من معاشق إلى المهرة.. هادي أمام صراع نفوذ لتقسيم الجنوب

> تقرير / وهيب الحاجب

> هادي يغادر قصر معاشيق في زيارة رسمية لمحافظة المهرة، في أقصى شرق اليمن، وهي المرة الأولى التي يغادر فيها عدن إلى مدينة جنوبية بعد عودته من (الإقامة) في الرياض.
ووصل الرئيس عبدربه منصور هادي أمس عاصمة محافظة المهرة الغيظة برفقة عدد من الوزراء والمسؤولين بحكومة الشرعية، في زيارة تقول مصادر رسمية في الشرعية إنها لافتتاح ووضع حجر الأساس لمشاريع تنموية في إطار إعادة إعمار اليمن.

دلالات سياسية ومعان ذات أبعاد مرتبطة بالصراع اليمني وحرب التحالف تحملها زيارة رئيس البلاد لمحافظة شهدت احتجاجات واسعة ضد تواجد القوات السعودية وتغلغلها في المنافذ البرية والميناء والمطار، وأفضت هذه الاحتجاجات أخيرا إلى اتفاق يقتضي تقليص تواجد القوات السعودية وتمكين أبناء المهرة من إدارة المرافق الحيوية.. غير أن تطبيق بنود الاتفاق ومدى تنفيذها على الوقع لم تتبين بعد، ما يشير إلى أن زيارة هادي غير بعيدة عن هذه الأحداث وما يدور في فلكها من صراع خفي على المنافذ البرية والبحرية للجنوب.

مراقبون سياسيون، تحدثت إليهم «الأيام»، أشاروا إلى أن الزيارة تأتي ضمن توجهات سعودية لإعادة ترتيب الوضع العسكري في المهرة، وهو ما فسره تواجد السفير السعودي لدى اليمن في المهرة واستقباله للرئيس هادي ومرافقته له في لقاءاته مع قيادات المحافظة وسلطتها المحلية المدنية والعسكرية.

السفير السعودي عمل- وفق المراقبين- كثيرا على ترتيب الزيارة ووضع برنامجها وأجنداتها في إطار توجه المملكة وتواجد قواتها داخل المهرة وما نتج عن هذا التواجد من احتجاجات شعبية بدت في الأخير ذات بعد سياسي أكثر منه مطلبي أو تعبير عفوي، ما دفع الحكومة اليمنية بدعم سعودي إلى احتوائها.

هادي قال في كلمة ألقاها لدى وصوله في قاعة ديوان المحافظة «اليوم نضع حجر الأساس لمرحلة النماء في المهرة بدعم سخي وكريم من أشقائنا الكرام في المملكة العربية السعودية صاحبة السبق في كل شيء في اليمن.. فلقد كانت الأولى وهي تدرك حجم المتاعب والمخاطر، وكانت الأولى وهي تبادر وتلبي وتناصر، وهي اليوم الأولى وهي تبني وتعمر، وشتان بين من يبني ومن يهدم، بين من يحمل الخير لليمن واليمنيين وبين من اختار طريق الأذى والضرر والضرار، بين أشقاء يقفون في صف الحق وعدالة القضية اليمنية وبين آخرين سوّل لهم الشيطان أعمالهم وأضلهم عن السبيل، فالمملكة صاحبة الأيادي البيضاء على هذا البلد العظيم الذي تكالبت عليه الأحداث، ووقفت موقف الأخ والشقيق».

كلام الرئيس، الذي يُفترض أن يكون أكثر دبلوماسية، بدا واضحا في الترويج للتوجه السعودي في المهرة من حيث إعادة الإعمار وما وراءه من تجاذبات إقليمية يدركها هادي تماما، كما لم تخفِ كلمات هادي هذه (الحنق) من الطرف الآخر الذي ينافس المملكة على النفوذ في المهرة.

وفي منحى آخر، يقول مراقبون سياسيون إن زيارة هادي لم تكن زيارة يرغبها الرئيس الذي ظل محتجبا في قصر معاشيق منذ عودته من الرياض في يونيو الفائت.. بل كانت توجها سعوديا إماراتيا لإخراج الرجل من دائرة الركود إلى المهرة في مهمة تتفق على تفاصيلها الرياض وأبوظبي، ودفْع الرئيس إلى واجهة مشروع إقليمي يستهدف منافذ الجنوب البرية والبحرية، مع الترجيح أن يطال المشروع ذاته سواحل الجنوب على بحر العرب وسقطرى وباب المندب.

تدشين مشروع الأقاليم ليس ببعيد عن (تحريك) هادي إلى المهرة وعن الصراع برمته، فالرئيس اليمني الذي يتمسك بمشروع الدولة الاتحادية والأقاليم الستة سيلعب على وتر (الأقلمة) لتمرير الأجندات التي تستهدف المنافذ الشرقية للجنوب، وسيعمل على استغلال الأصوات المطالبة بإقليم (المهرة - سقطرى) وتوظيفها لمناصرة «المشروع الإقليمي» في هذه المنطقة الجنوبية مقابل ضمانات من هادي وحكومته لأبناء المهرة بإعلان الإقليم بشكل ذي استقلالية مالية وصلاحيات إدارية لا مناص أن تكون مقيدة برغبات خليجية تسعى إلى حضور تجاري وعسكري ونفوذ في المهرة وسقطرى، وهو ما أراد الرئيس هادي إيصاله لأبناء المهرة بالقول «عليكم أن تتذكروا دائما أنه إلى قبل سنوات قليلة كان يحلم أبناء المهرة بأن يديروا محافظتهم أو يكونوا شركاء في صناعة مستقبلها، واليوم أصبح الحلم حقيقة، فلا تضيعوا ما تحقق ولا تضيعوا الفرصة لحسابات ضيقة، وترفّعوا عن الإشكاليات الصغيرة».

المهرة التي ظلت طوال الثلاث السنوات الماضية في منأى عن الصراع العسكري، يبدو أنها ستقاد إلى صراع سياسي واستقطاب إقليمي قد يجر المحافظة إلى المربع ذاته الذي يعرقل اليوم المدنية ويعقد الحياة الاقتصادية، و«يملشن» الحالة الأمنية في محافظة جنوبية أخرى.. فهل بدأ هادي تقسيم الجنوب من المهرة؟​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى