عندما يكون المربي بحاجة إلى التربية!

> سعيد بن نصر الزعبلي

>
سُئل أحد الحكماء: ما هي المصيبة الكبرى في العملية التربوية؟ فأجاب: عندما يكون المربي بحاجة إلى التربية.. وهذا ما ينطبق على حالنا وواقعنا اليوم هذه الحالة المزرية التي وصل إليها أبناؤنا وإخواننا، لا أقول هذا من باب المبالغة وإنما أقول هذا من خلال المشاهد التي أراها بأم عيني، أرى جيلاً بأكمله يتدمر، أرى شبابا في عمر الزهور يضيعون من بين أيدينا، ونحن لا نستطيع فعل أي شيء.

أروي لكم قصة شاب من مدينة عدن مديرية خور مكسر يبلغ من العمر 18 سنة، لا نذكر اسمه من أجل عدم التجريح، وهو زميل لي في أحد الأيام، ذهب هذا الشاب إلى المدرسة وقد كنا في الأعدادية في الصف التاسع، وبينما نحن نؤدي الطابور المدرسي فإذا بعلامات الحزن على وجه هذا الشاب ونحن نعرف أنه من الطلاب المشاركين في تقديم البرامج الإذاعية المدرسية، وفي هذا اليوم لم يشارك في الإذاعة المدرسية، وبعد أن انتهينا من الطابور أخذته على انفراد وسألته: ماذا بك؟ فلم يخبرني الحقيقة، وقال: حمى بسيطة وستزول.. فقلت: خير إن شاء الله. وبعد نهاية الدوام المدرسي عدت إلى البيت، وعند الساعة 3:30 عصراً خرجت من البيت ذاهب إل ى المسجد وبينما أنا في طريقي إلى المسجد رأيته وهو جالس على الرصيف وبملابس المدرسة فقلت له: ألم تعد إلى البيت حتى الآن؟! فرد: بلى قد عدت، فقلت له: لماذا لم تغير ملابس المدرسة؟ فقال: كل ملابسي متسخة.

 مضت الساعات حتى صلاة العشاء فصلينا وبعد الصلاة خرجت من المسجد ورأيته في نفس المكان وبنفس الملابس، فجاء في نفسي الشك وقلت هناك خطب ما، فذهبت إليه وقلت له: لماذا لم تذهب إلى البيت حتى هذا الوقت؟! فقال: لقد خرج أهل بيتي إلى السوق ولم يعودوا حتى الآن، فأصررت عليه أن يخبرني الحقيقة ففاضت عيناه بالدموع وهو يقول: لقد طردني أبي من المنزل! هنا انصدمت وتأثرت مشاعري معه حتى بكيت، فقام بعض أهل الحي بالتشفع له عند أبيه.

القصد من هذا كله أن بعض الآباء بحاجة إلى تربية، فكيف يربون أولادهم بهذه الطريقة، فهذه كارثة للأسف. هذا نموذج بسيط من الأحداث التي تحصل مع الشباب، فالبعض يبيت في الشوارع إلى آخر الليل، والبعض يمارس عادات سيئة مثل تعاطي القات والشمة والتمبل...الخ.

ومن هنا أوجه رسالة إلى الآباء بأن اتقوا الله في أولادكم، فأنتم ستسألون عنهم يوم القيامة، وأيضاً أقول للآباء إن مسؤوليتكم لا تعني فقط توفير الأكل والشرب والملبس، فالحيوانات تطعم صغارها وتسقيهم، ولكن أنتم أكرمكم الله بالعقل لتفكروا، فلا تكن أنت المربي الذي يحتاج إلى تربية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى