> عصام عبدالله مسعد مريسي
مهد العروبة اليمن، والعربي ذو سليقة وفطرة في صياغة الكلام الموزون والمنسق ومنه قوله للشعر، فاليمني يحب صياغة الألفاظ المتطابقة والمتضادة التي تزيد المعنى وضوحا، وهذا شائع في الأمثال والحكم والأهازيج التي يرددها اليمني في سائر يومه في حقله وفي ورشته حتى المرأة في مطبخها وهي تعد وجبة الفطور أو الغذاء تهزج بألوان من الشعر العامي سواءً كان من صياغتها أو صياغة غيرها مما اشتهر وشاع.
ومن الشعراء الذين صاغوا الكلمة الشعرية باللهجة الشعبية ولم يكن لهم مآرب مادية من نظمهم للشعر الشاعر الشعبي مسرور مبروك ابن لحج وربيبها، فقد نظم كثيرا من القصائد العامية الثورية والسياسية والعاطفية. ولأنه لم يكن يهتم بالتدوين وإنما كان نظمه للشعر سليقة يعبر بها عما في نفسه وما يختلج في عواطفه فقد كانت بعض أعماله معرضة للسرقة والنهب، بل نسبت بعض الأعمال الشعرية الخاصة به إلى غيره وذاع صيتها ونال شهرتها غير صاحبها الحقيقي.
وكذلك قال مسرور بن مبروك: في حافة حسين * * شوف داري طابقين
وللشاعر ديوان مطبوع لكنه مهمل لم ينل حقه من الترويج والنشر بعنوان: (الدهل والقيد).. والشاعر من محبي الطرفة والشعر الفكاهي.
ومن المبدعين الذين لم ينالوا حظا من الرواج رغم روعة ما كانوا يقدمونه من الأعمال الفنية والأدبية، سواءً بالكلمة وصياغتها أو بأدائها وتلحينها، الفنان الراحل عوض المسلمي مبدع عدن في القرن الماضي، الذي ظل يقدم الكثير من الألوان الغنائية، وله بعض التسجيلات الصوتية والمصورة في إذاعة وتلفزيون عدن لكنها قلمّا تكون على قائمة العرض.
ومن باب التذكير، كانت للفنان «العكيمة» مشاركات مع الفنان محمد سعد عبدالله في تقديم بعض الأغنيات بالموال من قبل «العكيمة».
وكثير من المبدعين ممن لم ينالوا حظا من الدعاية والشهرة، ولكن من عاصرهم أو تتبع أثرهم سيجد أنهم مبدعون ولهم أعمال متميزة في مختلف المجالات الأدبية، وذلك لأنهم كانوا منشغلين بلقمة العيش ولم يكن هدفهم الأول الظهور فقد كانوا يتنفسون الإبداع الذي كان جزءاً من حياتهم وتكوينهم الشخصي، لا يبحثون من وراء مواهبهم الشهرة والتكسب.