متقاعدون لـ«الأيام»: رواتبنا «عانة وبيستين» ومع ذلك يتلاعبون بمواعيد صرفها

> رصد/ رعد الريمي

>  في منظر تقشعر له الأبدان، وشهدت عليه جدران البنك الكائن في مديرية صيرة بالعاصمة عدن، والمارة من المواطنين الموظفين، والذين عبر بعضهم بأسف وامتعاض بالغ عن ذلكم المشهد في الوقت الذي اكتفى البعض منهم بإلقاء نظر حاسرة، ولسان حال بعضهم يتساءل: هل سنصل لهذا الحال بعد حين؟! حيث شوهدت امرأة سمراء طاعنة في السن تجاوزت عقدها السادس، ترتدي عباءة مهترئة، وتحمل في يسراها علبة ماء وحقيبة عتيقة تصرخ بأعلى صوتها وتلوح بيدها جهة البريد الذي تشتكي منه إيقاف راتبها وفجأة يغمى عليها.

متقاعدون يعانون
وقفت أمل سعيد، متقاعدة تبلغ من العمر ستينا عاما، أمام البنك الأهلي وأخذت تصرخ بصوت أضناه الإعياء والحاجة وتقول: «يا ناس حرام عليكم، أتيت للبريد عبر مركبة توسلت سائقها أن يعفيني من دفع الأجرة».
وتضيف أمل بصوت مبحوح: «لا أريد سوى حقي وراتبي الذي مضى على موعد صرفه نصف شهر، كما لا أعلم هل ستضم له الزيادة التي وعدتنا بها الحكومة أم لا؟!».

متقاعد مسن ممتد بالشارع الرئيسي
متقاعد مسن ممتد بالشارع الرئيسي

عادة ما تشهد مديريات العاصمة عدن قطع للطرقات من قبل متقاعدين ذكورا وإناث احتجاجاً على تأخر صرف رواتبهم من قبل إدارة البريد في عدد من المديريات.

وكان آخر تلك الاحتجاجات وقطع الطرقات ما شهدته مديرية صيرة بالعاصمة عدن أمس الأول الخميس، حيث أقدم متقاعدون طاعنون في السن على افتراش الطريق العام المقابل للبنك الأهلي اليمني احتجاجا على مماطلة البريد بصرف مرتباتهم، متهمين بتلك المماطلة على حد تعبيرهم إدارة البريد وإدارة التأمينات والمعاشات التي لا تبعد الأخيرة عن موقع البريد سوى عدة أمتار.

متقاعد جالس وسط الشارع
متقاعد جالس وسط الشارع

ما أقدم عليه المواطنون المتقاعدون يقولون إنه جاء عقب أن وصلوا لقناعة أن إدارات البريد ومرفق التأمينات تتلاعب بمواعيد مرتباتهم لتوسيع شريحة اللاجئين للسمسرة.

كما يقول المتقاعدون إن قطعهم للطرقات جاء اضطرارا وبرغم الضرر الحاصل على بقية المواطنين غير أنهم لا يجدون وسيلة يعبرون بها للجميع عن ما يطالهم من تعسف.

تأخر رواتب وضمور قيمة العملة
ويضيف المتقاعدون في استعراض مأساتهم «لم يكن ما نلقاه من تأخر في صرف رواتبنا آخر المشكلات التي نعانيها كشريحة المتقاعدين، بل يضاف له ما يفاجئنا به الشارع من ضمور بالغ للقوة الشرائية التي تعانيها مرتباتهم وخاصة أن رواتبنا كانت تساوي قبل عام ما يعادل (200 $) والتي تراجعت اليوم للحضيض وباتت تعادل (60 $)».

متقاعدون محتجون يقطعون الطريق ويفترشون فيه
متقاعدون محتجون يقطعون الطريق ويفترشون فيه

وبالمجمل يعاني المواطنون المتقاعدون منهم والموظفون مع الدولة وغير الموظفين من تدهور للأوضاع الانسانية والتي تبرز جليا من شهر لآخر بالتزامن مع تدهور مخيف للعملة في ظل حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية.

بريد كريتر يتلاعب بمرتباتنا
وأوضح المواطنون المتقاعدون في تصريحات خاصة لـ«الأيام» كبريات الصحف المحلية بالعاصمة عدن، أن بريد مديرية صيرة التابع للهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي، «حرمنا حقوقنا التي هي بالأصل رواتبنا».

وأضافوا «ألا يكفي ما نلقاه من معاناة ومسارعتنا للحضور إلى بوابة البريد في أوقات لا يناسب فيها خروجنا وخاصة أننا طاعنون في السن، حيث نلجأ للحضور إلى بوابة البريد في الساعة الثانية عشر ليلاً بغرض حجز مقاعد متقدمة لغرض الحصول على رواتبنا».

تجدر الإشارة إلى أن بوابات البريد عادة ما تشهد اكتظاظا بالغا حين صرف المرتبات ويضطر كثير من المتقاعدين للعودة لمنازلهم خاليي اليدين بسبب شح السيولة في مرافق البريد، وسبق وأن شهدت العاصمة عدن مأساة حيث توفي أحد المتقاعدين أمام مكتب البريد من أجل الحصول على راتبه التقاعدي».

سمسرة في البريد
 وأشار الموظفون في أحاديثهم لـ«الأيام» إلى وجود سمسرة في البريد وكذا في مكتب التأمينات، وأن هناك تلاعبا واضحا من قبل إدارات المرفقين تمارسها على المتقاعدين.
وقالوا: إن غالب أعذار موظفي البريد تنص على أن امتناعهم عن صرف مرتباتهم تنحصر في تعطل شبكة الأنترنت من محافظة صنعاء وكذا فقدان السيولة.


وأضافوا «ها نحن نتجاوز اليوم (الخميس أمس الأول) نصف شهر ولم تصرف لنا مرتباتنا، وكذا لم تصرف لنا الزيادة البالغة (30 %) التي كانت أعلنت عنها حكومة بن دغر والتي يفترض تسليم الزيادة هذا الشهر».
وعلل المتقاعدون بأن «تلكم الممارسات والسلوكيات التي يبديها موظفو البريد والتأمينات لصرف رواتبنا ما هي إلا أعذار لغرض فرض صعوبات، الأمر الذي يلجأ حياله الموظفون للسماسرة».

وأردف المتقاعدون «لقد تواصلنا مع مأمور المديرية خالد سيدو غير أنه لم يتجاوب معنا، كما تواصلنا مع مدير البريد والذي هو الآخر لم يتجاوب معنا».
 من جهته عبر متقاعد آخر تتحفظ «الأيام» عن ذكر أسمه بأن «ما نعانيه في البريد جزء من قوى فاسدة تريد أن تعبث بالجنوب ونعد الحكومة سواء السابقة أو الجديدة جزءا من تلك القوى».


وأضاف: «إن ما تلقاه شريحة المتقاعدين من تلاعب في رواتبهم أمر في غاية السوء وخاصة وأنهم خدموا الدولة 35 سنة».

افتراش متقاعدين لرصيف طريق رئيسي في مديرية صيرة بالعاصمة عدن احتجاجا على تأخر صرف مرتباتهم، ليس الأخير لشريحة باتت تلاقي إهانة بالغة وتعذيب في ظل ما تعيشه أسر وكلاء محافظة أو أسر محافظين أو أسر وكلاء وزارات ووزراء من رفاهية وحياة كريمة.

مطالب بتغييرات إدارية
وختم المتقاعدون حديثهم بضرورة تغيير القائمين على تلك المرافق (البريد - التأمينات) وخاصة أنهم يتعاملون بفضاضة مع مواطنين أفنوا جل أعمارهم في خدمة الدولة.. وناشدوا رئيس الجمهورية بالوقوف مع المتقاعدين، وخاصة أن الاهتمام بالمتقاعدين يعكس مدى جدية الدولة والسلطة التي تتصدر الرئاسة قائمتها.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى