> واشنطن «الأيام» أ ف ب

 
تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الاحد عن "أكاذيب" في روايات الرياض عن قضية جمال خاشقجي الذي قتل في قنصلية بلاده في اسطنبول، بعدما اعتبر سابقا أن ما كشفته السعودية عن ظروف مقتل الصحافي السعودي "جدير بالثقة".
وفي مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" التي كان يكتب فيها خاشقجي نشرت ليل السبت بتوقيت واشنطن، قال ترامب "من الواضح أنه حصل خداع وكذب".

واعتبر الرئيس الأميركي أن "هناك تخبطا في رواياتهم" في إشارة للروايات المختلفة التي صدرت من الرياض أثناء الأزمة، وذلك غداة وصفه ما اعلنته السعودية عن مقتل خاشقجي بأنه "جدير بالثقة".
وفقد خاشقجي المعروف بانتقاداته لسياسة الرياض بعد أن دخل في الثاني من أكتوبر القنصلية السعودية في اسطنبول من دون ان يخرج. وأكّد مسؤولون سعوديون في بادئ الأمر أنّ خاشقجي خرج من ممثلية بلاده سليما.

وبعد 17 يوما من الإنكار، أعلنت الرياض السبت أنّ خاشقجي قُتل في قنصليتها في إسطنبول إثر وقوع شجار و"اشتباك بالأيدي" مع عدد من الأشخاص داخلها.
والأحد، واجهت السعودية تشكيكا متزايدا، مع مطالبة قوى غربية الرياض بتقديم إجابات. إذ ندد مسؤولون بريطانيون وفرنسيون بالرواية السعودية الأخيرة باعتبارها "غير كافية"، فيما اعتبرت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند أنّ الرواية السعودية الاخيرة تفتقر إلى "الانسجام والمصداقية".

وكان خاشقجي انتقل في 2017 للعيش في منفى اختياري في الولايات المتحدة خشية التعرّض للاعتقال في السعودية التي شهدت حملات توقيف شملت كتّابا ورجال دين وحقوقيين وناشطات في حقوق المرأة وأمراء وسياسيين.
- ضغوط متزايدة -وتتعرض الإدارة الأميركية لضغوط كبيرة من أجل اتخاذ موقف أكثر تشددا من السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم وأحدى القوى الرئيسية في الشرق الأوسط.

وقال عدد من كبار أعضاء الحزب الجمهوري الذي ينتمي له ترامب إنهم يعتقدون أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، على صلة بجريمة القتل، ودعا أحدهم إلى رد غربي "مشترك" إذا ثبتت صلته بالمسألة.
لكن ترامب نأى بنفس من هذا الامر، مؤكداً أهمية العلاقات الأميركية السعودية لتحقيق أهداف واشنطن الاستراتيجية الإقليمية.

وحرص ترامب على تحييد ولي العهد السعودي الأمير محمد البالغ 33 عاما والذي وصفه بأنه "شخص قوي، ولديه سيطرة جيدة جدا" على الأمور، و"يحب بلاده".
وقال الرئيس الأميركي "لم يقل لي أحد إنه مسؤول عما جرى. كما لم يقل أحد إنه ليس مسؤولا. لم نصل إلى هذا الحد"، مشيرا إلى "احتمال" أن يكون ولي العهد السعودي قد علم لاحقا بما حدث.

وتابع ترامب "أوّد ألا يكون (ولي العهد السعودي) مسؤولا عما جرى. أعتقد أنه حليف هام جدا لنا، خصوصا في ظل أنشطة إيران التخريبية حول العالم. إنه يشكل ثقلا موازنا لها"، مكررا خلال المقابلة أهمية الروابط الاقتصادية بين الولايات المتحدة والسعودية.

الجمهوريون يهاجمون ولي العهد
وفي ظل الموقف الملتبس لإدارة ترامب حيال المسألة، طالب العديد من أعضاء الحزب الجمهوري بموقف أكثر شدة.
وعما إذا كان يعتقد أن الأمير محمد يقف وراء قتل الصحافي، قال السناتور الجمهوري بوب كوركر لشبكة "سي إن إن" "نعم، أعتقد أنه فعل ذلك. دعونا ننته من هذا التحقيق".

وأضاف كوركر الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أنه إذا كان الأمير متورطًا فإنّه "ينبغي أن يكون هناك رد جماعي".
وتابع "أعتقد أننا سنشاهد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تعمل في شكل مشترك مع آخرين، إذا كان (ولي العهد السعودي) فعل ذلك، للرد بطريقة مناسبة".

لكن أقوى التصريحات جاءت من السناتور ليندسي غراهام، الحليف القوي لترامب في مجلس الشيوخ الذي دعا إلى "الإطاحة" بالأمير محمد.
وقال غراهام "أوّد أن أعاقب المتورطين. من المستحيل تصديق أن ولي العهد غير متورط. لا أمانع المبيعات العسكرية (للسعودية) لكني أعترض على العمل مع القيادة الحالية" في البلد الخليجي الذي وقّع مع واشنطن عقودا عسكرية تتجاوز قيمتها 380 مليار دولار بينها 110 مليارات لبيع أسلحة اميركية إلى الرياض.

وتابع أنّ "هذا السلوك خارج عن المألوف إلى درجة أن الأشخاص المتورطين فيه يجب إطاحتهم من وجهة نظري. السعودية بلد وولي العهد السعودي شخص. أرغب في الفصل بين الاثنين" متهما الأمير الشاب بالتصرف بطريقة "همجية".
بدورهم، انتقد الديمقراطيون مرارا رد فعل ترامب الضعيف وغير الحاسم.

وقال عضو الكونغرس الديموقراطي آدم شيف الأحد إنّ "الرئيس (ترامب) سيقبل إنكار ولي العهد مثل قبوله إنكار (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين ونفي (زعيم كوريا الشمالية) كيم جونغ أون"، إلا إذ "اعترف" الأمير محمد بتورطه وهو أمر غير مرجح.
واضاف لشبكة "ايه.بي.سي" "نحتاج الى إجراء تحقيق معمق في ما يتعلق بالسعودية"، وتابع "علينا أن نرى ما إذا كانت الدوافع المالية تؤثر على الرئيس".

وذهب السناتور الديموقراطي ديك دوربين إلى حد المطالبة "بوجوب طرد السفير السعودي، طرده رسميا، من الولايات المتحدة حتى يتم الانتهاء من تحقيق يجريه طرف ثالث في هذا الخطف والقتل" للصحافي السعودي.