كلمة لابد منها في اللواء الحريري

> عبدالله أحمد الأحرق​

>
اللواء الركن سعيد محمد أبو بكر الحريري، المعين من قبل الحوثيين قائداً للمنطقة العسكرية الخامسة سابقا، أحد القيادات الجنوبية التي تستحق الاحترام والتقدير رغم اللغط الكبير الدائر حوله، حيث ينطبق عليه المثل القائل «لا ترمى بالحجر إلا الشجرة المثمرة» وهو كذلك.. فهو من القيادات القليلة التي آمنت بالمؤسسة العسكرية منذ كان طالباً في الكلية العسكرية حتى تم إبعاده في حرب صيف 94م مع من تم إبعادهم حينها، وتم إيذاؤه وملاحقته دونما سبب إلا لكونه مع كثير من الرفاق ممن رفضوا أن يكونوا جزءًا من منظومة الوحدة السياسية بين شطري اليمن بعد أن تبين عجزها عن إدارة البلد وتطلعات الشعب الجنوبي، كونها تمت بشكل ارتجالي عاطفي غير مدروس، مما جعل الجنوب والشمال فيما بعد مرتهنين لعدد محدود من الشخصيات دونما اكتراث لشيء..

في الأيام الأخيرة يعود اللواء الحريري إلى واجهة المشهد الإعلامي السياسي بعد انتشار شائعة انشقاقه عن جماعة الحوثي في وقت اشتداد معارك الساحل الغربي التي تدور في هذه الأثناء بين القوات المشتركة والحوثيين على أرض المنطقة العسكرية الخامسة التي كان اللواء الحريري قائدا لها حتى أبريل من العام الماضي، ويتصدر هذا الخبر أغلب القنوات الإعلامية العربية رغم عدم دقته، والسبب في ذلك يعود إلى مكانة الحريري العسكرية في إدارة المنطقة الخامسة منذ انطلاق عاصفة الحزم حتى انتقال هذه الإدارة إلى أحد أفراد الجماعة بعد أن تبين لهم أن اللواء الحريري لا يمكن أن يتقبل الممارسات والقرارات اللامسؤولة الصادرة عنهم، فهو ابن المؤسسة العسكرية ودولة النظام والقانون سواء حينما كان في اليمن قبل 94 أو بعد مغادرته إلى كندا التي منحته الجنسية.

من لا يعرف اللواء الحريري يمكن أن ينساق وراء الشائعات الكثيرة التي تحوم حوله لمجرد عودته إلى صفوف اليمن الشمالي، حد تعبير متطرفي دعاة فك الارتباط، في حين كان هو من أكثر المطالبين بهذا الأمر ومن مؤسسي الحراك الجنوبي وناشطيه في فترة من عمر اليمن، ولعل تحول قناعاته بهذا الشكل الواضح لا يتأتى إلا من نظرة ثاقبة للمرحلة الحرجة التي يعيشها البلد والتي تسوق الجميع إلى هاوية لا قرار لها فلا الشمال سيكون شمالا ولا الجنوب سيكون جنوبا في ظل هذه الحرب الطاحنة التي عصفت بالبلد، ولعله صرح بذلك في كلمة مسجلة له وهو في موقع القيادة العسكرية بالمنطقة الخامسة في كلمة ارتجالية صرخ فيها بوجه الجميع بأن «الوطن يدمر بأيدي السفهاء من الداخل والخارج» وأكد فيها ضرورة تحييد المشاريع الصغيرة أمام مشروع اليمن الكبير، فهو يمني أكبر من أي انتماءات ومشاريع تصغر أمام الوطن الجامع حتى يتعافى مما هو فيه ويجلس الجميع على طاولة الحوار لمراجعة أي اختلالات في بنية الدولة، فلا يصح مطلقا المناداة بفك الارتباط في ظرف استثنائي مثل الذي تعيشه اليمن من فوضى أدت إلى هشاشة الدولة وتمزقها المثبت في التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة مؤخراً..

الوطن في نظر الحريري هو الإنسان قبل أن يكون المكان، فإذا صلح الإنسان صلح الوطن وصلحت الحقوق والواجبات تحت مسار واحد هو المواطنة المتساوية التي تضمنها فقط الدولة المدنية الحديثة، أما وقد أصبح اليمن بشماله وجنوبه وشرقه وغربه في مهب الريح فلا بد من وقفة وطنية جادة لا يمكن أن تصدر إلا من قائد عسكري محنك عاصر أخطر منعطفات اليمن الموحد الحديث مثل اللواء الحريري..

الجدير بالذكر أن اللواء الحريري كان صاحب مقترح تسليم عدن لأبناء الجنوب أثناء الاجتياح الحوثي في منتصف عام 2015م وهو القائد العسكري الوحيد الذي رفض ملشنة القوات المسلحة أثناء توليه قيادة المنطقة العسكرية الخامسة ورفض بعدها أي تعيينات له في مواقع أخرى حيث فضل البقاء بعيدا على المشاركة في تدمير ما تبقى من الوطن والمؤسسة العسكرية..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى