ما هي المتغيرات السياسية والأمنية في الجنوب بعد تحرير الحديدة؟

> تحليل/ د. مروان هائل عبدالمولى

>
المقاتلون الجنوبيون كشفوا الوجه القبيح لإيران ووكلائها للرأي المحلي والعالمي
 أثبتت المقاومة الجنوبية في الحرب الأخيرة أنها رقم صعب لا يمكن تجاوزه، وإنها أسرع بكثير من خصومها في التكتيكات العسكرية وتبادل المعلومات مع بعضها البعض، حول التغييرات العسكرية بمجرد ظهور أساليب جديدة على أرض المعركة. والمذهل في المقاومة الجنوبية أنها ومنذ بداية العدوان هبت كرجل واحد في كل المحافظات الجنوبية لمواجهة المليشيات الحوثوعفاشية الإجرامية ومن خلفها إيران.. ورغم شحة التسليح وقلة الخبرة العسكرية عند الكثير من أفرادها إلا أنها استطاعت كسر العدوان، وعندما دخلت دول التحالف الحرب ودعمت المقاومة بالسلاح والغطاء الجوي وصل أبطال الجنوب إلى عقر الأفعى في صعدة، وبعدها أخذت المقاومة الجنوبية منحىً جديدا على عاتقها في الحرب، ألا وهو واجب تأمين شبه الجزيرة العربية من أي مد فارسي عبر تنظيف بوابة الجنوب طلوعا باتجاه الشمال من أذرع إيران الحوثوعفاشية الفوضوية الإجرامية، التي حاولت السيطرة على البلاد وعلى الممرات البحرية فيها من أجل تقديمها على طبق من ذهب لأسيادهم في طهران، الذين لم يخفوا فرحتهم بعد دخول قوات عفاش والحوثي إلى عدن ليعلنوا سقوطها كعاصمة يمنية ثانية في أيديهم بعد سيطرتهم على صنعاء، ويا فرحة ما تمت.

هناك أربع دول في المنطقة العربية هي محور اهتمام الإرهاب الإيراني، وتستخدمها طهران كنقطة انطلاق للهجمات على الشرق الأوسط والخليج، وهي اليمن والعراق وسوريا ولبنان.. ونظام الملالي في هذه البلدان يغذي التناقضات الطائفية والميول السلالية، ويقوم بتدريب المقاتلين ومدهم بالأسلحة لنشر الاضطرابات الاجتماعية، إذ استفادت إيران من العلاقات المتوترة بين السنة والشيعة في العراق، حيث دعمت العديد من القوى المتطرفة في المجتمع العراقي، مما أدى إلى صراع واسع النطاق داخل العراق بين عامي 2006 و 2011، وفي لبنان البلد الذي زرعت فيه إيران أول آفة لها اسمها «حزب الله»، يُعد هذا الحزب أحد أقدم أدوات إيران في لبنان والمنطقة العربية، ويتلقى بانتظام الدعم المالي والعسكري من الحرس الثوري الإيراني لكي تشارك هذه اليد القذرة طهران في تجارة وتوزيع وتهريب المخدرات والأسلحة والمرتزقة الطائفيين.

أما بخصوص سوريا، فإيران تستخدمها كممر استراتيجي بين لبنان والعراق لنقل الأسلحة والمخدرات والسلع المهربة لتمويل أنشطة أعضاء الحرس الثوري الإيراني، ودعم مقاتلي الأسد وحزب الله في هذا البلد، إضافة إلى بناء القواعد العسكرية الإيرانية، التي تهدف إلى تقديم الدعم العسكري للأسد، ومحاولة إيران تكملة ربط منطقتين من نفوذها مع بعضهما هما العراق ولبنان.

أما اليمن، فقد كانت من ضمن مناطق النفوذ الإيراني، إلى أن برزت المقاومة الجنوبية، التي كسرت أولى دول النفوذ الايراني وقطعت أيادي وكلائها، وبددت أحلام إمبراطورية الملالي الشيطانية في شبه الجزيرة العربية إلى الأبد. واليمن تعد في سياق أولى المناطق العربية التي خسرتها طهران، وهي مسرح عمليات عسكرية وفيها تدور أشد الحروب في المنطقة منذ إعلان الحوثي بمساعدة عفاش الانقلاب على الحكومة الشرعية في اليمن عام 2014.. وقتل بسبب هذا الانقلاب مئات الآلاف من المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال، في مختلف المحافظات، مصحوب بتدهور حاد في الظروف المعيشية في البلاد وانتشار الأمراض والأوبئة.

اليوم المقاومة الجنوبية قطعت يد إيران في اليمن، وأوضحت للشعوب العربية الأخرى بأن البعبع الطائفي المسمى وكلاء إيران ليسوا سوى نمور من ورق والمعارك شاهدة للمقاومة الجنوبية في الجبال والسهول والصحاري، التي بسببها حولت إيران إستراتيجيتها الحربية في اليمن عبر وكلائها الحوثيين إلى قصف المحافظات والمطارات المدنية السعودية والداخل الجنوبي والشمالي بصورايخ باليستية، أسقطتها جميعا الدفاعات الجوية السعودي والإماراتية. وعلى خلفية هذا القصف العشوائي أدان المجتمع الدولي إطلاق الصواريخ الإيرانية على السعودية، فهذه الصواريخ كانت الصورة الأوضح والأقبح والكاملة للتدخل الإيراني في اليمن، وتعكس بشكل كامل درجة الرغبة الإيرانية في جر المنطقة إلى الحرب لإثبات نفسها كقوة إقليمية، إذ سعت إيران إلى دعم الحوثي وعفاش منذ البداية لتهدد بشكل مباشر أمن دول الخليج العربي، وحولت الأزمة اليمنية إلى أزمة إقليمية ودولية رئيسية، حيث أرسلت طهران إلى اليمن بمساعدة الحرس الثوري الإيراني خبراء ومستشارين عسكريين لإعداد الأجهزة العسكرية والصواريخ وعتاد كبير من الأسلحة الثقيلة، إضافة إلى تكتيك آخر صمم من قبل إيران لتدريب الحوثيين على أنظمة لضرب السفن التجارية في خليج عدن وبحر العرب، وهي الأنظمة التي طبقها الحوثيون في الهجوم على سفينة مدنية إماراتية تحمل مواد غذائية، تبعها هجوم آخر على سفينة حربية أمريكية، أمر بعدها الرئيس الأمريكي بتوجيه ضربة عسكرية ضد الحوثيين في اليمن، الأمر الذي دفع أيضا حكومة الولايات المتحدة للمواجهة مع إيران، التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا، وزادت حدتها بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران وفرض حزمة من العقوبات الاقتصادية أكثر قسوة عليها، ومطالبة الرئيس الأمريكي كل الشركات والبنوك الأمريكية وحلفائه الأوربيين بمغادر إيران ووقف التعامل مع طهران.

تحرير الحديدة سيشكل ضربة قاصمة للحوثيين، وسيقطع آخر شريان تواصل بينهم وبين إيران، التي تمدهم بالأسلحة والصورايخ عبر التهريب إلى ميناء الحديدة.. كما أن تحرير الحديدة هو بداية انحسار الدور الإيراني الأسود وأذرعنها الظاهرة والمخفية في شبه الجزيرة العربية برمتها، وفي نفس الوقت هي رسالة إلى بقية شعوب الدول العربية في العراق وسوريا ولبنان للانتفاضة ضد إيران، التي تلعب دوراً جيوسياسياً خطيراً في الشرق الأوسط والعالم العربي، جراء ما تمتلكه من علاقات مع تشكيلات طائفية جاهلة دربتها وسلحتها، حتى بالصواريخ الباليستية، ولكن المقاومة الجنوبية كشفت هذا الوجه القبيح لملالي إيران ووكلائها في اليمن وكشفت خبثهم وضعفهم أمام إرادة الشعوب، وفضحت إيران أمام الرأي المحلي والإقليمي والدولي، وكشفت حقيقتها بأنها دولة مارقة لا تزال محشورة في نفق الثورة ولم تخرج بعد إلى طور بناء الدولة الحقيقية، وأن محاولتها لتصدير الثورة وزرعها في الدول العربية عبر تدميرها بأيادي كائنات متخلفة محلية هو بمثابة انتحار سياسي واقتصادي لإيران ذاتها، التي دخلت في نزاعات إقليمية ودولية حتى وصل الأمر إلى البدء في إعادة الحصار الاقتصادي الشامل عليها.

الجنوب - بعد تحرير الحديدة - مقبل على تغييرات كبيرة على الصعيد السياسي والأمني، منها توحيد الأجهزة الأمنية ودور فعال للمجلس الانتقالي في إدارة شؤون الجنوب، والفضل لأبطال المقاومة الجنوبية.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى