انهيار «اتفاق ستوكهولم» أصبح مجرد مسألة وقت

> الحديدة «الأيام» أ ف ب

> تتردّدت أصداء طلقات النيران في مطاحن البحر الأحمر في الحديدة بغرب اليمن، رغم الهدنة التي تم التوصل إليها بصعوبة بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين.
وفي المطاحن التي سيطرت عليها القوات الموالية للحكومة بدعم من الإمارات والسعودية، قبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة، مخزون هائل من القمح يكفي لإطعام قرابة أربعة ملايين شخص في البلاد التي أصبحت على شفير المجاعة.

ولم تتمكن المنظمات الإغاثية من الوصول إلى هذه المطاحن التي تقع عندس الأطراف الشرقية للمدينة المطلة على البحر الأحمر منذ سبتمبر 2018 بسبب القتال بين القوات الموالية للحكومة والمتمردين الحوثيين في الحديدة وعند أطرافها.
وتهدّد الاشتباكات المتقطعة حاليا الهدنة التي تم التوصل إليها خلال محادثات سلام في السويد في ديسمبر الماضي.

وعندما فقد المتمردون الحوثيون السيطرة على المطاحن، تركوا الموقع مفخخا بالألغام، بحسب ما يقول عناصر في القوات الحكومية.
خلال رحلة إلى الحديدة الأسبوع الماضي، نظّمها التحالف بقيادة السعودية، شاهد مراسل لوكالة فرانس برس مقاتلين من القوات الحكومية، بينهم مقاتلون من السودان، يجوبون الموقع بكاشفات معدنية خوفا من أن يقوم الحوثيون بالتسلل لزراعة ألغام جديدة.

ويتصاعد الدخان من بعيد من مواقع تابعة للحوثيين، مع تأكيد القوات الحكومية أن المتمردين قاموا بحرق الإطارات في خطوة استفزازية. ثم تتردد أصوات طلقات النار في الموقع.
ويؤكد القائد الميداني اليمني محمد سلمان لوكالة فرانس برس «بالنسبة لنا، نحن ملتزمون بالهدنة حسب أوامر قيادتنا و لكن العدو لم يلتزم بشيء كما تشاهدون وتسمعون».

وفي تصعيد آخر، تضرّرت اثنتان من الصوامع التي تحتوي على مخزون كبير من القمح نتيجة حريق نشب فيهما، حسب ما أعلنت الأمم المتحدة الجمعة الماضية، مرجّحة أن يكون الحريق ناتجا عن قصف بقذائف الهاون.
وقالت ليز غراندي منسقة الشؤون الإنسانة في المن في بيان «نفقد هذا القمح في وقت صعب للغاية، حيث يعاني أكثر من 20 مليون شخص يمني، أي ما قرب من 70 بالمئة من إجمالي عدد السكان، من الجوع».

خط أحمر
تقع الحديدة على البحر الأحمر ويمر عبر مينائها نحو 70 بالمئة من الواردات اليمنية والمساعدات الإنسانية، مما يوفر شريان حياة لملايين من السكان الذين باتوا على حافة المجاعة.
وجاء وقف إطلاق النار في الحديدة بعد ضغوطات دولية على السعودية لإنهاء حربها المستمرة منذ نحو أربع سنوات في اليمن، جاءت في خضم قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في أكتوبر الماضي.

ولكن مع الخروقات المتكررة، يحذر مراقبون من أن الانهيار أصبح مجرد مسألة وقت.
وقالت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير إنه «حال السماح بانهيارها، لن يكون هناك أي فرصة لاتفاق مماثل لفترة طويلة للغاية».

ويسود التوتر شوارع مدينة الحديدة مع استمرار تدفق المصابين من القتال إلى المستشفيات، بينما يكرّر المسؤولون العسكريون وسكان المدينة جملة «لا توجد هدنة».
ويؤكد العقيد سعيد سالمين الذي يقود وحدة حربية إماراتية في الساحل الغربي لليمن لوكالة فرانس برس أن قواته تلتزم بوقف إطلاق النار، ولكنه أشار إلى أن قواته «جاهزة دائما» وتراقب الوضع.

وقد أدى الاتفاق إلى تراجع حدة المعارك في المدينة بين المتمرّدين الحوثيين المدعومين من إيران والقوات الحكومية المدعومة من التحالف.
وتقول الأمم المتحدة إن وقف إطلاق النار صامد عموما على الرغم من بعض الاشتباكات، في حين يتبادل المتمرّدون والحكومة الاتهامات بخرقه.

ولم يتم الانسحاب المقرر لقوات المتمردين والقوات الموالية للحكومة من المدينة الذي كان مقررا نهاية يوم 7 يناير المقبل، والذي تم تأجيله بسبب انعدام الثقة بين الطرفين.
سلاح للحرب
وقال عضو في التحالف، اشترط عدم الكشف عن اسمه، لوكالة فرانس برس «إلى متى سيقبل المجتمع الدولي هذه اللعبة من الحوثيين؟» مضيفا «فقط عندما تشد الخناق عليهم سيأتون إلى طاولة المفاوضات».
وكرّر عدد من عناصر القوات الموالية للحكومة هذا الشعور، موضحين لوكالة فرانس برس أن الرد العسكري هو الحل الوحيد حتى لو أدى ذلك إلى سفك الدماء.

ولكن التهدئة منحت برنامج الغذاء العالمي «بعض المجال» للوصول إلى مناطق جنوب الحديدة لم يكن بالإمكان الوصول إليها سابقا بسبب القتال، بحسب ما أكد ستفن أندرسن المدر الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي.
ولدى برنامج الأغذية العالمي حاليا 51 ألف طن متري من القمح في مطاحن البحر الأحمر، وهو ربع مخزون القمح في البلد الفقير، ما يكفي لإطعام 3,7 ملايين شخص لمدة شهر، بحسب الأمم المتحدة.

ومن جانبه، أكد المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي في مقابلة في دافوس «كنا نحاول الوصول (لكن أسمع) أن الحوثيين لا يسمحون لنا بالوصول إلى المطاحن».
وأضاف «تتقدم أربع خطوات ثم ترجع خطوتين إلى الوراء. ولكن ما زلت متفائلا بشكل حذر».

ويعد فرض حصار على المطاحن بمثابة عقاب جماعي لليمنيين الجياع على طرفي النزاع.
ومن جانبه، يقول وسام قائد، المدير التنفيذي لوكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر، التابعة للصندوق الاجتماعي اليمني وهو منظمة غير حكومية أن «مطاحن البحر الأحمر نقطة قوة تستغلها الأطراف المتنازعة لتحقيق أهداف سياسية».

وتابع «من يسيطر على هذه المنشآت سيكون له القرار الأكبر حول من يحصل على الطعام. الغذاء هو سلاح».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى