قصة قصيرة.. بردة البوصيري

> محمد حسين الدباء

>
«داهمني الفالج (الشلل النصفي) فأبطل نصفي، ففكرت في عمل قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم استشفع بها إلى الله في أن يعافيني، وقررت إنشادها، ودعوت الله، وتوسلت، ونمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فمسح على وجهي بيده المباركة، وألقى عليَّ بردة، فقمت من نومي ووجدتُ فيَّ نهضة، وخرجت من بيتي» بهذه الكلمات ذكر لنا محمد بن سعيد البوصيري قصة قصيدته التي أجمع معظم الباحثين على أنها من أفضل وأعجب قصائد المديح النبوي إن لم تكن أفضلها، حتى قيل: إنها أشهر قصيدة مدح في الشعر العربي بين العامة والخاصة.

يقول الدكتور زكي مبارك: «البوصيري بهذه البردة هو الأستاذ الأعظم لجماهير المسلمين، ولقصيدته أثر في تعليمهم الأدب والتاريخ والأخلاق، فعن البردة تلّقى الناس طوائف من الألفاظ والتعابير غنيت بها لغة التخاطب، وعن البردة عرفوا أبوابًا من السيرة النبوية، وعن البردة تلّقوا أبلغ درس في كرم الشمائل والخلال».

مولاي صلّ وسلّــم دائماً أبداً
على حبيبك خيــــر الخلق كلهم أمِنْ
تــذكّر جيران بــذي ســلم
مزجت دمعــا جرى من مقلة بدمِ
أم هبَّت الريح من تلقــاء كــاظمةٍ
وأومض البرق في الظّلمـاء من إضمِ
فما لعينـيك إن قلت اكففـاهمـتا
وما لقلبك إن قلت اسـتفق يهــمِ
أيحسـب الصب أن الحب منكتــمٌ
ما بين منســجم منه ومضْـطَـرمِ
لولا الهوى لم ترق دمعا على طللِ
ولا أرقت لــذكر البـان والعلـمِ
فكيف تنْكـر حبا بعدمـا شــهدت
به عليـك عدول الدمـع والسـقمِ
وأثبت الـوجد خـطي عبرة وضـنى
مثل البهـار على خديـك والعنـمِ
محمد سيد الكونين والثقليـ
ـن والفريقين من عرب ومن عجمِ
نبينا الآمر الناهي فلا أحدٌ
أبر في قول لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته
لكل هول من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستمسكون به
مستمسكون بحبل غير منفصم
فاق النبيين في خلقٍ وفي خلق
ولم يدانوه في علم ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمس
غرفا من البحر أو رشفا من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهم
من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي تم معناه وصورته
ثم اصطفاه حبيباً بارئ النسم
منزه عن شريك في محاسنه
فجوهر الحسن فيه غير منقسم
دع ما ادعته النصارى في نبيهم
واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف
وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له
حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفم​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى