واشنطن ترى التحرك صوب السويد نقطة انعطاف مهمة للعملية السياسية

> تقرير /ذويزن مخشف

>  يترقب اليمنيون - بصمت - انعقاد محادثات السلام بين الأطراف اليمنية المتحاربة المزمع استضافتها في مدينة «أوبسالا» السويدية قبيل الولوج إلى العام الميلادي الجديد (2019)، لكن
المؤشرات على إجرائها تبدو حتى الآن محدودة بالنظر إلى ما يدور من مشهد سياسي متسارع من جهة والمستجدات العسكرية من جهة أخرى، بالرغم من الضغط المتنامي على أطراف الحرب وحلفائهما بغية الوصول إلى إتمام هدنة من المحتمل أن تفسح المجال للوصول في آن واحد إلى طاولة المحادثات المباشرة.

ينص مشروع القرار البريطاني حول اليمن إلى هدنة فورية في مدينة الحديدة لتمكين المتحاربين أسبوعين لإزالة كافة العقبات التي تعترض مرور وصول المساعدات الإنسانية للبلاد التي أصبح الجوع ينهش ثلاثة أرباع سكانها.
فالثابت - إلى هذه اللحظة- أن الدول الكبرى لم تحسم أمرها بعد في هذا الملف المعقد رغم إيجابية المساعي التي تشكلت خلال الأسابيع الفائتة، وتحديدا منذ عقد جلستي مجلس الأمن الدولي في مطلع ومنتصف هذا الشهر (نوفمبر) على التوالي حول الأوضاع في اليمن.

ومع أن مسار «سياسة النفس الطويل» التي أبدتها وتتبعها وبمرونة كبيرة الدول الخمس الكبرى بمجلس الأمن من حين إلى آخر خلال الفترات السابقة للحيلولة لإنجاز اتفاق شامل على إنهاء الحرب في اليمن بسبب تنامي مخاوف الأزمة الإنسانية من أن يبتلع الجوع 12 مليون يمني على الأقل.. إلا أن خلافات هذه الدول الكبرى مستمرة بشأن اليمن وملفات إقليمية متقاربة برغم انخفاضها تارة وعودة تصاعدها تارة أخرى وبشكل أقوى داخل أروقة المجلس، كما برز ذلك أمس الأربعاء عقب مذكرة أمريكية تطلب تعليق مباشر لمشروع القرار البريطاني المزعوم. 

ففي خطوة تعكس عدم الاتفاق الدولي وعدم تقاربه، أبلغت الولايات المتحدة أمس مجلس الأمن الدولي بأهمية «تأجيل مشروع قرار يدعو إلى هدنة في اليمن» التي تقدمت به بريطانيا موازاة مع تحركها المستميت لمعالجة القضية الإنسانية التي تمثل الأهمية القصوى لبريطانيا مع تحركات مواطنها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيثس.

وقالت واشنطن في خطاب للمجلس أنه ينبغي التأجيل إلى حين إجراء محادثات السلام المقررة في السويد.
وتوصل جريفيثس بعد جهود مضنية ورحلات مكوكية إلى عقد المحادثات في «أوبسالا» بالسويد بهدف إنهاء الحرب التي تمزق اليمن للعام الرابع بعدما فشل في عقدها في مدينة جنيف السويسرية في سبتمبر الماضي، بعد امتناع وفد الحوثيين عن الحضور والمشاركة في الحوار.

ويؤكد دبلوماسيون أن مساعي بريطانيا لحمل مجلس الأمن الدولي، الذي يتألف من 15 عضوا، على التحرك بشأن الأزمة الإنسانية في اليمن تباطأت إثر مخاوف بعض دول الأعضاء بمجلس الأمن أبرزها أمريكا من أن يعرقل ذلك جهود الأمم المتحدة لعقد محادثات سلام حول اليمن.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن المجلس ما يزال يواصل العمل على مسودة قرار تضم خمسة مطالب تقدم بها مسؤول المساعدات بالأمم المتحدة مارك لوكوك يتعلق أحدها بهدنة حول المنشآت التي تعتمد عليها عملية المساعدات والمستوردين التجاريين، لكن موعد طرحها للتصويت لم يحسم بعد.

ونقلت وكالة رويترز عن دبلوماسيين قولهم «إن بعض الأعضاء يريدون الانتظار لما بعد محادثات السلام المزمع عقدها الشهر المقبل». وفي حين لم يحدد موعد المحادثات بصورة رسمية كان جريفيثس قال إنه ينوي عقدها قبل نهاية العام في السويد. ويمكن عقد محادثات السويد في 3 ديسمبر، لكن هذا التاريخ لم يعلن رسميا بعد.

وتسارعت ضغوطات الدول الغربية من أجل الوصول إلى هدنة واستئناف جهود السلام مع الانهيار الاقتصادي الواسع النطاق للبلاد، والتي أفادت تقارير أممية أن ثلاثة أرباع السكان يحتاجون بالفعل إلى المساعدات.
وأشارت واشنطن في خطابها لأعضاء المجلس إلى أنها غير مستعدة للتحرك بشأن مشروع القرار لحين انعقاد محادثات السلام.

وجاء في المذكرة «نتطلع إلى المباحثات المستمرة خلال هذه الفترة الحرجة، وسنواصل مراقبة كل من الوضع على الأرض والتقدم صوب المحادثات عن كثب».
وأضافت «نتطلع لإضافة مزيد من التعليقات المهمة إلى المسودة (القرار) متى يكون لدينا معلومات بشأن نتيجة المشاورات المقبلة».

وكانت بريطانيا طرحت مسودة مشروع القرار الأسبوع الفائت، لكن لم تحدد موعدا للتصويت عليه في الوقت الذي أكد جريفيثس خلال جلسة المجلس يوم 16 نوفمبر الجاري بأن الأطراف اليمنية قدمت له «تأكيدات قاطعة» على التزامها بحضور محادثات السلام.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية «المباحثات بشأن المشروع جارية وسنطرحه للتصويت في المرحلة التي تحقق أفضل النتائج لشعب اليمن».

وأكدت المذكرة الأمريكية أن «من المهم أن تؤخذ في الاعتبار نتائج المحادثات الوشيكة في ستوكهولم والتي ستكون نقطة انعطاف مهمة في العملية السياسية».
وفي رد سريع على الطلب الأمريكي، وصفت جماعة الحوثي موقف واشنطن بالمتعنت من الدولة التي أعلن منها الحرب على اليمن لن تكون هذه الدولة (أمريكا) جزءاً من الحل.

وذكرت وكالة سبأ، نسخة صنعاء، أن المجلس السياسي لجماعة الحوثيين «اجتمع أمس الأربعاء لمناقشة دعوة أمريكا لتعليق مشروع القرار المتواضع الذي تقدمت به بريطانيا المطالب بهدنة في اليمن».

وقالت الوكالة إن المجلس السياسي يدين الموقف الأمريكي، مضيفا «إن أمريكا هي من تقود العدوان على اليمن وتتحمل مسئوليات القتل والتدمير في اليمن، وأنها بهذا الموقف تمنح فرصة لمزيد من القتل والجرائم والكارثة الإنسانية في الساحل الغربي والحديدة واليمن عموماً».

وحسب الوكالة، أشار مجلس الحوثيين في بيان إلى أن من شأن الموقف الأمريكي هذا «تقويض أي مشاورات أو مفاوضات قادمة، وأن الهدف هو إفشال عملية السلام برمتها قبل أن تبدأ، كما أنه يتعارض مع جهود الأمم المتحدة في بناء الثقة».
وقال المجلس السياسي «إن إجهاض أول محاولة شبه حقيقة في مجلس الأمن لإحلال السلام في اليمن هو عار على المجتمع الدولي».

ودعا الحوثيون الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى القيام بدورهم وكشف من يعرقل العملية السياسية.
جاء الموقف الأمريكي المفاجئ بعد أيام على زيارة جريفيثس إلى صنعاء والحديدة، حيث ترى مصادر سياسية أنها أفرزت نتائج معاكسة للتهدئة التي لم تدم سوى ساعات منذ إعلانها الأربعاء قبل الماضي.

ومن النتائج التي برزت على السطح أيضا استياء حكومة الرئيس هادي المتكرر وعبر عنه عدة مسؤولين، خاصة فيما يتعلق برغبة الأمم المتحدة في إدارة ميناء الحديدة والذي اعتبرته الحكومة الشرعية «ترسيخا للوضع القائم ومساعدة للحوثيين على مواصلة بسط سيطرتهم على المدينة الاستراتيجية كأمر واقع».
واتهمت الحكومة الشرعية كثيرا المبعوث الدولي على تشجيع المتمردين على التشدد والتصلب أمام مساعي السلام التي يبذلها جريفيثس نفسه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى