حتى العمل النقابي أفرغوه من محتواه!

> زكريا محمد محسن

>
قد يدهشك العدد المهول من النقابات العمالية التي يتم إشهارها بين الفينة والأخرى.. لكن لا طائل منها، وليس لها أي أثر على أرض الواقع، فهي لم تنصف العمال ولم تحفظ لهم كرامتهم ولم تَعِد لهم ولو الحد الأدنى من حقوقهم المصادرة والمغيبة، بل إن الغالبية العظمى من تلك النقابات - إن لم يكن جميعها - لم تُؤسَّس إلا لتحقق مكاسب شخصية لقيادتها والمقيمين عليها، وتدر عليهم أموالاً طائلة على حساب الطبقة العاملة الكادحة، والواقع خير شاهد، فالله المستعان..!!

 وللأسف الشديد أصبح العمل النقابي مرتهناً لدى السياسيين وورقة رابحة بأيديهم يرفعونها في وجه خصومهم متى شاؤوا وكيفما شاؤوا، بعيداً عن مصلحة العامل.. وهو ما جعل العمل النقابي يفقد أهميته ودوره وعلاقته التكافئية الندية مع العمل السياسي، وبالتالي التفريط بحقوق الموظفين وضياعها..!

 وأنا هنا لست متحاملاً على أحد، لكنني أستغرب أيّما استغراب على انشغال تلك النقابات العمالية- التي لا حصر لها- بأشياء تافهة وإقحام أنفها فيما ليس من اختصاصها وفيما لا يمت بصلة لمهام عملها النقابي وأدبياته!، وفي الوقت ذاته تدير ظهرها للعامل المطحون.. وهنا نقولها صراحة إذا لم تتحرك تلك النقابات وتصعد من مطالبها بمنح الموظف كافة حقوقه فإنها شريكة في الظلم الحاصل الآن على كافة الموظفين بمختلف وظائفهم ودرجاتهم الوظيفية.. فمن غير المعقول أن تلتزم الصمت ومرتب الموظف الذي فقد من قيمته ما يقارب الـ 50 % أصبح لا يفي حتى بالمتطلبات الضرورية والأساسية في ظل التصاعد المستمر للأسعار، والذي قد بلغ مستوى لا يحتمل ألبتة!

 وصدقوني، إذا لم تتحرك النقابات في إطار النظام والقانون والحق المكفول لها لإجبار الحكومة على إعادة النظر في المرتبات والأجور أسوة بالقطاعين الأمني والعسكري، وبما يتناسب مع الأسعار المرتفعة والوضع المعيشي الصعب، وإطلاق التسويات والعلاوات السنوية التي طال انتظارها، فقد يخرج الموظفون عن صمتهم، على اعتبار أن للصبر حدودا، ويتحركون خارج النظام والقانون، وقد تتطور الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.. وهذا بالطبع من حقهم، فقد صبروا على جور الحكومة - التي تنفق شهرياً على أعضائها آلاف الدولارات - بما فيه الكفاية.
 أخيراً، نقول للشرعيين والانتقاليين على حد سواء: لوجه الله، اتركوا النقابات العمالية وشأنها بعيداً عن صراعاتكم السياسية، ولا تفرضوا وصايتكم عليها، وتتدخلوا في أعمالها خدمة لأجندتكم ومشاريعكم السياسية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى