معركة الحديدة.. كل طرف لن يقبل بأي عملية سلام لا تحقق أهدافه

> «الأيام» عن «العربي»

>
 بعد أكثر من أسبوع على إعلان وزير الشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش - الأحد الماضي - وقف ما وصفها «معركة الحديدة» بشكل مؤقت لمنح الفرصة للأمم المتحدة لبذل المزيد من الجهود السياسية، عاودت بوصلة التصعيد العسكري مجدداً في الساحل الغربي، وذلك بالتزامن وبعد اجتماع مجلس الأمن الدولي أمس الأول.

مجلس الأمن أكد في بيانه الصادر عن الاجتماع، مُكمِّلاً ما كان أعرب عنه جريفيثس من تفاؤل، «إمكان التوصل إلى تسوية». في حين تضمنت الإحاطة التي عرضها الرجل خلال الجلسة، وبحسب بعض المعلومات «رؤية موضوعية يمكن أن تفتح الباب على إيجاد حل للوضع في الحديدة».

وبالرغم من أن الحديث عن وقف المعركة، لا يزال يكتنفه الغموض، ومحل جدل ونقاش واسعين، فإن عودة المعارك في الساحل الغربي، وبشكل مفاجئ يرى مراقبون أنها تشير إلى أن «تحركات جريفيثس الحثيثة والتي كانت قد وصفت بالإيجابية، في إمكانية عودة طرفي الحرب في اليمن إلى طاولة المفاوضات، ستذهب أدراج رياح الساحل الغربي العاصفة».

هذه التطورات والتحركات المتسارعة في الساحل الغربي، تضعنا أمام جملة من التساؤلات، ربما أبرزها هل كان إعلان الإمارات عن توقف المعركة هزيمة عسكرية أم ضغوطا دولية؟ ولماذا عادت المعركة بشكل مفاجئ في هذا التوقيت بالذات؟ وهل بات رهان المتحاربين على الميدان، أقوى من رهانهم على تحركات جريفيثس؟

إقصاء «قوات طارق»
اليوم هناك من يرى أن «إعلان الإمارات توقف العمليات العسكرية في الساحل الغربي، مطلع الشهر الجاري، لم يكن بغرض منح الفرصة للمبعوث الأممي، للتوصل إلى اتفاق سياسي، بقدر ما كان إعلان هروب من ورطة الساحل الغربي، أو معاودة الكرة مرة أخرى على أقل تقدير». في حين يذهب البعض للقول: إن «استهداف مقر قيادة التحالف في عدن‏ من قبل الطيران المسير لجماعة أنصار الله أربك حسابات التحالف، وجعلها تقدم رجلا وتؤخر أخرى، في مشهد متناقض، لا تعرف نهايته». لن نغوص في التفاصيل أكثر، ولكننا سنذهب للإجابة عن سؤال: هل بدأت معركة لي الذراع بين الإمارات وجريفيثس؟. مصدر عسكري، مقرب من قيادة «التحالف» في عدن، أكد خلال حديث إلى «العربي» أن «عودة المعركة بعد توقفها قرابة أسبوع، تأتي وفق توجيهات قيادية عليا في قيادة التحالف، عازمة على تحرير الحديدة مهما كلفها الثمن»، مضيفاً أن «معركة اليوم ليست كمعركة الأمس، حيث أن قيادة المعركة أصبحت أكثر قدرة على خوض المعركة من ذي قبل، واستطاعت أن تقيم الإخفاقات السابقة، وعملت على إيجاد حلول لتلافيها في المعركة القادمة».

وأوضح المصدر أن «الهجوم على مركز مديرية التحيتا، الجمعة، والسيطرة على أجزاء واسعة منها، تأتي في إطار الخطة التي تقضي بالسيطرة على المناطق المتاخمة للشريط الساحلي، بدءًا بالتحيتا مروراً بزبيد وبيت الفقيه، والمنصورية، وصولا إلى كيلو 16 من جهة، والتحرك بالتوازي مع ذلك من جبهة حيس الجراحي، ومن ثم التحرك نحو الهدف الرئيس للمعركة المطار والميناء»، مشيراً إلى أن «تعزيزات كبيرة ومستمرة منذ الخميس، دفعت بها ألوية العمالقة إلى منطقة التحيتا، في إطار استكمال تحريرها بالكامل والتحرك صوب مدينة زبيد».

وذكر المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن «قوات ما تسمى (الحرس الوطني) التابعة لطارق صالح لن تشارك في المعركة، وذلك بعدما هدد قيادات ألوية العمالقة بالانسحاب من المعركة في حال شاركت قوات طارق فيها»، مؤكداً أنه «تم إبعاد قوات طارق وحلت محلها قوات من المقاومة التهامية».

المعركة استؤنِفَت.. فهل تتوقف؟
وفي السياق، أكد الخبير الاستراتيحي في الشؤون العسكرية، علي الذهب، في حديث خاص لـ«العربي» أن «الإعلان عن وقف العمليات العسكرية اقتصر على اقتحام مدينة الحديدة، وليس كل العمليات في الساحل»، موضحاً أن «وقف العمليات جاء بناء على عدة معطيات أهمها مساعي المبعوث الأممي والضغوط الدولية، كما أن العجز في قوات التحالف لعب دورا بارزا في ذلك، لأنه لو كان لدى التحالف ما يكفي من المقاتلين لخوض معركة هجومية ناجحة، لما توقفت العمليات». وأضاف أن «المهاجم يتطلب أن تكون قواته ثلاثة أضعاف قوة المدافع»، مؤكداً أن «قوات الحوثيين تمكنت من جعل الحشد الأول للتحالف غير كاف، حين ضاعفوا من قواتهم، وقلبوا المعادلة». وتوقع الذهب أن «تستمر المعركة ولن تتوقف نهائياً، كون كل طرف لن يقبل بأي عملية سلام لا تحقق أهدافه»، مشيراً إلى أن «توقف العملية العسكري لم يكن سوى عمل تكتيكي».

«الشرعية» بين الإمارات وجريفيثس
وفي غضون ذلك، أكد مصدر سياسي مطلع، في الرياض أن «ثمّة طرف في التحالف العربي، يقف وراء عرقلة أي جهود دولية رامية لوقف الحرب في اليمن، وفي كل مرة يتم الدفع بالحكومة الشرعية إلى فوهة المدفع، في معركة هي الخاسر الأول فيها»، موضحاً أن «الحكومة الشرعية لم يكن لها أي موقف عندما أعلن التحالف التصعيد الأخير في الساحل الغربي، ولا أي تدخل في المعركة لا من قريب ولا من بعيد». وتابع «حينما أخفقت قوات التحالف في المعركة التي اتخذت وفق معلومات مغلوطة وخطط عسكرية هزيلة، ذهبت لإعادة الشرعية إلى عدن لتعلن رفضها أية حلول سياسية. مؤكدة في الوقت ذاته، أن لا تراجع عن معركة الحديدة، وهو ما تركها في موقف محرج أمام المبعوثُ الأمميّ والذي كان قد استطاع أن ينتزع موافقتها على المقترح الذي تبناه بشأن إيرادات ميناء الحديدة». مضيفاً أن «عودة وتيرة المعارك في الساحل الغربي، وبشكل مفاجئ، وبدون أن يرافقها تهويل إعلامي من قبل قيادات التحالف الإماراتية تحديداً، تشير إلى أن خيار إعادة تجريب الحظ في محافظة الحديدة لا يزال في قائمة أجندة التحالف”.

الميدان سيِّد الموقف
وفي المقابل، اتهمت قيادات في حركة «أنصار الله»، «التحالف العربي»، الذي تقوده السعودية، أنه السبب في عدم اتمام الاتفاق، مؤكدة أنهم «لم يوقفوا إطلاق النار، ولا زالوا يضغطون للتقدم نحو الحديدة». وأشارت إلى أن «قوات صنعاء أفشلت الهجمات المتجددة على مديريتي التحيتا والدريهمي»، معتبرة أن «دخول مدينة عدن الخاضعة لسيطرة قوات التحالف، وسلطة الشرعية، في مجال استهداف الطيران المسيّر، هي رسالة واضحة، للسعودية والإمارات بأن تحركاتهم وتجمعاتهم لن تكون بعد اليوم في مأمن»، وبأن «عليهم أن يعيدوا حساباتهم».

مساعد المتحدث باسم القوات المسلحة في حكومة «الانقاذ» في صنعاء، العميد عزيز راشد، أوضح في حديث خاص لـ«العربي» أنه «ومنذ اللحظة الأولى من إعلان وقف العمليات العسكرية في الساحل الغربي، لم تتوقف وحتى الآن»، مؤكداً أن «إعلان وقف العمليات العسكرية أراد التحالف من خلاله هدفان، الأول أن يخف الحشد الشعبي للجيش واللجان الشعبية في الحديدة، والثاني بسبب فشله الذريع في الساحل الغربي والذي كان قد أعلن أنه سيحتل مدينة الحديدة خلال 48 ساعة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى