حكومة معين عبدالملك.. وديناميات المشهد السياسي والاقتصادي

> تحليل/ ذويزن مخشف

>
تحديات النجاح والفشل يحدد مصيرها «معين» صاحب المسيرة المهنية القصيرة
هل يمتلك “معين” عصا سحرية لتحقيق المعجزة?

تتجه الأنظار إلى رئيس الوزراء اليمني الجديد د.معين عبدالملك، الذي لم يؤدِ اليمين الدستورية بعد، وهو خريج جامعة القاهرة والاستاذ المساعد بقسم العمارة والتخطيط بكلية الهندسة جامعة ذمار، الذي ستكون مسيرته القصيرة في العمل الحكومي مرهونة بنجاح قيادة بلد يواجه تحديات سياسية واقتصادية وأمنية لا مثيل لها في العالم وحرب مستمرة للعام الرابع.

لن يكون «معين» أمام مهمة سهلة، فمسؤولية إخراج البلاد من مصير شائك ومعقد بلغت حد الاحتياج الى معجزة حقيقية بعد وصول أكثر من نصف سكان البلاد إلى حافة المجاعة كما تشير أحدث بيانات الأممية حول الحالة اليمنية.

لا يحمل رئيس الوزراء الجديد الشاب، وهو من مواليد تعز عام (75)، عصا سحرية ولن يمتلكها، وعلى العكس فإنه يخاطر بمسيرته المهنية القصيرة التي بدأها بين عامي (2004 - 2005) حينما بدأ العمل مستشارا لهيئة تنمية وتطوير الجزر اليمنية.
منذ إعلان تعيينه في منصب رئيس الحكومة الإثنين الماضي أحدث القرار حالة من الانقسامات السياسية والاجتماعية على المستويين المحلي والخارجي، فالبعض أثار الحنق وقسم آخر أبدى ارتياحه، ولكن من غير الواضح مَن الغاضب من القرار على مستوى قوى أطراف إقليمية ودولية، فالصورة حتى اللحظة متباينة.

يشير تعاقب الحكومات في اليمن منذ ولادة الجمهورية سواء في الجنوب او الشمال وحتى بعد إعلان دولة الوحدة إلى أنها لم تحقق بعد الاستقرار السياسي الكامل أو الاقتصادي.

* المحاسبة والتغيير
يرى محللون إن قرار تعيين هادي للرجل لم يكن وفق تباين ومرجعيات فكرية او سياسية حتى لبعض الأحزاب التي توحدت رؤاها حول ضرورة إقالة الحكومة التي رأسها احمد عبيد بن دغر خلال فترة مدتها 30 شهرا كاملة.
وانتقد ساسة كُثر طريقة إعلان تعيين الرئاسة «معين» رئيسا للوزراء خلفا لبن دغر، حيث جاءت في ديباجة القرار إحالة الأخير إلى التحقيق لأسباب غير منهجية أو منطقية.

يقول الباحث السياسي ماجد المدحجي إن الطريقة التي تمت بها تغيير الحكومة «كانت صادمة واقل ما توصف به أنها غير لائقة، بغض النظر عن تضخيمنا لبن دغر بالأخير هو جزء من الطاقم الذي أدار البلد، فبن دغر والرئيس هادي يتقاسمان المسئولية عما وصلت إليه البلاد».

يستدرك المدحجي: «إذا تمت المحاسبة.. فالمسئولية محاسبة على التقصير، وهو قائم، ويجب أن يحاسب فيها الحكومة بأكملها من باب التغيير، فالأداء الرئاسي داخل في بند المحاسبة.. فالرئاسة هي صاحبة الكلمة الكبرى والتي تقرر مسار البلد وبالتالي لا يمكن فقط محاسبة بن دغر على الفشل الكارثي الذي حدث في هذه المرحلة السابقة، ولذلك التغيير الحكومي القاصر على رجل واحد شخص رئيس الحكومي غير منطقي».

* سجل بدون إنجازات
يرى معظم الناس خلو سجل رئيس الوزراء الجديد من النجاحات، قائلين «لا يملك سجلا فاخرا بالنجاحات» في ظل فترة نشاط سياسي ومهني قصيرين.

وبالفعل ظهر «معين» في المجتمع السياسي اليمني في مارس 2013 مع بدء فعاليات الحوار الوطني حينما انتخب رئيس فريق استقلالية الهيئات والقضايا الخاصة في المؤتمر، إضافة إلى عضوية لجنة التوفيق.
كان «معين» شغل في أكتوبر 2017 منصب وزير الأشغال العامة والطرق في حكومة بن دغر بعد تصعيده من منصب نائب وزير الأشغال الذي عمل به مطلع مايو 2017.

ويفتقر سجل «معين» أيضا في هذه الوزارة التي صنفت في حكومات سابقة من أنجح الوزارات لأي إنجازات يمكن ذكرها.
لكن صحيفة «الشرق الأوسط» الصادرة من لندن وتعد مقربة من دائرة الحكم في السعودية وصفت «معين» بـ «شخصية تواقة إلى الإنجاز، تتحلى بروح الشباب والسعي نحو التغيير الممكن، كما يقول المقربون منه، بعيداً عن الاصطدام بمطبات السياسة وتقلباتها».

وتتقضى الخطوة التالية لرئيس الوزراء د.معين عبدالملك إعادة تشكيل الحكومة الحالية التي ينظر إليها وعلى نطاق واسع بالفاشلة.

وقالت مصادر حكومية أمس الأربعاء لـ «الأيام» إن معين والرئيس هادي بدآ البحث في شخصيات الحكومة الجديدة ويركزان على أن تكون من وجوه جديدة، لكن مصادر سياسية أخرى قريبة من المحادثات أفادت بأن الحكومة المقبلة ستكون مصغرة لا يتجاوز عددها 12 فردا مدعمة بالخبرات. ويبلغ قوام الحكومة الحالية المقال رئيسها 36 عضوا.

ويتوقع أن تحظى حكومة «معين» بترحيب دولي استبقه المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيثس، لكن هذه الحكومة المفترض ولادتها خلال أيام ستحاط بسلسلة من الاسئلة المباشرة الصعبة أبرزها معالجة ملف المجاعة التي ذكرت تقارير الأمم المتحدة إن 22 مليون يمني باتوا أقرب الى المجاعة وبذلك يكون اليمن البلد الفقير يشهد أكبر أزمة إنسانية في العالم.

وتوقف الاقتصاد اليمني الضعيف عن النمو مع اندلاع الحرب بداية 2015. وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، توسع تقلص نسبة الناتج المحلي في أكتوبر 2015 إلى 28.1 %، بينما بلغت نسبة التضخم 30 % مع نهاية 2015 بعدما اقتربت تلك النسبة من 8 % عام 2014. وعام 2011 سجلت نسبة النمو 2.5 %.

ويرجع سبب التهاوي الاقتصادي إلى الصراع المسلح في اليمن الذي انعكس سلبا على مجمل الأنشطة الاقتصادية وأهمها تعليق الصادرات النفطية التي تشكل نسبة 70 % من الناتج المحلي للبلاد وتدر على خزينة الدولة العملة الصعبة.
والسؤال الذي يطرحه المختصون: ما الذي سيحدثه «معين» بالنظر إلى حجم التحديات الهائلة التي يواجهها في ظل استمرار الحرب، بالإضافة إلى التحدي الأبرز وهو الوضع الاقتصادي الكارثي والانهيار الشامل للعملة وملايين من اليمنيين يواجهون المجاعة.

يقول المدحجي: «يحتاج (معين) استجابة على المستويين الإقليمي والدولي، استجابة كبرى على المستوى السياسي والاقتصادي، ويحتاج رؤيا ومستوى وموضوع اتخاذ القرارات وبما فيها تشكيل طاقم عمل خاص برئيس الوزراء، وإذا كان رئيس الحكومة الجديد أتى ليعمل بالطاقم القديم، فإن الطاقم القديم الذي كان مع بن دغر يتهم بسوء أدائه وبفشل وفساد أديا للكارثة الحالية».

ويتوافق مع طرح المدحجي اقتصاديون قائلين: «ما هي قدرة رئيس الوزراء الجديد؟ كيف العمل بأدوات قديمة؟ والحكومة الحالية مترهلة والمتكونة من 36 وزارة معظمهما وزارات ليس لها حاجة في الظروف الحالية فضلا عن جيش من الوكلاء وغيرهم، يشكل هؤلاء جميعا تضخما آخر، حيث تنفق عليهم أموال طائلة بالإضافة إلى أنهم لا يقومون بشيء، إلى جانب أن غالبية الوزراء مغتربون، وهذا بحد ذاته يضع السؤال: ما هي قدرة رئيس الوزراء الجديد على التعامل الجديد مع الفساد وضعف الدولة وانهيار المؤسسات والتضخم في مؤسسات الدولة كلها، التضخم الطائل الذي تعين بعد الحرب ضمن سياسات المحاصصة واقتسام الموارد هو بالأساس فرصة ضعيفة للنجاح، بالإضافة إلى أنه يشكل مستوى الصراعات البينية بين أطراف الشرعية نفسها.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى