لك الله يا كابتن (عادل إسماعيل) ..!

>
*
محمد العولقي
محمد العولقي
الأعزاء الرياضيون في مختلف الأقطار والأمصار ، وأنتم تقرؤون هذه المادة العاطفية ، يكون الحارس العنكبوت (عادل إسماعيل) على طاولة التشريح في إحدى غرف العمليات بإنجلترا ، تتقاذفه أيادي الأطباء ، وتستقبل (لثته) مشارط الجراحة لإحدى عشرة ساعة كاملة ، ولأن هذا الرجل الذي قست عليه الحياة في وطنه بعيداً عن العيون ، وحرمه ذوو القربى من نعمة العيش الكريم ، في وطن يدعون أنه وطن الإيمان والحكمة ، قررتُ أن أهدي عشاق ومحبي (عادل إسماعيل) غيضاً من فيض بطولات وملاحم هذا الحارس العظيم الذي يقف أمام فوهة التاريخ كحارس ماهر لا ينازعه النجومية سوى أستاذه (طارق ربان) ، هيا تأهبوا للرحلة في سماء حارس بساتين البرتقال ، وابتهلوا لله عز وجل ، أن يعيد لنا (عادل إسماعيل) سليماً معافى ، من محنته المرضية.

* كان يقاتل بألف ذراع كالأخطبوط ، يرتدي الزي الأسود ، فيبدو مثل (عنكبوت) عملاق مخيف ومرعب ، طويل مثل نخلة باسقة تحمل على أغصانها رطباً جنياً ، شارب كث ، وشعر (زمبركي) ، يتلوى على رأسه كشجرة لبلاب ، عينان سوداويتان تشعان بريقاً ورعباً.

* مهلاً ، أنت بالتأكيد لست أمام أسطورة الكونت (دراكولا) بحرملته السوداء الطويلة ، وأسنانه البارزة ، أنت أمام أسطورة كروية (جنوبية) حية من لحم ودم.
* يقف العنكبوت (عادل إسماعيل) في مرماه ، يعقد ساعديه أمام صدره ، يضبط المقاسات ثم يرفع شعار (لن تمروا) .. من النادر جداً أن يخترق أي (غازي) مملكة (عادل إسماعيل) ، والنادر في عُرف اللغة لا حكم له.
* لا أحد يتجرأ ويقتحم منطقة جزاء (عادل إسماعيل) من جرب حظه وغامر عاد خائباً مكللاً بالعار والشنار.

* ينتصب (عادل إسماعيل) في مرماه ملكاً ، يبدو على عرش مملكته محارباً مهاباً ، يتسلح دائماً بقبضته الحديدية ، وسرعة رد الفعل ، الذي لا يجاريه ، ولا يدانيه فيها حارس آخر في عصره الذهبي.
* يقف (عادل إسماعيل) بطوله الفارع ، وذراعيه الطويلتين ، وجسمه المكتنز مارداً عملاقاً ، يضبط مقاسات محيطه ، يرتدي حلة (عنكبوت) سام ، وممنوع المرور عبر قناته ، ولو على جثته.

* يقولون أن حارس المرمى البارع يمثل نصف فريقه .. وهذه مقولة نسفها (عادل إسماعيل) وألقاها في اليم ، هذا لأنه قدم الدليل الاستثنائي على أنه يمثل ثلاثة أرباع فريقه.
* لا تتعجبوا ، فكرة القدم العالمية أنجبت قلة من حراس المرمى ، الذين تعاطوا مع الحقيقة السابقة ، من بينهم الروسي (ليف ياشين) والانجليزي (غوردن بانكس) والألماني (سيب ماير) ، ويمكنك أن تضيف إلى القائمة بعضاً من حراس العرب ، بينهم من دون شك الكويتي (أحمد الطرابلسي) والمغربي (بادو الزاكي) والجنوبي (عادل إسماعيل).

* عندما غادر نخبة من لاعبي (شمسان) ملاعب الكرة تحت تأثير السن ، ورث (عادل إسماعيل) فريقاً شاباً لم يتمرس بعد على أنسجة التنافس ، ولم يكن هناك في فضاء الخبرة والنجومية سوى البارع (جميل سيف).
* موسم 80 - 81 كان موسم (جميل سيف وعادل إسماعيل) بلا منازع ، قبل كل مباراة في ذلك الموسم الصعب يمسك (عادل اسماعيل) بكتف زميله (جميل سيف) قائلاً : سجلوا فقط هدفاً واحداً في كل مباراة ، ودعوا الأمر لي ، تلك مهمتي.
* مع احترامي لجميع لاعبي (شمسان) ، فقد كان الفريق في ذلك الموسم يتألف من (عادل إسماعيل) في الخلف ، و(جميل سيف) في الأمام .. الأول يسيج سوراً عظيماً أمام مرماه ، لا يصله الغزاة المهاجمون،  والثاني يحوم كالفراشة ويلسع كالنحلة.

* يستخدم (جميل سيف) كل حواسه وقدراته المدهشة ، ليسجل في مرمى الخصوم ، ثم يترك مهمة الحرب الكروية لزميله (عادل إسماعيل).
* سجل فريق (شمسان) أقل نسبة من الأهداف ، لكنه فاز في نهاية المطاف ببطولة الدوري ، بعد أن انتزعها من (الوحدة) ، هذا لأن شباك العملاق (عادل اسماعيل) لم تهتز إلا في مناسبات قليلة جداً.
* يعرف الحارس العنكبوت (عادل إسماعيل) كيف يسيطر على أجواء منطقة الجزاء ، يشعر المهاجمون عند مواجهته أنهم أمام (متاهة) الداخل فيها مفقود ، والخارج منها مولود.

* من عاصره وواجهه ولعب أمامه إندهش من نسبة تركيزه العالية ، ومن سرعة رد فعله ، إذ يبدو كما لو أنه من يتحكم في هرمون (الأدرينالين) ، لا شك أن لهذا العملاق حاسة سادسة ، ميزته عن سائر الحراس ، وما أكثرهم في عصره الذهبي ، يمتلك خفة قط ، ورشاقة غزال ، وجسارة أسد هصور ، وحكمة فيل ، وذكاء ثعلب ، كان المهاجمون يهابونه ، ويعملون له مليون حساب ، لقد قلب (عادل إسماعيل) مفاهيم الكرة تماماً ، بات هو من يهدد المهاجمين وليس العكس ، و يا لها من مفارقة عجيبة ومدهشة.

* ورث نمطية الوثب العالي في منطقة الجزاء من الأخطبوط (طارق ربان) ، أجمل ما في (عادل) أنه خبير في التوازن الحركي ، لديه مخزون من ليونية جسدية ممزوجة برشاقة مذهلة ، يتمطى ويتمدد في مرماه فيبدو مثل وحش ينام في جفن الردى.
* كتب (عادل إسماعيل) مع منتخب (اليمن الجنوبي) الكثير من الملاحم الخالدة ، ذات صيف تساوى في كفة المقارنات مع الحارسين (أحمد الطرابلسي) الكويتي ، و(رعد حمودي) العراقي ، فنال في تصفيات أولمبياد موسكو أعلى درجة تنقيط من طرف النقاد والفنيين ، كتبوا عنه الكثير ، وقالوا عنه : إنه بنى حول مرماه سداً من زبر الحديد وأفرغ عليه قطراً.

* اتخذ منه الكابتن (علي محسن مريسي) مدرب منتخبنا درعاً واقياً يحتمي به المنتخب في الملمات الصعبة ، كان يحارب دولياً بالرماح والسهام والقلاع والسيف المسلول ، وكأنه ينتمي لجسارة بطل إغريقي ، لا يسكن غير في ملاحم وإلياذات التاريخ.
* يبسط (عادل) ذراعيه الطويلتين كعقاب ضخم ، يضع عينيه في عيني أي مهاجم ، فترتعد فرائص المهاجم ، فيبتعد عن شر الحارس العنكبوت مع فاصل من الغناء.

* ترك (عادل إسماعيل) خلف ظهره ، حضارة في حراسة المرمى ، وفتح بتاريخه مع الحراسة ، جامعات ومدارس ، لكن مشكلة (عادل) أنه جوهرة في بلاد العميان ، لو كان لنا دولة تكرم الأبطال والمبدعين ، لكانت وضعت تمثالاً مذهباً للحارس (عادل إسماعيل) أمام بوابة دخول (عدن).

* بخلت الدولة على (عادل) بوظيفة محترمة ، يأكل منها بعرق جبينه ، واستكثرت فيه منصباً يعلم من خلاله الأجيال مفاهيم حراسة المرمى ، رماه اتحاد الكرة في سلة المهملات ، وترك الجمل بما حمل ، لبطل العالم في النفاق (حميد شيباني) عدو نجوم الكرة الجنوبية رقم واحد ، تنكرت  دولة (الوحدة) للحارس الكبير (عادل إسماعيل) ، إستخسروا فيه وظيفة أو منصباً في وزارة الرياضة ، التي باتت نسخة من مجلس شؤون القبائل، فهاجر إلى بريطانيا مرغماً ومحملاً بأثقال بلد ، ذاد عنها ، وحمى عرينها وعرضها ، فكافأته بالطرد والنفي والعزلة ، لك الله يا كابتن (عادل)..!​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى