صدمة بعد إطلاق رصاص وقتل محررين داخل صحيفة في أمريكا

> انابوليس «الأيام» أ.ف.ب

>  فتح مسلح النار أمس الأول الخميس داخل قاعة للأخبار في إحدى صحف أنابوليس عاصمة ولاية ماريلاند الأميركية، موديًا بحياة خمسة موظفين، في هجوم أكدت الشرطة أنه “استهدف الصحيفة” تحديدا. 
وأكد مسؤولون أن منفذ الاعتداء على صحيفة “كابيتال غازيت” والذي تم اعتقاله هو رجل بالغ وأبيض البشرة من سكان ماريلاند. 

وروى أحد الصحافيين الذين كانوا موجودين أثناء حصول إطلاق النار الوقائع في تغريدات على تويتر. وكتب الصحافي فيل ديفيز أنّ “مسلّحا أطلق النار في مكان عملي، وقُتل العديد من الأشخاص”. وأضاف أن المهاجم “أطلق النار عبر الباب الزجاجي للمكتب على العديد من الموظفين”.

وأضاف ديفيز عبر موقع “تويتر” “لا يوجد شيء أكثر رعبًا من سماع إطلاق نار على العديد من الأشخاص بينما تكون مخبّأ تحت مكتبك وأنت تسمع مطلق النار يُعيد تلقيم سلاحه”.
وقال بيل كرامف رئيس الشرطة بالنيابة في مقاطعة آن اورنديل للصحافيين إن خمسة أشخاص قتلوا فيما أصيب اثنان بجروح طفيفة. 

وعرف عن القتلى الخمسة على أنهم أربعة صحافيين - جيرالد فيشمان وروب هياسن وجون ماكنامارا وويني وينترز - إلى جانب ريبيكا سميث من قسم المبيعات. 
وأكد كرامف “استهدف الهجوم “كابيتال غازيت” تحديدا”. 

وعرفت مجموعة “بالتيمور صن” التي تملك “كابيتال غازيت” عن مطلق النار المشتبه مشيرة إلى أنه يدعى جارود راموس وهو شخص لديه خلاف منذ مدة طويلة مع الصحيفة اثر تقرير نشرته في 2011 غطت عبره “قضية جنائية ضده”. 
وأكد كرامف أن الشرطة لم تتمكن بعد من تحديد دوافع المهاجم لكن “نعلم أن الصحيفة  تلقّت تهديدات في وقت سابق عبر مواقع التواصل الاجتماعي”. 
وأضاف “نحاول التأكد من الحساب الذي أُرسلت التهديدات منه والتعرف على الشخص المرسل”. 

ستستمر بالطباعة
وكتب الصحافي جيمي ديبوتس الذي يعمل لدى “كابيتال غازيت” في تغريدة أنه “منهار” وقلبه “محطم”. 
وقال “لا يمكنني الحديث لكن أريدكم أن تعلموا أن مراسلي ومحرري “كابيتال غازيت” قاموا بكل ما يمكنهم القيام به كل يوم. لا توجد أسابيع بـ40 ساعة محددة للعمل ولا رواتب كبيرة. كل ما كان لدينا هو شغف بنقل قصص من مجتمعنا”. 
من جهته، أكد مراسل الصحيفة تشيس كوك أن الهجوم لم يمنع الصحيفة من الاستمرار في الطباعة. 

وقال وهو يطبع على حاسوب محمول في موقف للسيارات “سنصدر الصحيفة غدا”. 
وأضاف “لا أعرف ما الذي يمكننا القيام به غير ذلك. نحن نؤدي عملنا فقط”. 
وقالت غريسي راستن التي تعمل مساعدة لطبيب أسنان في المكان إنها سمعت “أصواتا مرتفعة” لكنها لم تدرك فورا أنه كان إطلاق نار. 
وأفادت وكالة فرانس برس أن الشرطة سارعت إلى الموقع وأمرتهم بالمغادرة.

وأما شين روبنسن الذي يعمل في شركة تأمين قريبة فحاول الابتعاد بأكبر قدر ممكن عن المدخل وبعث رسالة نصية إلى زوجته طلب منها فيها بأن تصلي لأجله. 
ولدى سماعه صوتا عند الباب تساءل “هل هذا عدو أم صديق” ليكتشف أنها احدى فرق التدخل السريع. 

وأما الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي انخرط في سجالات متكررة مع كثير من وسائل الإعلام منذ توليه السلطة، فكتب في تغريدة “صلواتي مع الضحايا وأسرهم. أشكر فرق التدخل السريع المتواجدة حاليا في الموقع”.  

هجوم على كل أمريكي
من جهتها، كتبت الناطقة باسم البيت الأبيض ساره ساندرز على “تويتر” أن “الهجوم العنيف على صحافيين بريئين يؤدون عملهم هو هجوم على كل أميركي”. 
وقال العضو في مجلس شيوخ الولاية كريس فان هولين “قلبي مع عائلات واصدقاء وأحباء الضحايا في وقت نتابع هذا الوضع المريع. علينا أن نقف يدا واحدة لانهاء العنف”.
وأكد رئيس مجلس النواب بول راين أن “الاعتداء الجنوني على صحيفة في ماريلاند اليوم عو أمر مثير للغثيان. فليبارك الله هؤلاء الصحافيين”. 

وأظهرت دراسة صدرت مؤخرا أن الأميركيين يملكون 40 بالمئة من الأسلحة النارية في العالم رغم أنهم لا يشكلون سوى أربعة بالمئة من سكانه. 
ومن بين 857 مليون سلاح ناري  يملكه مدنيون، هناك 393 مليونا في الولايات المتحدة وحدها أي ما يعادل أكثر من مجموع الأسلحة النارية التي يملكها المواطنون العاديون في باقي الدول الـ25 الأولى على اللائحة، بحسب “احصائية الأسلحة الفردية”. 
وكثف المدافعون عن تشديد قوانين حيازة الأسلحة النارية في الولايات المتحدة جهودهم غداء عدة عمليات إطلاق نار وقعت في مدارس هذا العام بما في ذلك مقتل 17 شخصا في مدرسة ثانوية في باركلاند بفلوريدا في فبراير وعشرة أشخاص في مدرسة ثانوية أخرى في تكساس في مايو. 

لكن الجهود لم تثمر عن الكثير حيث اكتفت فلوريدا برفع السن القانونية لشراء الأسلحة النارية من 18 إلى 21 عاما في حين ركز حاكم تكساس غريغ آبوت على الصحة العقلية والنفسية لمشتري الأسلحة وتحسين الأمن في المدارس  في لائحة توصيات تقدم بها عقب عملية إطلاق النار التي وقعت في ولايته. 

وحرصت صحيفة كابيتال غازيت الاميركية التي شهدت اطلاق النار على ان تصدر الجمعة عددا تكريميا لصحافييها القتلى رغم الحداد الذي يعم مدينة انابوليس.
وبذل الناجون من اطلاق النار في انابوليس جهودا كبيرة مساء الخميس لانجاز عدد الجمعة. وكان العنوان الرئيسي بسيطا وواقعيا وصادما “مقتل خمسة اشخاص في صحيفة كابيتال”.
خلف شاحنات صغيرة وفي موقف سيارات يبعد بضع مئات الامتار من قاعة التحرير التي طوقتها الشرطة، استحدث الصحافيون “مكاتب” لهم لسرد وقائع المأساة التي كانوا ضحيتها.

وقال الصحافي تشايس كوك الخميس لوكالة فرانس برس “لا اتقن القيام بعمل اخر. سنصدر عددا من الصحيفة غدا”.
وكتب صحافي اخر هو فيل ديفيس على تويتر ليلا “لا استطيع النوم، الامر الوحيد الذي استطيع القيام به هو سرد الوقائع”.
واوضح في هذا السياق ان المشتبه به جارود راموس (38 عاما) وجهت اليه خمسة اتهامات بالقتل العمد على ان يستجوبه القضاء في الساعة العاشرة والنصف بالتوقيت المحلي الجمعة (14,30 ت غ).

وقضى أربعة من ضحايا اطلاق النار الخميس على الفور فيما توفي الخامس في المستشفى. واسفر الهجوم ايضا عن اصابة شخصين بجروح طفيفة.
والقتلى هم اربعة صحافيين وموظفة في قسم التسويق، وبينهم جيرالد فيشمان المسؤول عن المقالات، كان في عامه الحادي والستين ويعمل في الصحيفة منذ 26 عاما.

والأمر نفسه ينطبق على روبرت هياسن (59 عاما) مساعد رئيس تحرير الصحيفة وصاحب الباع الطويل في المهنة.
طبعت اسماء الضحايا على الصفحة المخصصة عادة للمقالات، وتضمنت ايضا اسمي الصحافيين جون ماكنمارا ووندي وينترز اضافة الى ريبيكا سميث موظفة التسويق التي عرفت بطبعها المرح وحيويتها.
واوضحت الصحيفة “غدا ستستعيد هذه الصفحة وظيفتها الاساسية، اي ان نعرض لقرائنا آراء ذات صدقية”.

قريبة منا
وفي ما يتجاوز الاوساط الصحافية، عم الحداد مدينة انابوليس التي لا تبعد اكثر من ساعة من واشنطن.
وصباح أمس الجمعة، قال قائد شرطة منطقة آن اروندل تيموثي التومير عبر شبكة فوكس نيوز ان “كابيتال غازيت هي صحيفة انابوليس بالتأكيد، سبق ان التقيت الضحايا الخمس وجميع الصحافيين الآخرين”.

ولدى عودته إلى واشنطن بعد ظهر الخميس، لم يدلِ الرئيس دونالد ترامب باي تعليق ردا على اسئلة الصحافيين في حديقة البيت الابيض، وهو المعروف بانتقاده الشديد والمنتظم للصحافيين.
وبعد دقائق من الاعلان عن اطلاق النار، كتب على “تويتر” انه “يتعاطف ويصلي” من اجل القتلى وعائلاتهم.

من جهته، علق رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ان “الصحافيين يروون تاريخ مجتمعاتنا ويحمون ديموقراطيتنا وغالبا ما يعرضون حياتهم للخطر خلال ممارسة مهماتهم. ان هجوم اليوم في انابوليس صادم للغاية”.
والصحيفة جزء من مجموعة كابيتال غازيت، وتأسست عام 1727م. كان يعمل فيها ستة مراسلين ومصوران وخمسة محررين. وأوضح احد افراد اسرتها لفرانس برس ان بوابة مغلقة بشكل دائم تحمي مكاتبها.
وصباح أمس الجمعة، كانت الشرطة لا تزال تغلق محيط الصحيفة التي يقع مقرها في منطقة تجارية خلف مصرف.

ووضع سكان من انابوليس ليلا باقات من الورود تكريما للضحايا وخصوصا ان الصحيفة تشكل جزءا من يوميات سكان المدينة الذين تربطهم بمحرريها معرفة قريبة.
وقالت كيلي اوبراين لفرانس برس ان “كابيتال غازيت قريبة منا”.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى