لحج.. متى يتيح لها الزمن كي تقوم بدورها الريادي

>
عياش علي محمد
عياش علي محمد
لحج ذات الثراء الأدبي والزراعي والتاريخي تعيش حالة انزواء قصري، جراء عدم احترام تحضرها وتقدمها الاجتماعي أمام مديريات لا زالت تحبو في تحضرها ، وتحاول تأخير تقدمها لكي تسبقها في تلقي المناصب التنفيذية في المحافظة لحج، وتحرم لحج من ممارسة دورها الحضاري في قيادة العمل السياسي والاقتصادي.

وفي ظل السيطرة الكاملة للأواصر القربي، والتماسك الجهوي، يتناسون حق أبناء لحج في الحصول على نصيبهم من الميراث السلطوي، والإداري في إدارة دفة محافظتهم بلقيمات من الأجهزة الإدارية، ويحاولون تحويلهم إلى (كتبه) و(باطوالات) وهم أسياد العلم والفكر والأدب وغيرهم (صفر) على مر التاريخ.

وأمام هذه الوضعية، والتكون الحضاري والمدني التي عاشتها لحج منذ أقدم الأزمان، رأى أحد شعراء لحج الشعبيين أنه بسبب هذه الميزة المثلى التي تملكتها لحج، عجزت عن مسايرة العقلية التي تنتمي إلى العصور الوسطى، وتحت وابل التهميش لأبناء لحج حط الشاعر الشعبي غضبه على لحج وقال فيها:

يا لحج بالش حريق والا يشلش واد
تاريخ عشرين جماد يصبحش حيث لا عاد
ورثى شاعر لحجي اخر بلاده، حين رأها مشغولة بالفكاهة والسلا، وغير متيقظة لما يحاك ضدها ممن يريدون النيل منها، وحين رأى أن سكان لحج الذين أجبرتهم الحياة الرغيدة والزراعة التليدة والمياه النقية، والحالة الأمنية المستقرة، وبعد أن شبعوا من خيرات بلادهم، لم يهاجروا إلى الخارج بل أسرفوا في قول الشعر والادب والفن، وتسلطنوا بالدعابة والفكاهة والسلا، حتى نبههم ذلك الشاعر بالقول:

يا لحج بعد السلا با ترجعي تبكي
وين عادش باتشتكي من حكم زيدي وتركي
وعندما ذهبت تقاليد المروءه والشرف والتواصل الاجتماعي ومساعدة القوي للضعيف، والغني للفقير، وضاع الضمير، والثقة بالنفس وحلت محلها الانتهازية والاطماع وشراء الذمم وأكل السحت، واغتصاب الارض، وحب الثراء المستعجل، قال الشاعر اللحجي عنها وهو يتألم على حالة لحج الغريبة عليه:

يا لحج مايسكنش إلا غزير المال
والا بديع الجمال وكل زنديق محتال
لا بأس من ذلك، فقد توطنت في لحج الكثير من الجنسيات والأصول، واستعمرتها دول أجنبية، لكن الحال ظل كما هو يحكم لحج أبناء لحج، ويديرون حياتها بالتقاليد الحضرية التي ورثوها من أجدادهم. لكن بعد خروج سلاطين لحج من جزيرتهم وجاء الاستقلال المجيد 1967م، لم يجد أبناء لحج أنفسهم يديرون واحتهم الغناء، جاءتها أقوام  لا يعرفون من حال الدنيا إلا القنص والتباهي بالسلاح والقتال، فخسرت لحج سنوات طويلة من عمرها الزاهر، ووصلت إلى أن تكون أداة مسحوبة من عنقها، تنقاد بأوامر الراعي الحصيف!! ولم تجد لنفسها نصيبا في الحكم لا محافظاً ولا وكيلاً ولا مديراً عاماً.. هذه المناصب أصبحت بعيدة عن العين وطويلة عن اليد.

حتى أن اثنين من كوادر لحج لم يسلما من ممسحة المحافظ السابق الذي أقالهما من منصبيهما وهما الدكتور هشام محسن السقاف كمدير عام التربية والتعليم، والدكتور الكبير عمر زين السقاف مدير عام الصحة في لحج، وبدون سابق معرفة بهما وبكفائتهما.. والثالث معهم كاتب هذه المقالة الذي لم ينل أي أهمية أمام المحافظ السابق ولا بكفائته كرجل التخطيط الاقتصادي وهو المجال الذي يهم الاقتصاد الكلي في كل البلاد.

وفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي الرجل الحكيم في هذه البلاد يعرف ذلك ولديه المعرفة التامة بأوضاع لحج وأحوالها.. ولدى الناس في لحج أمل فيه، في أن يعطي اهتمامه الخاص لكوادر لحج الصحية والمهنية والإدارية، وأن يوجه فخامته لحل مشكلة المشردين من الحرب والذين تخربت بيوتهم ودمرت بفعل الحرب بأن يجدوا بيوتهم وقد عمرت وشهداءهم قد عوضوا، ومواساة الثكالى ماديا ومعنويا.

ومع ذلك لا يزال الأمل قائماً حين تفاءل أحد الشعراء والشباب وهو «عبدالناصر غيرم» الذي شطب كلمة البكاء عن لحج، وقال إن لحج بعد الشكاء والبكاء سوف يتيح لها الزمن بأن تستعيد ذكرياتها ومن فطرتها على ممارسة الفكاهة والسلا.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى