صناعة «العقيق» في اليمن تقاوم الاندثار "صور"
> «الأيام» عن العرب
>
لا تزال صناعة العقيق اليمني، أو ما يسمى على نطاق أوسع بـ «العقيق اليماني»، مستمرة في البلاد التي مزقتها الحرب منذ نحو أربع سنوات.
وتختلف أنواع العقيق من حيث الثمن والجودة، اعتماداً على اللون الجذاب الذي يعطي للحجارة قيمة أعلى.
وارتبط أيضاً العقيق ببعض الأساطير التي تزعم بأنه يجلب الرزق ويعزز الثقة بالنفس لمن يحمله.
وفي العاصمة اليمنية صنعاء، خصوصاً المدينة القديمة وحي باب اليمن، لا تزال تتواجد العديد من المحلات التجارية، المليئة بأصناف مختلفة من العقيق، والتي كانت قبل سنوات تعتبر مزاراً مهماً للسياح من مختلف أنحاء العالم.
إقبال الناس
يقول ياسر شرهان، وهو مالك محلات «ملك العقيق اليماني» في حي باب اليمن بصنعاء: «إن إقبال الناس على شراء العقيق لا يزال مستمراً، رغم ظروف الحرب التي أثّرت على الكثير من القطاعات في البلاد».
وقال: «إن العقيق اليماني يُصنّف إلى حوالي 30 نوعاً، أبرزها الرماني والأحمر والكرزي والزعفراني».
وبيّن شرهان، أن هناك أنواعاً نادرة ومميزة من خواتم العقيق يصل سعرها إلى حوالي ألف دولار أو 500 دولار، في حين يبدأ سعر خاتم العقيق العادي من 6 آلاف ريال يمني (حوالي 12 دولاراً).
كما أعرب عن استمراره في الكفاح بمواصلة هذه المهنة، وتابع بالقول: «لن نستسلم لظروف الحرب، وسنقوم بالبحث واستخراج أحجار عقيق جديدة لم يتم استخراجها من قبل».
ومضى شرهان بالقول: «إن محلاته تقوم ببيع العقيق سواءً بالتجزئة أو الجملة، ولديها خدمات لتوصيل منتجاتها إلى أرجاء العالم، حرصاً على الاستمرار في هذه المهنة المهمة».
صناعة العقيق
وتبدو صفاء فقيه، وهي تعمل على صناعة «العقيق اليماني» وأحجار كريمة أخرى، منعزلةً عن محيطها، وغارقةً في جوٍ من الهدوء والتركيز بعيداً عن الحرب التي تمزق بلدها الفقير منذ سنوات.
وتنتقل صفاء بينما لا تزال حرارة الحجر مرتفعة، للجلوس خلف عجلة متحركة، وفي يديها حجر العقيق، فتمرره فوق العجلة، وهي تحاول أن تضفي أكبر قدر من النعومة على أطرافه.
وتروي صفاء أنها تحب هذه الصناعة «رغم أنها تسبب لي الأمراض أحيانا»، مضيفة «أحب أن أكون بين الأحجار الكريمة، وأحب الأحجار نفسها. هذا شغف حقيقي بالنسبة لي».
وتعود رغبة الشابة في إتقان هذه الحرفة إلى والدها الذي شجعها على ذلك، في مواجهة العادات والتقاليد التي تفرض على المرأة في هذا المجتمع المحافظ الابتعاد عن مهن مماثلة.
وتوضح «لقد مضيت في إتقان هذه المهنة لأنني أحبها. إنها الحقيقة». وتابعت «تروي لي هذه الأحجار قصصاً مختلفة أتعلّمُ أمراً جديداً كل يوم».
وأسفرت الظروف الصعبة التي يعيشها اليمنيون عن ضعف القدرة الشرائية بشكل غير مسبوق، وهو ما أدى إلى تراجع عمليات الشراء والبيع للعقيق.
مصدر دخل
ويقول الشاب اليمني إبراهيم عبد الله جحوش: «إنه يعمل في صناعة العقيق والفضيات بالعاصمة صنعاء، مشيراً إلى أنه تعلم هذه الحرفة على يد والده».
وشكا من تراجع الإقبال على طلب العقيق من قبل الزبائن خصوصاً في ظل ظروف الحرب، بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين.
وأشار إلى أن العقيق اليماني له خصوصية تتمثل في جذبه للكثيرين بقوة، لشدة جماله.
وخلفت الحرب المشتعلة في اليمن تدميراً كبيراً للعديد من الآثار القديمة في عدد من مناطق البلاد، كما ألقت بانعكاساتها السلبية على الاهتمام والعناية بالجانب التراثي في مجالات متعددة.
عدم الاهتمام بالتراث
وأضاف أن للعقيق اليماني ميزة خاصة في نفوس اليمنيين، إلا أن ظروف الحرب أدت إلى نقص كبير في الاهتمام بشراء العقيق وجمالياته. وتابع «صحيح، لدينا تراث مهمّ وينبغي الاهتمام به، لكن ظروف الحرب تجعل الإنسان لا يهتم إلا بكيفية تدبير شؤون حياته الأساسية».
ومضى بالقول: «ارتداء الخواتم الفضية أو العقيق، أصبح في ظل الحرب نوعاً من الرفاهية عند الكثيرين».
لـ«العقيق اليماني» أسرار وأساطير كثيرة يعرفها اليمنيون ومن يهتم بهذا المعدن النفيس من العرب، وفيه من الخصائص الفنّية ما يشد انتباه من يراه من حيث ألوانه الأخّاذة وأحجامه النادرة، إلى جانب الزخارف التي يتفنن في نقشها الحرفيون من صور وأشكال ورسومات متعدّدة، لكن صناعته اليوم تقاوم الاندثار رغم حب اليمنيين له، بسبب جمود نشاط تجارته خاصة من قبل اليمنيين الذين انشغلوا عنه بسبب غلاء المعيشة.
وتعد مهنة صناعة العقيق في اليمن، من الحرف اليدوية المتوارثة منذ مئات السنين، والتي عمل فيها جيل بعد جيل.
والعقيق اليماني، هو نوع من الحجارة الكريمة، يتم استخراجه من عدة جبال في البلاد، بطريقة يدوية وجهد ذاتي، عن طريق الحفر من قِبل المواطنين، قبل أن يتم تحويله إلى مصوغات وخواتم وأحزمة وسلاسل للزينة الجسدية، وكذلك في صنع الخناجر القديمة التي تسمى يمنياً بـ «الجنابي».
وتعدّ صناعة العقيق في اليمن من الحرف التي تشتهر بها مدينة صنعاء القديمة على وجه الخصوص، وتلقى رواجاً كبيراً داخلياً وخارجياً.
وبسبب أهمية العقيق، سبق أن تغنّى به الشعراء والمطربون في اليمن على مدى القرون الماضية، واستخدمت مفرداته للتعبير عن الحب والجمال والوئام وَلَمّ الشمل.
وفي العاصمة اليمنية صنعاء، خصوصاً المدينة القديمة وحي باب اليمن، لا تزال تتواجد العديد من المحلات التجارية، المليئة بأصناف مختلفة من العقيق، والتي كانت قبل سنوات تعتبر مزاراً مهماً للسياح من مختلف أنحاء العالم.
إقبال الناس
يقول ياسر شرهان، وهو مالك محلات «ملك العقيق اليماني» في حي باب اليمن بصنعاء: «إن إقبال الناس على شراء العقيق لا يزال مستمراً، رغم ظروف الحرب التي أثّرت على الكثير من القطاعات في البلاد».
وأضاف، أنه يتم تصدير العقيق اليماني إلى الخارج، في حين يقوم بعض الهواة للعقيق اليماني بطلبه من اليمن، ويتم إرساله إلى عدة دول بحسب المواصفات المرغوب فيها.
ولفت إلى أن العقيق يتم استخراجه من الجبال اليمنية، وجلبه إلى المعامل الخاصة بالصناعة، من أجل التصفية من الأتربة والتنقية والتنظيف، ومن ثم تتم عملية القطع والتشكيل المناسبين، قبل أن تأتي المرحلة النهائية التي يتم فيها تلميع المصنوع، لافتاً إلى أن صناعة العقيق تتطلب أيضاً بعض الآلات والمناشير.
وذكر أنه تمت «صناعة الخواتم والعقود والأحزمة والجنابي من العقيق».
وعبر شرهان عن فخره بالعقيق اليماني الذي وصفه بأنه «من أفضل أنواع العقيق في العالم».
وأوضح أنه لجأ إلى الإعلان الممول عن منتجات وصناعات العقيق في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل إيصال تراث وثروات اليمن الجمالية إلى العالم، وذلك باللغتين العربية والإنكليزية.
صناعة العقيق
وتبدو صفاء فقيه، وهي تعمل على صناعة «العقيق اليماني» وأحجار كريمة أخرى، منعزلةً عن محيطها، وغارقةً في جوٍ من الهدوء والتركيز بعيداً عن الحرب التي تمزق بلدها الفقير منذ سنوات.
ورغم الدم الظاهر تحت أظافرها، تدخل الشابة اليمنية الجريئة بيديها العاريتين، حجر عقيق أزرق في النار المتوهجة، ثم تديره برفق وهي تضعه في القالب المخصص له.
وتمر دقائق يتحول إثرها الحجر من جسم غير متوازٍ، إلى حجر أوجهه متناسقة وتامة، يلمع في الضوء بشكل مبهر.
رغم الظروف الصعبة التي تمر بها صنعاء خصوصاً، واليمن عموماً، استمرت صفاء في مزاولة الحرفة التي تحب، لتصنع على مدى سنوات مئات الأحجار الكريمة عند طلب الزبائن.
واستطاعت صفاء مع زميلات أخريات أن يدرسن المهنة في مؤسسة حكومية رغم معارضة البعض، ويتخرجن منها في العام 2011م.
أدت الحرب إلى تأثيرات سلبية كبيرة على مختلف القطاعات في البلد الفقير، وقد كان لصناعة العقيق نصيب من هذه الآثار.
مصدر دخل
ويقول الشاب اليمني إبراهيم عبد الله جحوش: «إنه يعمل في صناعة العقيق والفضيات بالعاصمة صنعاء، مشيراً إلى أنه تعلم هذه الحرفة على يد والده».
وأضاف «إن إخوته أيضاً يعملون في الحرفة ذاتها، ويتم الاعتماد عليها معيشياً.
وتابع «قبل الحرب، كانت تجارة العقيق مزدهرة، وكانت أصناف العقيق النادرة من المستحيل أن نحصل عليها مثل الوقت الحالي».
وأوضح «الآن هناك الكثير من الأصناف النادرة في العقيق، ونحاول نشرها، لكن لا نحصل على إقبال إيجابي، ولا نستطيع نشرها بكثرة في السوق، كي لا تقل قيمتها المادية والمعنوية، ونحاول عرضها على الزبائن المميزين». وبيّن، أنه يعتمد في رزقه على صناعة العقيق، لكن ما زال العمل والإقبال ضعيفين.
وخلفت الحرب المشتعلة في اليمن تدميراً كبيراً للعديد من الآثار القديمة في عدد من مناطق البلاد، كما ألقت بانعكاساتها السلبية على الاهتمام والعناية بالجانب التراثي في مجالات متعددة.
عدم الاهتمام بالتراث
ويقول المواطن منصور الصلوي: «إنه لم يعد هناك اهتمام واضح من قبل اليمنيين بالجانب التراثي أو الجمالي، نتيجة للظروف الصعبة التي خلفتها الحرب، والتي أدّت إلى اهتمام المواطن بدرجة أساسية في شراء الأشياء الأساسية».
ومضى بالقول: «ارتداء الخواتم الفضية أو العقيق، أصبح في ظل الحرب نوعاً من الرفاهية عند الكثيرين».