ما دار في لندن

> كتب: المراقب السياسي

> كثر اللغط حول ما دار في بريطانيا في اللقاء التشاوري للمبعوث الأممي مع مجموعة من السياسيين اليمنيين خلال يومي 8 و9 أغسطس الجاري.
والعجيب أن الكثيرين كانوا مهتمين بمعرفة من حضر اللقاء، وهم 22 شخصية 6 من الجنوب و16 من الشمال، ومعظم القوائم التي تفنن كاتبوها على شبكات التواصل الاجتماعي في التأكيد على صحتها كانت غير صحيحة، حيث أضيفت شخصيات لم تحضر وحذفت شخصيات حضرت.

إن مشاركة الزميل باشراحيل هشام باشراحيل، نائب رئيس التحرير، كانت كمشاركة الباقين، محكومة بقواعد منظمة «تشاتم هاوس» التي تمنع نشر آراء المشاركين، أو أسمائهم في بعض الحالات، فالعديد من المشاركين سيعودون إلى منطقة نزاع ولا يجب تعريض حياتهم للخطر فقط من أجل نشر قائمة أسماء لن تعود بأي نفع معرفي على قارئيها.

لكن ما يدفع للارتياح أن هذا المبعوث الأممي لم يحصر نفسه في الأسماء السياسية المعروفة في سعيه لإيجاد حل، بل وسع مجموعة الاطلاع إلى أولئك الذين يتعمد السياسيون اليمنييون تهميشهم جنوباً وشمالاً، فكانت حصيلة الاجتماع مدهشة للوهلة الأولى.

لقد طرح المشاركون أفكارا جديدة فيما يتعلق بالنزاع القائم، فكان الجنوب حاضراً بقوة وبتفاصيل لم تذكر من قبل.. ففيما يقوم السياسيون اليمنيون عادة بطرح مواضيع الانفصال والوحدة وأضرارها، ركز المشاركون الجنوبيون على الآليات التي ستوصلهم إلى تنفيذ هدفهم.. كما تم طرح موضوع محكمة جرائم حرب لأول مرة لمحاكمة الحوثيين وشركائهم عما اقترفوه في الجنوب منذ حرب 2015 بحق المدنيين الأبرياء في المدن.. أولئك المدنيون الذين كانوا عزلا ولم يستطيعوا حتى الدفاع عن حقهم في الحياة.
وكان هناك نقاش مستفيض لمأساة تعز والحديدة والفساد الإداري وأدوات إدارة العملية السياسية.

وبحسب زميلنا المشارك فإن اللقاء غلب عليه الهدوء واحترام آراء الآخر على الرغم من الأفكار المطروحة كانت كثيرة وتناقضت في بعض المواقع الجغرافية في البلاد بسبب التناقضات الحاصلة على الأرض.
وعلى الرغم من أن المشاركين الجنوبيين كانوا ستة فقط، إلا أنهم أوصلوا رسالة الجنوبيين بشكل واضح وبناء وهادئ بعيداً عن أي تشنجات ومن زاوية مستقلة.

ومن ضمن ما تم نقاشه أيضاً آليات عمليات التفاوض والمواضيع التي يجب طرحها وكيفية إشراك شخصيات اعتبارية أخرى للاستفادة من الأفكار أو تسهيل عمليات التفاوض.. كما تم مناقشة مواضيع تخص تعز والحديدة وتنقل اليمنيين بين المدن أو إلى خارج الدولة.

إن مكتب المبعوث الأممي بحاجة إلى تعاون جميع الجنوبيين، فالسيد مارتن جريفيثس أول مبعوث أممي طرح موضوع الجنوب بقوة في مجلس الأمن وحصل على تفويض من المجلس يوم الخميس قبل الماضي بإدراج القضية الجنوبية ضمن الحل السياسي..على الرغم من عدم تضمن القرار 2216 لأي شيء يخص الجنوب.

وعلى الجنوبيين اليوم وبشكل وطني بحت خلق تحالفات سياسية فيما بينهم، تمكنهم من الدفاع عن حقوقهم بكفاءة، فليس الجنوبيون اليوم بصدد من يمثلهم بل بكيفية تمثيل الجنوبيين، ومن استطاع الدفاع عن حقوقهم بشكل جيد عليهم جميعاً الوقوف خلفه (أو خلفها) كرجل واحد، ويفوتوا الفرصة عمن يحاول اليوم تفريقهم لإضاعة الفرصة عليهم.

اليوم الجنوبيون أمام فرصة تاريخية لن تتكرر، فالشرعية ضعيفة جداً والحوثيون هم 1.6 % فقط من الشمال، والخروج بحل سياسي يتطلب حضور الجنوبيين وهذه هي الفرصة التي ستمكنهم من طرح قضيتهم للعالم لانتزاع اعتراف دولي بحق تقرير المصير لهم.
وما البيان المزور الذي صدر باسم المبعوث الأممي إلا محاولة في سلسلة المحاولات لإفشال مهامه، مثلما تم إفشال سابقيه، والتي ستجعل من الجنوب محورا مهما في المفاوضات القادمة.
الجدير ذكره أن موقع عقد اللقاء التشاوري في «ويستون هاوس»، وهو مقر «وكالة ويلتون بارك»، له دلالة تاريخية فهناك عقدت اجتماعات في نهاية الأربعينيات من القرن المنصرم شكلت العلاقة بين بريطانيا وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.. والتي دعا فيها رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل إلى مساعدة ألمانيا على إقامة دولة ديمقراطية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى