(لا) تعني (نعم)!

> مازن الشحيري

>
كلمه «لا» تعني بمفهومها العام الاعتراض أو النفي كما نفهمها، لكن لهذه الكلمة مفهوما آخر يفرضه الواقع الذي نعيشه، فتتحول كلمة «لا» إلى «نعم»، فعندما نسمع جملة تبدأ بـ «لا» في بلادنا خاصة من أصحاب القرار أو المسؤولين، فمثلا لا يمكن أن نفرّط بالجنوب، لا يمكن أن نسمح بالفساد، لا يمكن أن نتهاون مع من يعبث بأمن الناس والوطن، لا يمكن المسؤول فلان أو القائد فلان عنده علم بما يحدث من تجاوزات فى إدارته أو وزارته ويسكت! أكيد لا يعلم.. لا للمناطقية، لا للعنصرية، لا للمحسوبية، لا للتخوين، لا للتفريط بالثوابت الوطنية، لا لإهمال الجرحى وأسر الشهداء، لا تقلقوا الأمور طيبة وتسير حسب ما هو مخطط له، لا.. لا.. لا.. إلى ما لا نهاية من الـ «لا» التي تملأ حياتنا.. لكن في الحقيقة هي «نعم»، وليست «لا»، لسبب بسيط جدا وهو أن كلمة «لا» إذا لم يتبعها عمل أو فعل يؤكدها فهي هنا تعني «نعم»، وألف «نعم».

ولتوضيح ذلك، إذا قلت لا إله إلا الله محمد رسول الله بلسانك فقط ولم تؤمن بها بقلبك ولم تطبق تعاليم الإسلام وأركانه ليس تكاسلا ومعصية بل من باب عدم الإيمان بها، فهل نطقك للشهادتين بلسانك فقط تكون قد اعتنقت الإسلام؟ الإجابة «لا» طبعا، إضافة إلى أنك إذا حاولت أن تنصح الناس بالإسلام لأنك فقط نطقت الشهادتين وأعمالك كلها تنافي الإسلام فلن تفلح ولن تنجح حتى وإن خدعت الناس فسوف تكون المسألة مسألة وقت فقط لا غير حتى تنكشف الحقيقة وسيصبح كل من يتبعك بعد ذلك من المنافقين الذين  يهدفون إلى المصلحة الخاصة فقط.

خلاصة الموضوع هي أنه ليس كل من يقول «لا» يعنيها إذا لم يعمل بعدها بما قاله، وطبيعي أن ينكشف أمره بسرعة ومن اتبعه أو من على شاكلته.. فمثل هولاء البشر الذين يطبلون للباطل هم الأدوات التى يستخدمها كل الفاسدين للبقاء والاستمرارية في مواضعهم مقابل مصالح شخصية يقدمونها لتلك الأدوات الرخيصة التى باعت نفسها وأرضها وناسها ودينها وكل شيء مقابل تلك المصالح.

لكن هناك أمر آخر في هذا الموضوع وعامل مساعد فى استمرار أصحاب «لا» قولا والتي تعني «نعم» عملا، وهو أنا وأنت وأنتم ونحن كلنا بشكل عام، من خلال الصمت والسكوت وعدم الوقوف ضد كل من يعبث بنا ويستخف بعقولنا ويستهزئ بنا وبثوابتنا وقيمنا لمجرد أننا عبرنا عن رفضنا لكل ما يمس حياتنا ووطننا.. ولا يكفى أن نقول مثلهم «لا» نحن لسنا معهم، فإذا لم نتبع كلمة «لا» بالعمل الدال على معناها، ونتصدى لهم ونقتلعهم قولا وفعلا، فحينها كلمة «لا» هنا ستكون أيضا «نعم» وألف «نعم».. لذلك إما أن نقول «لا» ونثبتها أو أن نعترف بأننا من أصحاب «لا» النعمية، إن صح التعبير، لكن مع فارق بسيط وهو أننا لن نحصل حتى على ثمن سكوتنا كما هو حال الخونة، بل نحن وحدنا من سيدفع الثمن غاليا لحياتنا وحياة أطفالنا ومستقبالنا ومستقبل أجيالنا القادمة، وعلينا أن نتحمل ذلك وسيكون مثلنا كمثل الحمار الذى يحمل أسفارا.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى