سيناريو سير ألوية العمالقة الجنوبية في الشمال

> تقرير / وهيب الحاجب

> انتصارات عسكرية حقيقية وتقدم على الأرض تحققه ألوية العمالقة والمقاومة الجنوبية بتشكيلاتها كافة في جبهة الساحل الغربي، إذ وصلت مساء أمس مشارف مدينة الحديدة ولم تفصلها سوى معركة لن يزيد وقتها عن ساعة واحدة لإسقاط المدينة.
استعادة مركز محافظة الحديدة والسيطرة على مينائها، الذي يغذي حرب الانقلابيين، مشروع جنوبي بدأ منذ نحو سنتين عندما أطلق نائب رئيس هيئة الأركان العامة الشهيد أحمد سيف المحرمي معركة (الرمح الذهبي) من باب المندب، والتقدم غربا نحو الحديدة بدعم وغطاء جوي من قوات التحالف العربي خاصة القوات الإماراتية فالسودانية لاحقا.

قوات الشرعية اليمنية والوحدات العسكرية التي تدين بالولاء للإخوان المسلمين وتسير وفق أجندات لا تخدم هزيمة الانقلاب.. لم يكن لها تواجد في كل المعارك بجبهات الساحل الغربي بدءا من باب المندب وحتى معارك الأمس على تخوم الحديدة، وبقيت قوات الشرعية تراوح مكانها في جبهات على بعد بضع كيلو مترات من العاصمة المحتلة صنعاء، وكذلك في مأرب والبيضاء وذمار.

ووفقا لمراقبين سياسيين فإن القوات الحكومية المهجّنة من الإصلاحيين وبقايا نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح وبعض التشكيلات العسكرية ذي الولاء القبلي لا تحمل أي مشروع وطني لإعادة الشرعية التي جاء التحالف لدعمها ومساندتها، ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن قوات الشرعية ظلت مخترقة ومجزأة خلال الثلاث السنوات من الحرب.

المراقبون يعزون تأخر الحسم في معظم جبهات الشمال إلى رغبات وقناعات لدى مسؤولين عسكريين ومدنيين داخل حكومة الشرعية وفي مؤسسة الرئاسة اليمنية، إذ يسعون إلى إطالة الحرب وعدم تمكين الرئيس عبدربه منصور هادي من أي نصر قد يعيد رسم خارطة سياسية جديدة لليمن، ومنها مشروع الأقاليم الستة التي تعارضه وتتصدى له غالبية القوى السياسية الشمالية.

ويقول سياسيون إن «المقاومة الجنوبية المدعومة من التحالف العربي هي القوة الحقيقية التي غيرت موازين الحرب على الأرض اليمنية وقبل ذلك في الجنوب، فجعلت المعارك مع الحوثيين متكافئة وتسير بنوع من النظامية، بعد أن كان الحوثيون بدؤوا معاركهم عبثية تسيّرها مليشيات دون اتباع أية تكتيكات كتلك التي تتبعها الجيوش النظامية».

وأضافوا «إن إجبار الجماعات الحوثية على تنظيم سير معاركهم واتباع تكتيكات معينة سهل لقوات التحالف العربي والقوات الجنوبية والتهامية العاملة على الأرض من التعامل مع الحوثيين ومواجهتهم بشكل أسهل وأقوى سيؤدي في نهاية المطاف إلى هزيمتهم».

مصادر ميدانية في ألوية العمالقة الجنوبية أكدت غير مرة أن قوات التحالف العربي أسندت لها مهمات قتالية للتقدم نحو الحديدة وتحييد قوات العميد طارق صالح (حراس الجمهورية) عن الجبهات التي تتطلب حسما عسكريا سريعا أو مواجهات يرى التحالف أن تضحياتها ستكون كبيرة وخسائرها مؤلمة على أية قوة مهاجمة، لا سيما بعد أن فشلت (حراس الجمهوري) في أول نزال مع الحوثيين، التي تكبدت فيه عشرات القتلى، وأهدت فيه الحوثيين عشرات الدبابات والمدرعات التي تركها جنود طارق خلفهم.

بعد أول تجربة فاشلة لحراس الجمهورية تقدمت ألوية العمالقة الجنوبية والمقاومة التهامية إلى خطوط التماس مع الحوثيين في مناطق ما بعد حيس وعلى مشارف مركز محافظة الحديدة بدعم جوي من طيران التحالف العربي ومشاركة برية من القوات السودانية، فيما تراجع طارق وجنوده إلى معسكر خالد بن الوليد الذي حررته المقاومة الجنوبية قبل نحو تسعة أشهر، لتبقى (حراس الجمهورية) في موقع الدفاع وكقوات دعم وإمداد واحتياط.

حرب الثلاث سنوات التي شهدتها جبهات الساحل الغربي غاب عنها تماما أي تواجد لقوات الشرعية اليمنية (القوات الحكومية)، ولم تزج الحكومة اليمنية بأي لواء عسكري من قوام الجيش اليمني المعروف قبل بدء الحرب مع الحوثيين، وبحسب ما ذكره لـ «الأيام» قائد عسكري فإن الألوية التي تتصدر المعارك هناك تشكلت جميعها خلال فترة الحرب من قيادات عسكرية جنوبية وأخرى سلفية من أبناء الجنوب.

التحالف -وفقا لمحليين استراتيجيين- يراهن في تحرير الحديدة وإسقاط مينائها على القوات الجنوبية، وهو ما يبدو أنه مخطط استراتيجي تسير عليه دول التحالف منذ بدء (الرمح الذهبي) في باب المندب، ويشير هؤلاء المحللون إلى أن التحالف لا يريد تمكين الشرعية اليمنية من الحديدة أو تسليم مينائها لقيادات غير موثوق بها أو متعاطفة ومتواطئة مع جماعة الحوثي، خاصة الإخوان وبعض بقايا حزب صالح.

سياسي جنوبي قال لـ«الأيام»: «إن القيادات العسكرية الشمالية التي تسيطر على قرار الرئيس عبدربه منصور هادي لا يسرها أن تسقط الحديدة من سيطرة الحوثيين ولا يسرها أن يحررها الجنوبيون ويفضلون أن تبقى الحديدة تحت قبضة جماعة الحوثي».

وأضاف: «منذ بداية الحرب في ساحل البحر الأحمر حكومة الشرعية والإصلاح ومعظم الأحزاب اليمنية متخاذلون وتآمروا على قيادات الجنوب مثل أحمد سيف المحرمي وعمر سعيد الصبيحي اللذين استشهدا في معارك بالساحل الغربي».
ورجح أن «السيناريو القادم بعد تحرير الحديدة هو إعادة طلائع من المقاومة الجنوبية لتحرير مدينة تعز وتمشيط المناطق والخطوط الرابطة بينها وبين الحديدة وبين بعض مناطق الجنوب لتصفية المنطقة الواقعة من حدود لحج إلى تعز وباب المندب إلى الحديدة، وجعلها منطقة آمنة من الحوثيين.

وأضاف: «بعد ذلك أعتقد أن قوات جنوبية وسودانية وإماراتية ضخمة ستبقى في الحديدة لتأمينها وضمان بقائها محررة، مع التقدم بقوات باتجاه حجة وميدي ثم صعدة».

تحرير الحديدة والسيطرة على الميناء الإستراتيجي والمطار فيها لا يعني بالضرورة هزيمة الحوثيين أو الإعلان عن إنهاء عهد الانقلاب، لكنه ضربة ستشل مقدرات الجماعة وستقطع الشريان الرئيس الذي يعتمد عليه الحوثيون في تغذية معاركهم في كل الجبهات ويعزز مجهودهم الحربي ويطيل عمر الانقلاب.. إسقاط الحديدة لن يضير الحوثيين ما لم يُحيد هذا النصر عن سلطة حكومة الشرعية، ولن يعجّل بزوال الانقلاب ما لم يُستغل عسكريا بعيدا عن مراكز القوى الإخوانية وذي الأجندات المختلفة والمتصارعة داخل الشرعية اليمنية ومؤسسة الرئاسة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى