قرار ترامب بشأن النووي الإيراني وانعكاساته على اليمن وخطط جريفيثس ( 2 - 2 )

> كتب/ مطهر لقمان

> ربطاً بما سبق تناوله في الجزء الأول من هذا المقال (2-1)، بشأن القرار الذي اتخذه الرئيس الامريكي دونالد ترامب في 8 مايو 2018، بالانسحاب من «الاتفاق النووي الإيراني» وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، وعن أهداف إدارة ترامب من هذا القرار، وتقديرات المراقبين حول طبيعة ونطاق التأثير المحتمل لهذا القرار في مشهد صراع النفوذ الإقليمي المستعر في المنطقة العربية والأوسطية، وصولاً إلى بعض ملامح التصعيد العسكري والسياسي الحاصل حالياً في الساحة اليمنية.. سنتناول في هذا الجزء (2-2) بعض انعكاسات قرار ترامب على خطط عمل المبعوث الأممي إلى اليمن السيد مارتن جريفيثس لإحياء عملية السلام في اليمن التي أفصح عنها أمام مجلس الأمن الدولي في جلسته المنعقدة بتاريخ 17 أبريل 2018.

الإستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه إيران
بعد مضي ثلاثة عشر يوما على إعلان ترامب قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي الايراني في 8 مايو 2018، ظهر وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو في 21 من الشهر نفسه، من على منصة قاعة الصحافة في وزارة الخارجية الامريكية، معلناً تفاصيل الإستراتيجية الأمريكية ضد إيران لمرحلة ما بعد انسحاب واشنطن من النووي الإيراني.

وتضمنت هذه الاستراتيجية مجموعة واسعة من العقوبات الاقتصادية المشددة ضد إيران، والتي كما وصفها بومبيو «بأنها ستكون غير مسبوقة في التاريخ»، وقد أتت هذه العقوبات مقرونةً باثني عشر مطلباً. وحسب بومبيو «إذا قبلت ايران بهذه المطالب فإن الولايات المتحدة ستكون منفتحة للحلول الدبلوماسية معها».

وبرغم أن الوزير بومبيو قد تعهد بالعمل عن كثب مع وزارة الدفاع (البنتاغون) وحلفاء امريكا الإقليميين لردع أنشطة إيران في المنطقة.. إلا أن ما يُفهم من زوايا هذه الاستراتيجية هو أن إدارة ترامب تضع رهاناتها في هذه المرحلة على الحرب الاقتصادية.
في مقابل ذلك كان رد الجانب الإيراني هو الرفض القاطع لجميع المطالب، الاثني عشر، التي تضمنتها هذه الاستراتيجية الأمريكية الجديدة الموجهة ضدها، وأعلنت على لسان أكثر من مسئول في إيران عدم رضوخها لهذه الضغوط الأمريكية، وهددت بالخروج من الاتفاق النووي إذا لم تتمكن الدول الاوروبية إضافةً الى روسيا والصين من ضمان مصالحها المنصوص عليها في الاتفاق النووي الموقع معها عام 2015.

وثيقة إحاطة جريفيثس أمام مجلس الأمن
بالعودة إلى محتوى وثيقة الإحاطة التي قدمها المبعوث الأممي إلى اليمن أمام مجلس الأمن الدولي في جلسته المنعقدة بتاريخ 17 أبريل الماضي، حول نتائج لقاءاته مع أطراف الصراع في اليمن، وما تبلور لديه من تصور لمسارات العمل التي من الممكن أن تقود الى وقف الحرب وبناء السلام في اليمن.. نجد أن من بين أهم النقاط التي تضمتها الوثيقة:

 - أنه لمس من الرئيس هادي وحكومته استعدادهم لوضع هموم الشعب اليمني في الصدارة، وأن الرئيس هادي وحكومته لم تدخر جهداً لفهم مواقفها واستعدادها للانخراط في جهود الأمم المتحدة.
- أنه متشجع كثيراً من نتائج لقاءاته مع قيادة حركة انصارالله في صنعاء، التي أكدت له أنها تريد إنهاء الحرب وأنها سوف تتعاون مع الأمم المتحدة لتحقيق ذلك.

- أنه لم يتسن له زيارة الجنوب بعد، ولكنه قد بدأ اللقاء بالمجموعات الجنوبية، وأكد أنه لن يكون هناك سلام في اليمن إذا لم يُستمع إلى أصوات الجنوب والتأكد من مشاركتها في الترتيبات السياسية التي تنهي الحرب.  
- أن حل الصراع في اليمن يمكن أن يأتي فقط من خلال اتفاق يُبرم بين قادتها على تنحية خلافاتهم جانباً، والاتفاق فيما بينهم على التعاطي مع بعضهم البعض ليس من خلال الاقتتال بل عبر الحوار والنقاش.
- أن الحل السياسي لوضع حد لهذه الحرب هو فعلياً متاح.

- يتعين علينا (مخاطباً المجتمع الدولي) في المقام الأول تحويل طاقاتنا صوب العمل لوقف هذه الحرب.
- أن التوصل إلى تسوية سياسية عن طريق الحوار الشامل بين اليمنيين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع اليمني ومعالجة الأزمة الإنسانية القائمة.
- أنه يتعين على جميع أطراف الصراع التخلي عن الشروط المسبقة لإجراء المحادثات.

- أن بناء السلام سيكون مهمة كبيرة، تستند إلى سوابق مختلفة ومشاركة أوسع، وسيكون الحوار الوطني بسجله ذي الشمولية والمشاركة المدنية سابقة حاسمة.
- أن جدول أعمال الانتقال من مرحلة الحرب إلى مرحلة بناء السلام سيشمل: المصالحة، المراجعة الدستورية، إعادة الإعمار، وإعادة بناء مؤسسات الدولة.
- أنه يعمل حالياً في إعداد الإطار التفاوضي، وأنه سيقدمه إلى مجلس الأمن خلال شهرين (أي في منتصف شهر يونيو القادم).

الانعكاسات المحتملة على خطط جريفيثس
عند مقابلة مكنون هذه النقاط التي تضمنتها وثيقة الإحاطة، بمجريات  الاحداث المستجدة  في مشهد الصراع «اليمني والاقليمي» التي اعقبت 17 ابريل 2018، وما يمكن ان تُفضي اليه تطورات هذه الاحداث حتى «منتصف شهر يونيو القادم» وهوالموعد المفترض لتقديم المبعوث الاممي الى مجلس الامن الدولي تصوره النهائي للإطار التفاوضي لإحياء عملية السلام في اليمن.. نستنتج ان هذه الاحداث لاشك ستفرز العديد من التعقيدات أمام السيد جريفيثس، ومنها:
- حدوث تغيرات في ميزان حسابات الربح والخسارة والحرب والسلم لدى بعض اطراف الصراع - سواءً محلية أو اقليمية - وبالتالي مواجهة مشقة كبيرة في المرحلة القادمة لإحضارها الى طاولة المفاوضات.

- مايترتب على حتمية مشاركة الجنوب ممثلاً في ابرز الكيانات الجنوبية اليوم وهو «المجلس الانتقالي» في أي ترتيبات سياسية قادمة، من صعوبات في الاتفاق مع الرئيس هادي وحكومته على طريقة تمثيل الجنوب في طاولة المفاوضات، وفي تسمية الطرف الذي سيمثل الجنوب.

- تعثر خطوات بناء الثقة التي سبق للمبعوث الاممي ان أعلن عنها، ومنها فتح مطار صنعاء والافراج عن المعتقلين، وبالتالي كيفية إعادة إحياء وتفعيل مثل هذه الخطوات.
- كيفية التعامل مع الوضعية التي يمر بها المؤتمر الشعبي العام في هذه الآونة، من حيث تحديد من هي القيادة المخولة قانوناً لتسمية ممثلي المؤتمر في جولة المفاوضات القادمة، باعتبار المؤتمر الشعبي العام من الاطراف السياسية الفاعلة والاساسية في الساحة اليمنية التي لايمكن تجاوزها في أي ترتيبات قادمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى