> همام عبدالرحمن باعباد
لعله أصدق توصيف ينطبق على العودة الكبيرة لإخواننا المغتربين في السعودية لتطوى صفحة قد تكون من أجمل صفحات حياتهم قضوها خارج بلادهم، ضحوا خلالها بجهدهم وراحتهم وعاطفتهم ومشاعرهم، وكان الجزاء نكبة أتت في قالب تراجيدي غير متوقع يحمل المأساة بين جوانحه، نظرا لما يمر به بلدنا من أزمات متتالية خلالها، كان بعض أبنائه ينظرون إلى أقربائهم المغتربين والعاملين في دول الخليج لمعونتهم على تحمل أعباء الحياة التي زادت بفعل تبعات الحرب التي بدت معها البلاد مهرولة في قاع التدهور السحيق بعدما فشلت مساعي وقف الحرب ومداواة مرضها الذي استفحل، حتى أصبح الخلاص منها أكبر من الحلول الموجودة.
وهنا أجد نفسي أصف عملية خروج العمالة اليمنية أشبه بالنكبة؛ مع ان عمالة بلادنا من أفضل الجاليات المغتربة من حيث السيرة والسلوك والالتزام وتاريخها ناصع حيثما حلت أو ارتحلت، وليس ذلك بغريب على من امتدحهم الرسول ودعا لهم، ومنهم من ساهم في بناء في بلدان تواجدهم، وبصماتهم واضحة للعيان، وقد كانت من خطوات منعهم من مزاولة مهن بعينها، مما أدى إلى إيجاد فائض في العمال، بمقابل قلة فرص العمل، وكذلك فرض رسوم على المقيمين مما أدى بهم إلى المغادرة بعد عجزهم عن الإيفاء بمستلزمات المعيشة ولك أن تتصور الاختلاف الكبير في المعيشة وأنماط الحياة بين البلدين، فمن الخدمات المتوفرة إلى الخدمات المتدهورة أو عدم الموجودة أصلا، وكفى بهذا مظهرا يجسد النكبة اليمانية الحديثة.