العند والمصافي.. التوقيت والدلالة

> وضاح اليمن الحريري

>
عادة ما تتمثل مراحل الصراعات السياسية والعسكرية في الدول الهشة والبلدان التي تأكلها الحروب بوجود أعداء غامضين يصعب اكتشاف أدوارهم بسهولة وبسرعة، حيث تلعب الأطراف المختلفة في الصراع أدورا خبيثة، تتخطى ما هو معلن وواضح من أدوات وأساليب، ومن تحت قشرة الحروب المندلعة تستنفر كل أشكال الصراع المادية والمعنوية، بصبغاتها السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وحتى التخريبية، والمعركة الاستخباراتية والأمنية من إحدى أهم هذه الصيغ، لأن إثارة البلبلة لدى الخصم ستؤثر على تماسكه الداخلي، لذلك فإن جره إلى خانة التشتت يكون هدفا إستراتيجيا يكون اللجوء إلى تنفيذه أمرا واردا ومحتملا في كل لحظة من لحظات المواجهة.

صمت الخصم وهدوؤه وقبوله ببعض اشتراطات التوازن لا يمنعه من اتخاذ مثل هذه الأساليب ليفرض شروطا في مسار إدارة الأزمة أو الصراع حتى ينجح في هزيمة خصمه أو إجباره على التنازل والقبول بما هو مطلوب.
لقد توالت حادثتان هامتان خلال أقل من أسبوع واحد، وبرزتا بشدة في أوساط الرأي العام والمهتمين، الحادثتان هما حادثة العند التي هددت حياة كبار القادة العسكريين، وحادثة المصافي التي هددت عدن بأكملها، كعاصمة مؤقتة لكل اليمنيين في ظل ظروف الحرب، مع أهمية الانتباه إلى أن كل حادثة منهما كانت نوعية وخطرة، تستهدف تحقيق خسائر كبيرة وموجعة للخصم، وهو هنا الشرعية، بغرض شل قدرته وإدخاله في حالة من الصدمة التي تشل قدرته على أي عمل بهذا الشأن، حتى الوصول إلى إجباره على القبول بالسقوط والفشل.

 وفي مثل هذا الوضع، ومع التباطؤ المعروف عن الشرعية وعدم جديتها في التعاطي مع بعض هذه المعطيات، يصبح من الممكن والوارد تكرار مثل هذه العمليات على مدى سنتين على الأقل، وفي لحظات حرجة ومنقسمة على نفسها.
حادثتا العند والمصافي يربط بينهما أولا العامل الزمني وثانيا الجهة المحتملة بالاستهداف، وثالثا سطوع الأهداف وانكشافها وسهولة ضربها بالنسبة للمنفذ الذي ليس عليه سوى ملاحقة الأهداف الواحد تلو الآخر حتى اللحظة المرجوة، أما رابعا فهو الأثر الذي سيتركه الحدث في نفوس الرأي العام وتداعياته المتلاحقة بدوام سرعة ودقة التنفيذ.

نحن أمام مرحلة جديدة وشكل آخر لإدارة ملف الصراع والمواجهات المتتالية في اليمن، هذا الملف الذي صارت نسخه لا ترى جيدا إلا من خلال نظارات الخصم صاحب المصلحة من هذه الجرائم والأعمال التخريبية.
حادثتا العند والمصافي في انتظار لجان تحقيق متخصصة وكفؤة، هذا ما نطالب به وبنتائج شفافة تعلن لكافة المواطنين، هذا هو المراد، لأسباب مهمة وعديدة أهمها على الإطلاق سرعة اللحاق بهذه المرحلة الجديدة النوعية والتي انطلقت بهاتين الحادثين وتحجميها وفرملتها، وقبل تمددها واستشرائها، وقبل أن ندفع نتائج وخيمة وقاسية وضحايا كثيرين تبتلعهم في مواجهاتها القاسية المتوقعة والمخيفة في آن واحد.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى