محمد عوض شيخان..عكست أغانيه نبض الشارع وجسدت هموم الناس

> أنور مبارك «الأيام» خاص

>
بقلم الفنان أنور مبارك
من (غربان يا نظيرة) عن أحداث 13 يناير 1986م إلى كلمات أغاني (هبلُه من الديش) 1996م

صادف السادس من ديسمبر الجاري الذكرى الخامسة لرحيل المؤلف المسرحي والغنائي محمد عوض شيخان، وقد ووري جثمانه الثرى في مقبرة (أبو حربة) بعدن، بتاريخ 12/12/2003، يرحمه الله،
وهو مولود بتاريخ 1948/4/22، بمدينة التواهي بعدن، وسأسرد هنا بعضا من ذكرياتي معه، الزاخرة بالعطاء الفني، على مدى أربعين عاما، حيث ألف العديد من الأعمال الغنائية بأشكالها المختلفة، العاطفية والوطنية والموضوعية والاجتماعية والإرشادية والحوارية، وأيضا المقدمات وختام المسلسلات في الإذاعة والتلفزيون، وأبدع كثيرا في تأليف الأعمال الدرامية والغنائية للمسرح ذات الطابع النقدي الهادف للأوضاع السياسية والظواهر الاجتماعية السلبية، ووضع لها كلمات الأغاني، وكان لي نصيب الأسد في تلحين وغناء معظمها.
وقد بدأ عملنا الفني المشترك عام 1974، بمسرحية من تأليفه، هي (عائلة مواصلاتية)، بمناسبة اليوم العالمي للمواصلات، حملت الطابع الاجتماعي بشكل كوميدي، وقد أخرجها الفنان القدير جميل محفوظ، وقد لاقت إعجاب واستحسان الجمهور، وبشرت بميلاد مؤلف مسرحي مقتدر، أثبتت الأيام جوانب عديدة في موهبته. 
في العام نفسه بدأت معرفتي الشخصية بالراحل شيخان، عن طريق زميلي بالفرقة الوطنية، عازف التشيلو، شهاب مصلح، وكان لشهاب تجارب في التلحين، منها أغنية من كلمات الفقيد شيخان، هي (الغيرة)، ظلا محتفظين بها للصوت المناسب، ولم أتردد لحظة واحدة في غنائها، لما فيها من جمل لحنية معبرة ومعان جديدة، أظهرت قدرات جديدة للراحل في صياغة النصوص العاطفية، إلى جانب براعته في التأليف المسرحي.
بعد هذا اللقاء، تعمقت علاقتنا، وصارت في مدة قصيرة، علاقة أخوية حميمية، فقد وجدت فيه العديد من الصفات النبيلة، وصرنا نلتقي في أوقات متفرقة، ليسمعنا بصوته الهامس، الكثير من تجاربه الشعرية، التي أبهرتنا ووجدت فيها أسلوبا جديدا ومميزا لا يشبهه فيه أحد، فأقدمت على تلحين بعض هذه للنصوص العاطفية مثل (حاولت أحب، كذا برضه، كنت أفكر) وبعض النصوص الوطنية مثل (حيوا البطل)، ونصوص إرشادية وإنسانية لعبت دورها التنويري والتوعوي في المجتمع في تلك الفترة، غنيت بعضها بصوتي وبعضها بأصوات المجاميع الانشادية. 

 المؤلف المسرحي والشاعر الغنائي القدير محمد عوض شيخان.. عكست أغانيه نبض الشارع وجسدت هموم الناس وشعورهم بالرفض

وفي بداية الثمانينيات، بدأ الفقيد محمد عوض شيخان مرحلة جديدة من الإبداع، بكتابة النص المسرحي مثل: الشيخ عباد، إخراج د. عمر عبدالله صالح 1981، يموتون من أجل الحياة، إخراج د. عمر عبدالله صالح 1982، ياخير فائدة، إخراج د. عمر عبدالله صالح 1983، الهبروقيراطية، إخراج سالم العباب 1984، غربان يا نظيرة، إخراج د. عمر عبدالله صالح 1986.
كانت الفترة من مطلع التسعينيات من القرن الماضي، من أخصب فترات الفقيد فنيا، ومهمة في تطور موهبته الإبداعية ونضاله الفني، وفيها وصلت علاقتنا إلى مستوى التفاهم الوثيق، وأصبحت لغتنا واحدة وتقوم على صياغة متناغمة بين شعره وألحاني، بعد أن جمعتنا الظروف مع المخرج القدير سالم حسين الجحوشي، الذي كان يحمل مشروع مسرحية بعنوان (دنيا فالتو) من تأليفه، وهي تنتقد الأوضاع السائدة والظواهر السلبية التي دخلت على مجتمعنا والهجمة الشرسة بالأسعار التي أربكت عامة الناس البسطاء في قوتهم اليومي، وفي مختلف أوجه حياتهم، بأسلوب كوميدي ساخر، وكان هناك تأكيد على أهمية توظيف الأغاني كمكون أساسي في الاسقية الدرامية للوحات في المسرحية، تفاعلنا أنا وصديقي الفقيد شيخان، ووجدنا ضالتنا المنشودة للتعبير عما يخالج شعورنا من شعور بالتمرد ورفض للأوضاع، وعكس نبض الشارع وتجسيد هموم الناس. 
كتب مبدعنا الراحل شيخان الأغاني المطلوبة، وقمت بتلحينها، وإجراء البروفات اللازمة عليها وأداها الممثلون أنفسهم من شباب فرقة (الفنانين المتحدين)، وعرضت على خشبة المسرح الوطني بالتواهي، منتصف عام 1993.
وفي العام 1995، قدمنا مسرحية (يا بلاشاه) وهي كذلك من تأليف وإخراج سالم الجحوشي، وبنفس الطاقم من ممثلين وفنيين، وقد احتوت على خمس لوحات تنتقد أيضا الظواهر السلبية التي أثرت على المجتمع، بشكل مباشر، وتأتي الاغنية في نهاية كل لوحة، لتقدم للمشاهد تلخيصا مكثفا عن مجريات اللوحة، بالإضافة، وكذلك للربط بين اللوحة السابقة واللوحة التالية، وقد كتب شاعرنا الراحل شيخان الأغاني المطلوبة وقمت أنا بتلحينها. 
وفي العام 1996، كتب مبدعنا الراحل شيخان كلمات أغاني مسرحية (هبله من الديش) وقمت أنا بتلحينها، وهي من تأليف سالم الجحوشي وإخراج ناجي بن بريك، وقد حققت النجاح الكبير نفسه الذي حققتاه سابقاتها. 
واصل مبدعنا الراحل شيخان عطاءه الفني السخي، وفي السنوات الماضية قبل رحيله، كنا قد قدمنا كثيرا من الأعمال الدرامية، وإبرزها تأليف وتلحين المقدمة والختام للمسلسلين (موال الصمت) و(الحنين)، وقد عرضا في الفضائية اليمنية، وكذا مسرحية (الكوت).. وبرحيله فقدت الحركة الفنية أحد رموزها الذين تركوا فيها بصمات واضحة، وقدموا إبداعاتهم بصمت.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى