الخيار الأخير..!

>
مازن الشحيري
مازن الشحيري
أصبح وضع الخدمات في عدن خاصة والجنوب عامة كارثيا، كما لم يكن فى أي فترة سابقة في الجنوب بكل مراحله، ولا يخفى على الجميع ذلك، والسبب في ذلك ليس نقصا في الموارد أو في الكوادر، ولكن المشكلة تكمن كما بينا مرارا وتكرارا في الوضع السياسي وتعقيداته واستغلال الوضع السياسي والعسكري الحالي من قبل جهات سياسية وحزبية وعسكرية وحتى اقتصادية، أكانت من رجال أعمال أو متنفذين أو حتى دولا.. فالكل يستغل الوضع الحالي لتمرير أجنداته و أحد أهم تلك الأسلحة للمعركة التي تخوضها هذه الاطراف مجتمعة في عدن خاصة والجنوب عامة وهو سلاح الخدمات لكونها المصدر الذي تحصد منه المليارات من جهة، ومن جهة أخرى أن الخدمات هو المجال الذي إذ دمرته فلن تستطيع الجهة المنافسة لك أو المعادية  تحقيق أي نصر سياسي أو اقتصادي من خلال إحباط الجماهير المويدة لك وربما تحول تأييدها إلى عداء لك مع مرور الوقت وعدم إيجاد حلول تلامس متطلبات الناس الاساسية، والكلام الذي أقوله الآن لا يجهله أحد من الناس ممن يعيشون بيننا لكنهم للأسف أيضا لا يتحرك أحد منهم في اتجاه الخروج من تحت هذه السيف المسلط على رقابنا يوما بعد يوم، والكل فقط ينتظر ما هي نتيجة الصراع الحاصل ومن سينتصر ثم سيحدد موقفه، وهنا الكارثة باعتقادي..  نحن نعلم المشكلة وأسبابها وربما تفاصيلها، لكن لا نتحرك باتجاه حلها أبدا بل نقف بموقف المشاهد، وكأن الأمر لا يعنينا.

قدمتُ في مقالي الأخير اقتراحا لانتزاع الشرعية بالقانون عن طريق إجراء الانتخابات المحلية في مناطقنا وكان كلامي موجها للقيادات السياسية والعسكرية والنخب الجنوبية لكونهم من يستطيعون تبني مشروع مثل هذا، لكنهم في حالة عجز أو عدم قدرة بعض تلك القيادات أو خيانة بعضها أو لأي سبب آخر يُعرقل وصول الحقوق الأساسية للبشر في كل أنحاء العالم. 

 لذلك كلامي في مقالي هذا موجه للشعب الجنوبي، فهو إما أن يستمر بالمشاهدة فقط للصراع الحاصل في الجنوب بين مختلف القوى الداخلية والإقليمية، ويشاهدون بأم أعينهم موت أحلامهم التي ضحى من أجلها بالغالي والنفيس تذهب إدراج الرياح ويتحملون عاقبة ونتائج السكوت، أو أن يتم وضع الصراع السياسي جانبا في الوقت الحالي على الأقل ويثور الشعب لانتزاع حقوقه التي هي أقل ما يمكن أن يعطى له، علما أن 99 % من تلك الحقوق والخدمات مدفوعة الثمن من الشعب وليس صدقة أو منّة من أحد. لذلك وجب التحرك في حالة فشل أو عجز القيادات في تحقيق أو إيجاد حلول لمشكلة الخدمات للناس بغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى فشلهم أو عجزهم.. فالواجب على الشعب هنا أن يتحمل مسؤولياته وأن ينتزع حقوقه بعيدا عن أي صراع سياسي.

نريد ماء، كهرباء، مشتقات نفطية، صحة، تعليم، أمن، عدل، حماية من جشع التجار، محاسبة الفاسدين، نريد الرجل المناسب في المكان المناسب، باختصار نريد حياة كريمة. وأي طرف وطني حقيقي سينحاز لخيار الشعب فإن الشعب سيكون هو السند الحقيقي له، فالشعب الذي يحتاجه الوطنيون في هذه المرحلة المعقدة سياسيا وعسكريا في بلادنا، وذلك للعمل على تحقيق مطالب الشعب الحقوقية وكسر الجمود الحاصل في هذه الملفات أو الإعلان عن عجزهم وعدم قدرتهم على تحقيق مطالب الشعب الجنوبي وإفساح المجال لمن يستطيع تحقيق مطالب الشعب.

 لذلك على جماهير الشعب الجنوبي من اليوم عدم السكوت عن حقوقهم تحت أي مبرر، والخروج والاعتصام تحت شعار توفير الخدمات فقط والضغط بقوة وعدم التنازل عن حقوقهم بعد اليوم، وعدم السماح بتسييس مطالبات الشعب بحقوقه، مستغلين شماعة الوضع السياسي الحالي كما هو حاصل في كل الأمور حاليا..
فثورتنا التي يجب أن تقوم لها هدف واحد وهو توفير الحياة الكريمة للشعب الذي ضحى خيرة رجاله بأرواحهم من أجل تحقيق هذا الهدف.

 ونحن بفي لجنوب كنا السباقين في ثورتنا ضد الظلم والطغيان من خلال ثورتنا السلمية الجنوبية منذ 2007، ونعرف قوة وتأثير هذا السلاح إن استخدمناه بشكله الصحيح والوطني بما تقتضيه الضرورة والمصلحة الوطنية.. الآن علينا الخروج من حالة الإحباط والإمساك بزمام الأمور، فالأرض أرضنا ونحن أهلها، فمن كان معنا فهو منا وفينا كائنا من كان، ومن كان ضدنا وضد حقوقنا فهو ليس منا كائنا من كان.

أخيراً.. الثورة لا تحتاج إلى تخطيط ودراسة.. الثورة تحتاج فقط إلى القليل من الشجاعة للبدء بها، وهي بعد ذلك كفيلة بتحقيق المطالب العادلة لهذا الشعب بشكل تلقائي، ورغم عن أنف كل من وقف أو سيقف ضد ثورة الشعب في المطالبة بأبسط حقوقه، وستُكشف وتسقط الأقنعة عن الجميع بلا استثناء.. فإن عجز من يثق بهم الشعب من القادة السياسيين والعسكريين بإيجاد حلول تنتزع حقوق هذا الشعب تحت أي مبرر، فليس هناك خيار آخر أمام هذا الشعب العظيم غير انتزاع حقوقه بنفسه، وسيتنزعها دون أدنى شك إن أراد ذلك، وبانتزاعنا هذه الحقوق بشكل كامل سنستطيع بعدها تحقيق أهدافنا الأخرى.. وليكن شعارنا: «وما نيل المطالب بالتمني ** ولكن تُؤخذ الدنـيا غلابا».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى