ضغوط أمريكية لفرض تسوية مبنية على «خطة جون كيري»

> «الأيام» غرفة الأخبار

>
 الدعوات الأممية والدولية لوقف الحرب بين الحوثيين والشرعية اليمنية المسنودة بالقوات الجنوبية والتحالف العربي لا تعطي - حتى الآن - انطباعا حقيقيا عن رغبة المجتمع الدولي في تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وهو ما يجعل تلك الدعوات تأخذ منحى سياسيا لا يلبي أدنى شروط الحكومة الشرعية المتشبثة بالمرجعيات الثلاث للحل، والتحالف العربي الذي يؤكد عدم قبوله بأي حل يمكن أن يجعل من الحوثيين نموذجا جديدا لحزب الله وذراعا أخرى للمشروع الإيراني في المنطقة.

ورغم هذا الموقف الرسمي الذي يبدو متصلبا من قبل الشرعية إلا أنها لا تزال تبدي رغبتها بالشراكة السياسية مع جماعة الحوثي وفقا لوزير الخارجية اليمني خالد اليماني، الذي قال في تصريحات تلفزيونية، معلقا على مقترح وزير الدفاع الامريكي جميس ماتيس، إن الشرعية «ستقبل بالتفاوض مع الحوثيين كمكون سياسي وليس كمليشيا».

وحققت ألوية العمالقة الجنوبية خلال معارك أمس وأمس الأول انتصارات جديدة في جبهة الساحل الغربي في تطور ميداني لافت يترافق مع الدعوات الدولية والأممية لاستئناف مشاورات السلام اليمنية نهاية نوفمبر الجاري.

وأفاد مصدر ميداني أن ألوية العمالقة الجنوبية «تقدمت (أمس) عبر الطريق الترابي خلف مطاحن البحر الأحمر باتجاه مدينة الصالح شرق مدينة الحديدة، بعد تجاوزها محيط دوار الغراسي الرابط بين شارع الخمسين وجنوب غربي المطار»​​​.

وأضاف المصدر أن مواجهات عنيفة دارت ظهر أمس خلف أحواش الخامري وكلية الهندسة في شارع الخمسين، بالتزامن مع استهداف طيران التحالف بغارة تجمعا لمسلحي الحوثي في جولة الأقرعي على شارع الخمسين، وأن قتلى وجرحى سقطوا جراء القصف.
وأكدت ألوية العمالقة المدعومة من تحالف عسكري عربي، تحقيق تقدم بمدينة الحديدة بعد معارك مع الحوثيين.

وقالت العمالقة في موقعها على الإنترنت، إن قواتها «سيطرت على كلية الهندسة في شارع الخمسين شرق مدينة الحديدة واقتربت من السيطرة على مدينة الصالح».​

وأكدت مصادر محلية تقدم ألوية العمالقة جنوب وشرق المدينة وتمكنها من تحرير مناطق واسعة، من بينها معسكر قوات الدفاع الجوي شرق المدينة وجامعة الحديدة جنوبا ودفع الجماعة الحوثية إلى التراجع إلى داخل الأحياء السكنية.

ونقلت «العرب اللندنية» عن مصادر ميدانية أن الحوثيين لجأوا إلى القصف المدفعي على المناطق المحررة وتحويل المدنيين إلى دروع بشرية، فيما تعتمد المقاومة والتحالف العربي على استراتيجية تقوم على تطويق مدينة الحديدة من جميع الجهات وقطع طرق الإمدادات عن الحوثيين من دون خوض مواجهات داخل الأحياء السكنية.

وعزا الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز فنار لبحوث السياسات عزت مصطفى تجدد معارك تحرير مدينة الحديدة ومينائها في هذا التوقيت إلى الرغبة في استباق جولة المشاورات التي يحضر لها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيثس.

وقال مصطفى في تصريحات صحفية لجريدة «العرب»: «نعرف أن معركة تحرير الحديدة بدأت في يونيو الماضي وتوقفت لأكثر من مرة لإعطاء الفرصة للمبعوث الأممي لإقناع الحوثيين بتسليم المدينة دون قتال، لكننا نلاحظ أن لا حديث حول مبادرات تتعلق بالحديدة، فيما التحضيرات تجري للمشاورات القادمة، وهو ما يدفع الشرعية اليمنية والتحالف العربي إلى استئناف تحرير الحديدة قبل عقد أي جلسات متعلقة بالتسوية»، مؤكدا أن «المسيطر على الحديدة سيعزز أوراقه التفاوضية بلا شك وبقدر كبير سواء كان الشرعية أو الحوثيين».

ولفت مصطفى إلى أن شكل التسوية التي قد تفرض بناء على تصريحات مسؤولي الإدارة الأمريكية سواء ما ورد عن وزير الدفاع جيمس ماتيس أو وزير الخارجية مايك بومبيو، والتي تلمح إلى منح الحوثيين مناطق حكم ذاتي، يعطي مؤشرات على أن المناطق التي تحت سيطرتهم ستظل كذلك لفترة طويلة بعد التسوية، وهو ما يؤكد وجود ضغوط تمارسها واشنطن من أجل فرض تسوية مبنية على ما عرف بخطة وزير الخارجية السابق جون كيري.

واعتبر مصطفى أن هذه المقاربة المنحازة للتسوية تدفع الشرعية والتحالف العربي إلى ممارسة المزيد من الضغط العسكري لتحرير أكبر قدر من محافظات الحديدة، صعدة والبيضاء.

ويشير الصحافي اليمني ورئيس تحرير موقع «اليمن الجمهوري» كمال السلامي إلى أن التصعيد الأخير في جبهات القتال، وخصوصا في صعدة والساحل الغربي، مرتبط إلى حد ما بالتصريحات الغربية الأخيرة التي دعت إلى ضرورة وضع حد للحرب، والتوصل إلى مقاربة سياسية لإنهاء الأزمة الإنسانية التي تعيشها اليمن.

ويرى السلامي أنه لا يمكن التواصل مع الحوثيين إلا بالمزيد من أوراق الضغط وانتزاع المزيد من المناطق من تحت سيطرتهم، وهو ما سيمنح الشرعية أوراقا لإرغامهم على القبول بالتسوية وتنفيذ القرارات الدولية.

وفيما يرى مراقبون للشأن اليمني أن الضغوط الأمريكية تأتي كخدمة مجانية للحوثيين، بادرت الجماعة الحوثية إلى نفي تلقيها لأي مبادرة من أجل جولة جديدة من المفاوضات، في خطوة تعكس التمادي في الهروب إلى الأمام.

وقال الناطق باسم الحوثيين محمد عبدالسلام إن وفد جماعته لم يتلق أي اتصال أو دعوة من الأمم المتحدة، ولا الأطراف الدولية بشأن جولة جديدة من المفاوضات.

وكشف عبدالسلام، في لقاء مع قناة المسيرة الفضائية الناطقة باسم الحوثيين، أن “دعوة أمريكا لوقف العدوان (عمليات التحالف) على اليمن نوع من المزايدة، وإيذان بدخول مرحلة جديدة من التصعيد”.

ملف «القاعدة» قد يشكل عاملا من جملة أسباب تقف وراء التحركات الأمريكية الأخيرة لوقف حرب اليمن، تكشف دعوة واشنطن في هذا التوقيت أن الضغوط الأمريكية هي أيضاً نتيجة طبيعية لطول أمد الحرب في اليمن، والذي أصبح يشكل حرجاً لواشنطن أمام الداخل الأمريكي، وجاءت جريمة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، لتسقط صورة بن سلمان أمام العالم، إلى جانب الأزمة الإنسانية التي تشكِّل فرصة لأمريكا لتزيد من ضغوطها على التحالف العربي، بغرض تحقيق أي تقدم في هذا الملف، كما أن التصريحات الأمريكية قد تكون أكثر من رسائل إعلامية لتحقيق أهداف خاصة في ملفات ما، بين البلدين.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى