إنه (التلال) يا ولدي ..!

> محمد العولقي

>  من وهج الشمس يغزل نادي (التلال) وشاحه الأحمر الفاقع ، ومن أشعة مجرة النيازك ، يصنع صولجان جمهوريته ، حيث العشق والماء والخضرة والوجه الحسن.
* قبل أن تصبح العرب العاربة ، والعرب المستعربة ، دولاً ومماليك ، و جمهوريات بنى (التلال) دولته على ضفاف (صيرة) ، من سواعد الصيادين و(صواري) الأشرعة ، وتلاوات الفلاحين وبراقع حسناوات (البندر)، بنى (التلاليون) دولتهم العادلة ، قبل 113 عاماً دولة ديمقراطية عادلة .. الحكم فيها للشعب ، وليس للنخب السياسية والتخندق الحزبي ، يحتفي (التلال) بقرن وعقد ونيف من الرخاء الرياضي ، في وقت لازالت دول عربية وعالمية مجرد (نطفة) و(مضغة) في رحم الزمن.

* على فوهة بركان (كريتر) ، تتدلى (معلقات) التاريخ ، تتنفس عبق البحر ، وندى إشراقات الشاطئ ، يخيل للرائي أن تلك النمارق الحمراء المصفوفة ، أقرب في هندستها لعوالم (علاء الدين) ، كانت الأفواه الفاغرة تنتظر غيث (القلعة) ، وعلى ضفاف بحر (صيرة) غارت الرملة من رنة القبلة ، تعانق شفق العمل مع غسق الاخلاص ، ومن وحي الروايات خرج المارد الأحمر من قمقمه ، يأمر المجد فيستجيب.

* كتب التاريخ ، ودون بكل توضيح حكاية شعب جنوبي ، موغل في السمرة يرويها على لسانه نادي (التلال) بالقلم الأحمر خط (التلال) إلياذة أمة ، وملحمة شعب ، وحنين وطن ، يتعطش ويثور ضد الباغي والطاغي.
* هذا (التلال) يا ولدي ، رمز وطن ، طارد للمحن ، لا يقدر بثمن ، ولا يهاب مخالب و أنياب الفتن ، يمضي مع الزمن شاباً ، دائم النضارة والجمال ، كأنه ذلك الغواص ، الذي شرب منقوع زهرة الخلود ، كل من يعيش على اليابسة والمياه الجوفية ، يتنفس من مسامات (التلال) ، لا يشرب غير رحيق الزهر الأحمر ، لا يضاجع سوى حوريات البحور ، يلهو ويلعب وينام على تراث ، تجاوز عمر ألف ليلة وليلة بقرن كامل.

* يا ولدي ، حدق بعيداً في مدى الأفق ، نحو الشمس التلالية ، التي لا تغيب ، نحو قرصها الملتهب احمراراً ، تأمل  ذلك الكوكب الساري ، واسبر أغوار من عاقر قمراً تلالياً سامراً فوق مُصلى تلك (القلعة).
* نعم يا ولدي ، نادي (التلال) وطن من لا وطن له ، ضمان اجتماعي وبنك تسليف لم يبخل يوماً على شعبه ، وهو يصهر الزجاج مزهريات ، يغني للأمل ، لغد مشرق لازال نطفه في غياهب الليل ، التلال يا ولدي تلالي وتلالك ، وتلال شعب ، يزهو بعمادته وبعمره المديد.

* لك يا ولدي أن ترنو إلى تلك الثريا وتلك القلاع ، التي شيدتها رمال (حقات) ، و إلى تلك اللآلئ القادمة من أمواج ترتفع وتنخفض ، مكونة جبالاً شاهقة تتراقص إنحناء تحت نافورة ضوء يُغري فراشات المدينة النائمة على قمم الجبال ، تحرسها خلجان (واحة) حمراء تسر الناظرين.
* هنا يا ولدي تحت راية (التلال) المنصورة ، يستظل الوطن ، يتوقف الزمن لحظة ، ليحصي تلك الأعياد التي تقادمت وتسابقت وتمخضت عن ميلاد وطن رياضي بكبرياء أمة ، وعناد أجداد نسجوا من خيوط شمس الضحى قرناً ، بل دهراً ، يؤرشف وحياً نزل مع مطلع الفجر ، ومع نداء الحق (حي على الفلاح).

* تسألني عن (التلال) ، ‘علم أنه تاج من المزن يروي ظمأ الرمال ، ويسقي غيثه مروج وواحات وصهاريج شاهدة على تراث ، وأمجاد حضارة رياضية (حمراء) ، لم تغب عنها شمس الأصيل.
* طوال تراكمية 113 عاماً ، ساد قانون (التلال) ، لم تخلف شمسه موعداً ، ولم تغير مجرته مسالكها ومساراتها ، بقي (التلال) حقاً وطنياً ينازع امبراطوريات بادت تماماً ، وبقي (التلال) وطناً صامداً في وجه (العولمة) ، لم يبدل جلده ، ولم تهزه رياح (البيروستريكا) ، ولم يركع يوماً لغزاة (الكهوف) ، لفظ بحره كل الجيف الدخيلة ، بقي صنواً لبحر يطرح اللؤلؤ والمرجان.

* هنا وتحت ظلال الغيمة الحمراء يكتب (التلال) موسوعته ، يجدول بطولاته ، ويؤرشف صولاته وجولاته ، يحصي أنفاس أجيال تعاقبت ، منها من قضى نحبه ، ومنها من ينتظر ، لكن (التلال) أطر لهم ذكرى لا تسقط بالتقادم ، وخلدهم في موسوعته شموعاً تنير درب الأجيال القادمة.

* هل تعلم يا ولدي لماذا بقي (التلال) حقاً صامداً في وجه العواصف والأرزاء والرياح السياسية الهوجاء ..؟
لأنه ملكية لشعب ثائر ، يحارب كل بائر ، ما إن يحل علينا البلاء ، إلا ونلوذ بالتلال ، يغطينا بلحافه الرملي ، ويحفظنا في ظل أمواج تتنهد ، وشاطئ يؤمنك من خوف ، ويطعمك من جوع ، نستلهم من عمادته الصبر والجلد والأمل ، تلك البساتين الموغلة في السحر ، وتلك الحدائق الغناء ، الممتدة من القطيع والعيدروس والرزمت ، طرحت ثمارها ، وهي تحمل الختم التلالي ، تعاظمت من عرق الكادحين والصيادين ، ودعوات أمهات يرن في (التلال) مدرسة تعد شعباً طيب الأعراق.

* حتى الطبيعة يا ولدي أسهمت في تثبيت أركان حكم وسلطان (التلال) ، سل عن الحكاية ، تلك المياه المالحة وأنت تصيف على ضفاف بحر (حقات) ، سل عن السر ، تلك الرمال الذهبية الملتمعة على الشاطئ كالذهب وتلك النخيل ، التي تغني لأسراب السنونو ؟ لك أن تسأل هجير شمس الضحى وتلك الأمواج التي تستمد مدها وجزرها من قانون (التلال) ، لك أيضا أن تحدق بعمق في سماء (التلال) الملبدة بالنوارس وطيور البحر ..؟
* نادي (التلال) يا ولدي ، ملحمة شعب ، وحضارة أمة ، لم تجد بعد ، المؤرخ الذي يكشف أسرارها ، ويفك ألغازها ، ويدون بطولاتها ، الضاربة في جذور التاريخ القديم والحديث.

* قد يحدثك التاريخ عن الأساطير التي شاعت ، أسطورة (أطلنطا) ، أو المدينة الفاضلة ، أسطورة الأطباق الطائرة ، كلها أساطير من وحي الخيال ، إلا أسطورة نادي (التلال) ، فهي أسطورة حقيقية ، من لحم ودم تحتفظ بها رمال (عدن) ، وتشهد عليها قلاع و صهاريج ومنارة خلدها الزمن ، سيأتي يوماً يا ولدي ، وتصبح حضارة (التلال) مادة مقررة في كتب التاريخ ، تاريخ (تلالي) حافل ، لن تكسف شمسه ، ولن يخسف قمره ..

* الآن يا ولدي ، جاء العيد في أوانه ، وطل كرنفال العرس ، لنطلق العنان لأفراحنا ، وننسى جراحنا ، لنرقص تحت نافورة الضوء التلالي فاتحين غانمين ، دعونا نهنأ بسنوات (التلال) الملاح فائقة الجودة ، وفي ظل قتامة ما يحدث للجنوب ، من تنكيل وطمس للهوية ، ليس لنا إلا (التلال) نستظل تحت رايته ، ونستلهم الأفراح من حضارته التي لن تندثر أو تتلاشى ، يمكن للقراصنة أن يسرقوا قوتنا وطعامنا لكنهم لن يستطيعوا مصادرة عشق (التلال) ، وغزل (التلال) ، وتاريخ (التلال) ، هيا يا ولدي ، ساحة الكرنفال جاهزة ، دع عنك الإحباط واقرأ سيرة (التلال) ، وسترى الغد المشرق يلوح أمامك ، ويشع من جبين شمس تلالية حمراء ، لا تغيب أبداً ، كل عام و(التلال) وطن ودولة ، وعقبال العيد المليون.

* لفت نظر : لن نذم عريساً ليلة عرسه ، ولن نعاتب الأخ (عارف يريمي) رئيس اللجنة المؤقتة على تفريطه في قيادي إداري محنك في مستوى حذق الكابتن (عبدالكريم الشرجبي) ، لأن الاستغناء عن خدماته على خلفية تصفية (عهد) مالية ، طالب بها لبراءة الذمة ، مخالف تماماً ، لقانون نادي (التلال) ، الذي يُحرم ، ويُجرم من يجازي معروفاً تلالياً بجزاء (سنمار) ، ربما أيضاً وراء الأكمة ، أمورا أخرى أهل مكة أدرى بشعابها ..!​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى