تطورات جداً متسارعة على الصعيد العسكري، وانتصارات نوعية على إحدى أهم الجبهات القتالية التي طالما دفعت مليشيات الحوثي بنوعية المقاتلين والأسلحة إليها باعتبارها المتنفس الوحيد الذي تعتمد عليه طيلة سنوات الحرب.. بل إن المليشيات خسرت في تلك الجبهة أبرز قياداتها السياسية والعسكرية، إلا أن إمكانيات المقاومة والتحالف أظهرت في نهاية الأمر حجم الفارق الذي لا يمكن لتلك المليشيات تجاوزه من المنظور العسكري حتى مع محاولاتها المستميتة التي ربما كلفتها خسائر فادحة في ظل ما تعاني منه من وهن واضح، بالإضافة إلى أن منطقة الساحل عموماً والحديدة بصورة خاصة لا تمثل بيئة حاضنة للحوثيين مطلقاً.

 عموماً، بعد سنوات من الحرب بلغت قوات المقاومة بإسناد التحالف إلى تحقيق ملامح انتصار واضح يمكنه أن يشكل بداية النهاية للحرب وفق توقعات المحللين المتابعين للوضع.. بل هو نجاح ملحوظ وفق الاستراتيجيات العسكرية التي تعتمد النَفَس الطويل والضغط المستمر في نطاق جبهات تشكل أهمية للطرف الآخر بمستوى ما هي عليه أهمية محافظة الحديدة الساحلية التي يقع فيها أهم المنافذ البحرية والجوية التي هي بمثابة الحبل السري الذي يغذي الانقلابيين على مدى سنوات مضت.

إلا أن فكرة التعاطي مع نشوة الانتصارات ينبغي لها أن لا تكون تكرارا لما كان عليه الحال في المناطق المحررة سابقاً والتي شابها الكثير من الأخطاء وعدم وضع الحسابات المسبقة في كيفية إحكام السيطرة وتأمين الجوانب الأمنية ومن ثم تطبيع حياة السكان في تلك التجمعات السكانية الكبيرة. ما يعني أن الأخطاء في مثل تلك المسارات يمكنها أن تجهض نجاحات المقاتلين بما تحقق.

 الحديدة - دون شك- منطقة واسعة مفتوحة، ما يعني أن تعزيز أي نجاحات عسكرية فيها لابد أن يقترن بجملة معالجات حاسمة تتجاوز أخطاء الماضي تماماً، آخذين في الاعتبار أن ما تحقق من نصر لم يأتِ إلا بعد تضحيات جسيمة قدم فيها خيرة الرجال أرواحهم رخيصة في سبيل تجاوز ما فرضت على اليمن من أوضاع وتدخلات استهدفت هذا الجزء الأكثر أهمية في المنطقة العربية، آملين أن يتم تجاوز بعض السياسيين ممن لا يستشعرون المسئولية تجاه تضحيات الآخرين، وأن تذهب الجهود في هذه اللحظات المفصلية الهامة باتجاه وضع حدٍّ للحرب وإطالة أمدها.