> تربة حيدرية «الأيام» أ ف ب
يتقدم العمال الزراعيون في حقل تغطيه زهور بنفسجية في سهل يقع بشمال شرق إيران حيث يقومون بقطفها بتأن مع أنه لم يبق لديهم سوى حوالى عشرة أيام لجمع التويجات التي يستخرجون منها أغلى بهار في العالم: الزعفران.
ولا تحمل كل واحدة من زهور الزعفران هذه سوى ثلاثة أو أربعة مياسم حمراء هي خيوط الزعفران "الذهب الأحمر" الذي يعد كنزا وطنيا.
وتربة حيدرية الواقعة على بعد 700 كلم إلى الشرق من طهران، هي المدينة الرائدة في هذا المجال إذ إنها تؤمن وحدها ثلث الإنتاج العالمي من الزعفران، حسب دراسة للمعهد نفسه.
وفي الحقول التي لا ينمو فيها النبات أكثر من 30 سنتم، ينحني العمال ويقطفون بصبر الزهور ويملأون دلاءهم بها.
وفي الأسواق المحلية، يبلغ سعر الزعفران حوالى تسعين مليون ريال (أكثر من 600 يورو بأسعار صرف اليوم) للكيلوغرام الواحد. وعند تصديره إلى الخارج، يمكن أن يكلف أكثر بعشر مرات أو عشرين مرة.
لكن هذه الخيوط الحمراء تشكل أيضا مصدر سعادة للطباخين في جميع أنحاء العالم الذين يستعملونها في أطباق مثل "الريزوتو" أحد أشهر مأكولات ميلانو وبعض أنواع الكاري الهندي والخبز السويدي "لوزيكاترز" والخبز التقليدي لعيد الفصح الأرثوذكسي الروسي (كوليتش).
"تحديث لا يتوقف"
في غياب الدعاية والترويج له، لا يبدو الزعفران الإيراني معروفا كثيرا للجمهور في الخارج، لسبب بسيط هو أن الجزء الأكبر من الإنتاج الوطني يتم تصديره بالجملة إلى دول أخرى تعيد تصنيعه حسب رغبتها.
وقال النائب المحلي سعيد بستاني إن "الإنتاج يجري هنا لكن التسويق والمبيعات في الخارج". وأضاف أن "الناس في جميع أنحاء العالم يجب أن يعرفوا أن الزعفران أيا تكن الشركة التي يحمل اسمها أو البلد الذي تم شراؤه منه، هو إيراني (بشكل عام)، حتى إذا كان الغلاف يحمل عبارة زعفران من إسبانيا أو إيطاليا أو سويسرا".
وعلى بعد 120 كلم إلى الشمال من تربة حيدرية في محيط مشهد كبرى مدن محافظة خراسان رضوي، يقوم مصنع "نوفين زافيران" بتصدير 15 طنا من الزعفران كل سنة، وهو إنتاج من نوعية ممتازة بفضل وسائل حديثة.

إيرانيات تسحبن مياسم الزعفران في مصنع "نوفين زافران" في إيران
لكن المهمة شاقة لأن لأسواق التصدير الكبرى احتياجاتها الخاصة. ويقول شريعتي إن إسبانيا مثلا تريد مسحوق الزعفران لطبق "البايلا" وبريطانيا تريد خيوطا كاملة للأطباق الهندية والسويد تريد كميات صغيرة لاستخدامها في المواسم.
وتأتي عوامل أخرى تضطرهم للابتكار مثل الجفاف المزمن الذي يضرب منذ حوالى عشرين سنة المناطق القاحلة في إيران.
اهتمام صيني
لا يحتاج الزعفران لكميات كبيرة من المياه. لكن على الرغم من ذلك تنتقل هذه الزراعة تدريجيا إلى الشمال "باتجاه مناطق أكثر رطوبة"، كما قال أمين رضائي المزارع في تربة حيدرية الذي يدرك أن عليه، إذا كان يريد الاستمرار، الاستثمار في نظام أكثر فاعلية للري بعدما استنفد احتياطات المياه في أراضيه.
وأكد شريعتي أن الري بطريقة حديثة أمر ممكن جدا لكنه يتطلب معرفة أفضل ودعما للقرويين. وتابع أنه يمكن بذلك مضاعفة الإنتاج الإيراني من الزعفران ليصل إلى ألف طن سنويا مقابل 400 طن في الوقت الحالي.
ولمعالجة هذه المشكلة، وضعت شركته برنامجا "للتجارة العادلة" يساعد المزارعين في الحصول على قروض، ويؤمن لهم معدات يتم شراؤها بالجملة بأسعار جيدة ويعلمهم وسائل الزراعة الحديثة.
وقال شريعتي "نقوم بتأهيل عشرين ألف مزارع على الأقل". وقد تعهدت شركته لنحو أربعة آلاف منهم بشراء كامل إنتاجهم.
لكن على الصعيد الدولي، يستفيد الزعفران الإيراني من الوضع. فضعف سعر الريال، العملة الوطنية يشجع على التصدير الذي يستفيد أيضا من اهتمام الصينيين مؤخرا "بالذهب الأحمر".
وخلافا للنفط، الزعفران ليس مستهدفا بالعقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران.