم الذي قتل د. نجاة وأسرتها ضجة مجتمعية وإساءة بالغة تجاه المحامي محمد العمراوي عبر عدد من المواطنين الذين وجهوا إليه العديد من التهم، وتهديده بعدد من التهديدات الخطيرة أبرزها تهديده بقتله وقتل أسرته.. «الأيام» التقت المحامي العمراوي وأجرت معه الحوار الآتي: 

* المحامي محمد العمراوي، أنت محامي المتهم بقتل الدكتورة نجاة واسرتها.. لماذا قبلت بالترافع عن هذا المتهم؟ وما السبب الرئيس لقبولك الترافع عنه؟
- بسم الله الرحمن الرحيم، أولا أهنئ الشعب بمناسبة شهر رمضان المبارك، وددت أن أصحح أمرا في غاية الأهمية وهو أنني لم أكن محاميا للمتهم مسبقا، ولم أقبل قضيته وإنما تم تكليفي من المحكمة والتي أصرّت على تكليفي بذلك، لأن المتهم لم يكن له على الإطلاق أي محامي دفاع.

المحامي محمد العمراوي
المحامي محمد العمراوي
فالتكليف جاء من المحكمة الموقرة برئاسة قاضي محكمة البريقة أحمد شائف، وكلنا يعلم أن أي تكليف يصدر من القضاء يجب على الجميع أن ينصاع له، فأنا انصعت لقرار المحكمة مبدئيا.
وقبولي للدفاع عن المتهم لا يعني على الاطلاق تبرير الجريمة او التعاطف مع المتهم بل على العكس، تعاطفي الاكبر كان ومازال مع الضحايا الذين راحوا ضحية العمل الاجرامي الذي ارتكبه المتهم في هذه القضية، وكانت جريمة مشهودة ومعروفة ومن السهل اثباتها بكل الطرق.

* قبولك الترافع عن المتهم بحسب قولك كان استجابة لتكليف المحكمة، وقد تسبب قبولك بهذا التكليف باضرار مجتمعية بالغة جدا طالتك من قبل متعاطفين على مواقع التواصل الاجتماعي لكون القضية قضية راي عام بامتياز؟
- لأن القضية قضية رأي عام بامتياز تعاطفنا معها، فأنا نفسي واسرتي والمجتمع وكل المحيط الذي أعيش فيه متعاطفون جدا مع الضحايا ومستنكرين جدا الجريمة البشعة لكن مسألة ان المحاكمة تكون بدون محامي للمتهم فهذا يعني ان ثمة ضرر كبير على المجتمع اكثر مما هو ضرر على المتهم.

المتهم مصيره معروف وهو القتل وخاصة انه قتل اكثر من شخص، وفقاً للمادة 234 التي تقضي بإعدام القاتل تعزيرا وليس قصاصا والتي تنص على أن «من قتل شخصا أو اكثر فهو قتل أكثر من شخصين، وبالتالي فالجريمة جريمة يعزر فيها المتهم بالقتل حتى بدون طلب أولياء الدم».. ولان الجريمة جسيمة لا يمكن للقاضي ان يقوم بالإجراءات في ظل فقدان ركن من اركان المحاكمة العادلة، وهو تنصيب محامي دفاع عن المتهم والتي تعتبر من اركان المحاكمة العادلة، فاذا كان هناك قضاء وادعاء بدون دفاع للمتهم فهنا فقدنا احد اركان المحاكمة العادلة ولهذا عندما تقوم المحكمة بواجبها وفقا لنص المادة 48 من الدستور وفقاً لنص المادة 8 و 9 من قانون الاجراءات الجزائية والمادة 181 و 177 من نص قانون الجزائية، فإننا نقوم بتنفيذ القانون وانفاذه بضرورة وجود محامي للمتهم، ولا يعني ذلك على الاطلاق انحياز المحكمة على الاطلاق، بل تنفيذ القانون وإصلاح الإجراءات. 

* البعض يعرف العمراوي كمحامي حاضر في الساحة القضائية خاصة ان للعمراوي ملفا جيدا في قضايا مجتمعية غير ان المجتمع لم يتقبل ان تترافع عن قاتل فيما رأى عدد من المواطنين في قبولك للتكليف مجازفة.  
- هنا لابد أن نوضح أمر في غاية الدقة وهو اما ان الجميع ينصاع لقرارات القضاء ويحترمها او أنه لا ينصاع لقرارات القضاء ولا يحترمها، انا بحكم عملي الطويل في القضاء كمحامي التزم بقرارات القضاء ومن حقي الطعن ومن حقي الرفض، وأنا قبلت التكليف لحماية الحقوق الإجرائية.

وهنا اسمح لي أفصل بشكل اوسع وهو أن هناك فرقا بين الحقوق الإجرائية والحقوق الشرعية، الحق الشرعي المتهم معترف بجريمته والرجل يريد ان يتطهر، أما الحق الاجرائي أن تكون هناك محاكمة سليمة اجرائياً تصب في مصلحة الحكم الشرعي، فاذا كان الإجراء باطلا تكون النتيجة باطلة.

 فالإجراء السليم ان يكون للمتهم محامي أمر ضروري جداً، فاذا لم يحدث ذلك سيعاد الملف من المحكمة الاستئنافية وان مررت المحكمة الاستئنافية سيذهب إلى المحكمة العليا وهي محكمة أوراق، ومحكمة الاوراق ستجد أنه لم يكن للمتهم دفاع لا في النيابة ولا أمام مأمور الضبط القضائي ولا أمام المحكمة الابتدائية ولا أمام المحكمة الاستئنافية إذاً أحد أركان المحاكمة العادلة وجود الدفاع، وهنا انعدم سير كل الاجراءات، لذا ستعاد القضية من المحكمة العليا وهنا سيقع الضرر على المجتمع واولياء الدم، وستزداد معاناتهم في اعادة المحاكمة.

وأود أن اوضح أن القضية قضية رأي العام الأمر الذي استدعى وزير العدل القاضي جمال محمد عمر وعضو مجلس القضاء الأعلى القاضي قاهر مصطفى لأن تسير هذه القضية بشكل استثنائي وسريع بخلاف القانون في ظل الإجازة القضائية.. وبما لوزير العدل ولنائب استئناف عدن من صلاحيات في سير بعض القضايا أثناء الاجازة القضائية فإنهم وجهوا بشكل استثنائي ان تكون اجراءات المحاكمة في شهر رمضان المبارك رغم أنه شهر اجازة، وسخرت لها عضو نيابة وقاضي وأمانة سر وتم تكليف محامي أثناء إجازته، والمحامي رغم استجابته لهذا الامر من اجل المجتمع لكن للأسف الشديد هو الوحيد الذي تم مهاجمته بشكل لا يمكن السكوت عنه.

* قبولك التكليف من المحكمة اضرر بك وهيج عليك الناس ووصلت الأضرار إلى تهديدك وتهديد أسرتك.. هل يمكن ان تطلعنا على مجمل هذه المضايقات؟
- للاسف البعض لا يفقه الأمور القانونية.. وإن كان تكليف القاضي أو أن الأمر لا يحتاج لمحامي لما كان القاضي كلفني رسميا، لكن الاضرار التي أتتنا من هذه القضية للاسف الشديد كانت غير مقبولة وغير متوقعة وغير معقولة والبعض أخرجنا من الملة وقال عني يهودي والبعض الآخر هدد أولادي بالقتل وآخرون قالوا عني خبيث، والبعض قال عني نذل ومنهم من قال عني فاسد، وهنا انا لا أبرر أقوالهم ولا افعالهم لكونهم متعاطفين كثيرا مع المجني عليهم والضحايا، فنحن كلنا كمجتمع متعاطفون، ولكن أن يصل الامر إلى حد الشتيمة والتهديد بالقتل والوصول إلى أسرتي، فهذا شيء مؤسف. 

 في الاساس انا كنت ادافع عن مصالح المجتمع في هذه القضية ولست ضد المجتمع، لكن اذا كان هذا المجتمع لا يفهم مقاصدي الإيجابية والخيرة ويراني رجلا شريرا فلتجري وقائع المحكمة وعلى  المجتمع تأدية واجبه وتوفير محامي آخر أو أن تمضي المحاكمة بدون محامي ولعل وعسى أن تقبل المحكمة الاستئنافية بهذه الامور ويصدر الحكم ويتم تنفيذه.

 لست ضد تنفيذ الحكم ولست ضد القصاص، لكن أنا ضد من يقوم بالتهديد ضد من يقوم بسبي وشتمي وضد تعريض أسرتي وزوجتي واطفالي للخطر بالتهديد، بالرغم من أنني في عملي هذا توخيت أن يكون الخير للمجتمع والتسريع في المحاكمة كمحاكمة عادلة والخروج من مأزق عدم وجود محامي للدفاع عن المتهم وأنا قبلت التكليف بناء على طلب زميلي المحامي السابق ياسر أمذروي بناء على تكليف من السيد وزير العدل،  وأكيد أن هناك تكليفات من النيابة ومجلس القضاء والنقابة وإن كانت غير مرئية لكن اذا كانت هذه التكليفات ستعرض حياتي وحياة أسرتي للخطر فأنا في غنى عن هذا التكليف، ومن حقي ان احمي اسرتي وبالتالي انسحب من القضية.

* هل هناك ضغوط سياسية بتكليف العمراوي لهذه القضية؟
- لا يمكن على الاطلاق لأي أحد ان يضغط علي سياسياً، كل من تواصلوا معي كانوا في غاية اللطف من الناس الذين يفهمون، اذكر منهم على سبيل المثال الاخ عميد كلية الحقوق، وبصدق لم تحصل أي ضغوطات بل على العكس، غير الضغط النفسي الذي حصل لي بسبب الهجمة الشرسة غير المنطقية وغير المبررة وغير القانونية والتي حدثت وللأسف من الكثيرين الذين لا يفقهون شيئا في القانون، وهذا الشيء سيضر بالقضية أكثر مما ينفعها.

 وللعلم، إن اردت كمحامي دفاع أن اماطل أو أميع القضية لطلبت جملة من الإجراءات وهي في الأساس من حقي قانونيا كطلبي من المحكمة اولاً الجلوس مع موكلي كما سأطلب من المحكمة تصوير الملف ودراسة الملف، ومن ثم بعد دراسة الملف أطلب فرصة لقراءته ومن ثم فترة لتجهيز دفعي، لكنني قطعت مراحل كثيرة  واجلس لمدة عشر دقائق أو خمس دقائق مع موكلي فقط لان الامر مفروغ منه، لكن للأسف هناك عن حسن نية من قام بمهاجمتي ومهاجمة اسرتي والمساس بي وهناك من هم مستقصدون مهاجمتي عن سوء نية لغرض نشر البلبلة في المجتمع وتصوير القضاء انه قضاء ظالم. 

* انت اليوم وصلت لقرار أخير وقرار مفاجئ وخاصة أنك تعلن وبشكل خاص لصحيفة «الأيام» وقبل ليلة من موعد الجلسة الانسحاب من القضية..

-  أنا بالفعل اتخذت هذا القرار بعد دراسة متمعنة والجلوس مع النفس ووصلت لقناعة أن هذه القضية إن كانت أضرت بأسرة فلست على استعداد لأن أضر بأسرتي، والمجتمع سيتفهم موقفي، وحتى أولئك الذين هاجموني وبشكل كبير جداً ووصلوا بهم الحال إلى المساس بي، أقول لهم طالما وانتم تروا انني شرير بسبب قبولي بالترافع عن المتهم في هذه المحاكمة فأنا أنسحب.وللعلم، البعض ترك المتهم وهاجمني شخصيا، فاذا رأيتم انني شرير فانسحب، وبانسحابي سأكون الطيب والخيّر، ولتكونوا أنتم افضل مني وتقدموا للمحاكمة أفضل مما قدمت. وهنا سنرى ما لو كانت المحكمة ستأخذ بالاعتبار الرأي العام والرأي الفسبوكي الذي أساء لي.

 وأنا الآن أعلن عبر «الأيام» صحيفة كل المواطنين وكافة أطياف النسيج الاجتماعي العدني والوطني في بلادنا بأنني أعلن انسحابي من هذه القضية لما لحق بي من ضرر جسيم.
حاوره - رعد الريمي 

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى