زمن الشعارات مضى

>
أحمد عبدربه
أحمد عبدربه
السياسة لها ألف وجه ويبدو أن بعض محترفي السياسة يجيدون تماماً لعبة تغيير وجوههم ومواقفهم وسياساتهم مع كل أزمة تحدث في البلاد، بما معناه: على وزن شعار أحد المشروبات الغازية في بلادنا «لكل ذوق ما يشتهي»، ترى الكثير من هؤلاء لا يغيرون جلودهم ومبادئهم من أقصى اليمين المعتدل إلى أقصى الشمال المتطرف.. أحياناً فجأة وأحياناً بلا وعي أو منطق أو أسباب مقبولة.

هذا ما يحدث الآن في بلادنا ودول أخرى في منطقتنا العربية من خلط للأوراق، لا يدرك هؤلاء أن زمن الشعارات مضى وساد على الساحة في كل أنحاء العالم الواقع بكل ما فيه من قيح وبجميع ما يتضمنه من حقائق قد تكون سعيدة بالنسبة للبعض ومؤلمة بالنسبة للبعض الآخر، نحن من نجيد فن ترديد الشعارات أيام (الرفاق القدامى) شعارات من عبارات جوفاء تسبح في الخيال ويعتبرها الكثيرون نوعاً من المخدر تتعاطاه الشعوب لنغفل عن الواقع أو ننساه على أمل أن يتحقق الحلم أو الشعار (بعد عمر طويل)، كما أقصد في كلامي هذا هو انتصار الواقع على الشعارات.

فمن الخطأ أن يكتفي الشعب - أي شعب - بإطلاق الشعارات الجوفاء نحوه، بهدف صرفه عن الواقع الذي يعيشه، فلا يعقل بالنسبة لشعب يبني مستقبله ليتخلص من واقعه القاسي النكد، أن يرفع له شعاراً يهدد به ما يسمية الأعداء بالويل والثبور، ويؤكد في هذا الشعار على أنه قادر على أن يرمي بأعدائه في البحر، وأيضاً من الخطأ الكبير أن يعبئ البعض فئة من الشعب ضد فئة أخرى تحت شعارات زائفة كاذبة أو يرفع بعضهم شعارات جوفاء حول تراجع الديمقراطية في واقع يقول إن الديمقراطية بخير، ولو لم تكن بخير لما استطاع البعض أن يجاهر برأيه ويتجاوز الحدود أحياناً.

يمكننا القول إن الحاضر ابن الماضي، وشعبنا شعارات في هذا الماضي الغريب.. المهم الآن أن نتعرف على الواقع الذي نعيشه، فهو رفيق الدرب الذي سيصل بنا إلى المستقبل.. بصراحة لا بد أن نفتش بين ثنايا الواقع عن مصلحتنا الحقيقية ونصل إليها في طريق مستقيم، بلا شعارات مرفوعة أو عبارات موضوعة.

بإيجاز.. نحن لا نحتاج إلى فلسفة بقدر ما نحتاج إلى تقدير موقف، نعرف به أين نحن وإلى أين نسير، يجب أن نعترف أن هناك حالة من الأمية السياسية، أو بمعنى آخر أنه ينقصنا التثقيف السياسي، فكل دول العالم الديمقراطية سبقتنا في إدراك أن نقص التثقيف السياسي يؤثر في قدرات السياسيين والمنشغلين بالسياسة من أصغر الكادرات الدنيا حتى أعلاها.

ماذا قلتم؟ هل يمكن أن نفسح المجال أمام الكفاءات والخبرات وأصحاب المواهب، ونودع أسلوب الواسطة والمحسوبية والمناطقية وتفضيل الأقزام وأنصاف الكفاءات في المواقع المهمة؟
الوزارات والمناصب التنفيذية والاقتصادية وغيرها لا تحتاج لأهل الثقة في عصر لا يعترف إلا بالموهوبين، إنها ألف باء التطوير والتحديث والإصلاح المنشود. ​​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى