لماذا عجزت الأمم المتحدة عن تسمية «المعرقل» وتحديد «العراقيل» في اتفاق الحديدة؟

> «الأيام» غرفة الأخبار

>
 الاجتماع الأخير لرئيس اللجنة الأممية المكلفة بمراقبة إعادة الانتشار بالحديدة الجنرال باتريك كومارت بممثلي حكومة الشرعية والحوثيين جاء بعد فشل المبعوث الأممي مارتن جريفيثس في إقناع الفرقاء بنقل أعمال اللجنة إلى خارج اليمن.

الاجتماع عقد في عرض البحر على متن سفينة أممية لأسباب أمنية ولوجستية، وفشل كومارت بتحقق أيه نتائج يختتم بها مهمته على اعتبار أنه آخر حضور للرجل في مهمة أممية باليمن ليخلفه من اليوم الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد.

مصادر صحفية أكدت أن كومارت حرص على تجاوز عقبة الفشل في جمع ممثلي الحكومة والحوثيين في اللجنة قبيل مغادرته لمنصبه، الذي استمر فيه - رغم تقديم استقالته - بناء على رغبة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الذي تدخل بقوة للحيلولة دون انهيار وقف إطلاق النار في الحديدة وإعلان فشل اتفاقات السويد.

وبشأن تفاصيل الاجتماع، قال موفد الإعلام الحكومي في اللجنة الأممية سامي باري إن المجتمعين تطرقوا لموضوع الخروقات الحوثية والمرحلة الأولى من خطة إعادة الانتشار التي تشمل الانسحاب من الموانئ والمناطق ذات الأهمية الإنسانية.

وأضاف باري أن اللجنة استعرضت خطة تقدم بها الفريق الحكومي حول إعادة الانتشار، وآلية الانسحاب من الموانئ، مشيرا إلى أن ممثلي الحوثيين اعترضوا على الخطوة الأولى من الخطة التي تتضمن الانسحاب من الموانئ وإعادة الانتشار في المواقع المرتبطة بالجوانب الإنسانية الحرجة واشترطوا انسحاب القوات الحكومية بحدود 15 كيلومترا من مناطق تواجدهم الحالية.

وشهدت مناطق جنوب وغرب الحديدة عودة للمواجهات بين قوات المقاومة المشتركة والجماعة الحوثية مع استمرار الحوثيين في قصف المناطق المحررة واستهداف المنشآت الحيوية الخاضعة لسيطرة القوات التابعة للحكومة اليمنية.
ووفقا لما نقلته جريدة العرب اللندنية عن مصادر سياسية، فإن الحوثيين قدموا حزمة جديدة من الاشتراطات للأمم المتحدة عبر مبعوثها مارتن جريفيثس لتنفيذ اتفاقات السويد، وهي الاشتراطات التي أفشلت مهمة جريفيثس الأخيرة في صنعاء التي كانت تستهدف إقناع الحوثيين بتقديم تنازلات في ملف الحديدة، وفتح ممرات آمنة لوصول المساعدات الإنسانية.

وأكدت ذات المصادر «قيام الميليشيات الحوثية بإيصال رسائل غير مباشرة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي مفادها أنها لن تقبل بالانسحاب من الحديدة وموانئها إلا في إطار تسوية سياسية شاملة تتيح لها الاحتفاظ بمناطق سيطرتها في شمال اليمن وتوقف عمليات التحالف العربي».

وعن دلالات توقيت ومكان انعقاد آخر اجتماع للجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة برئاسة كومارت، قال الباحث السياسي اليمني سياف الغرباني إن مدينة الحديدة لم تعد آمنة للمراقبين الأمميين، خاصة إذا أصروا على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار بشكل منضبط، وتبعا لمضامينه الحقيقية، ومن دون أي مرونة تجاه مناورات الحوثيين وطرقهم الملتوية.

ولفت الغرباني إلى أن هذا ما يمكن فهمه من اختيار رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال الهولندي باتريك كومارت سفينة في البحر الأحمر لعقد آخر اجتماع برئاسته قبل تسليم مهامه لرئيس بعثة الرقابة الأممية الجديد.
وأضاف «الجنرال كومارت بهذه الخطوة ربما يكون قد وضع المجتمع الدولي وجها لوجه أمام فشل الأمم المتحدة، في توفير الحدّ الأدنى من الأمن للجنة المراقبة في اليمن، وفي ذات الوقت ترك إشارة ذكية في بريده حول هوية الطرف المتورط باستهداف السيارة الأممية التي كان يستقلها في مدينة الحديدة».

ويقلل العديد من المراقبين من إمكانية نجاح أي اجتماع للجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة التي لا يمتلك ممثلو الحوثيين فيها ذات الصلاحيات التي كان يمتلكها الوفد الحوثي في مشاورات ستوكهولم التي لم ينفذ حتى الآن أي من مخرجاتها.

ويرى الباحث السياسي اليمني علي حميد الأهدل أن التحركات الأممية الأخيرة في الحديدة تكشف عن مدى «عجز المنظمة الدولية أمام الميليشيات الحوثية، الأمر الذي بلغ ذروته مع الحملة الإعلامية التي استهدفت رئيس فريق المراقبين وتجاوز ذلك إلى إطلاق النار على موكبه وتعريض حياته للخطر، من دون أن تجرؤ الأمم المتحدة حتى على انتقاد الميليشيات الحوثية».

وأشار الأهدل إلى أن الأداء الهزيل للأمم المتحدة وانصياعها لرغبات الحوثيين في تغيير رئيس فريق المراقبين، عززا من صورتها النمطية لدى الشارع اليمني الذي يعتقد أنها تفتقد لإرادة التغيير في الحديدة وتريد أن تبقى فقط لمجرد الحضور وربما تنفيذ أجندات لأطراف دولية.

وأضاف «في الوقت الذي تعقد فيه لجنة إعادة الانتشار الأممية اجتماعاتها على متن السفينة فوس أبولو التابعة للأمم المتحدة، في عرض البحر بحضور فريقي الحكومة والحوثيين، لم تتوقف ميليشيات الحوثيين عن استهداف المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية المشتركة داخل مدينة الحديدة وهو ما يظهر تحديها الواضح وانتهاكها الصارخ لكل الجهود الأممية لصناعة السلام في الحديدة».

ويرى الكاتب الصحفي معاذ منصر أن اتفاق الحديدة يدخل يوما بعد آخر مسارا أكثر تعقيدا، قائلا «حتى الآن لم تتقدم الأطراف خطوة واحدة باتجاه تنفيذ الاتفاق، والالتزام بوقف إطلاق النار، الذي يعتبر الخطوة الأولى نحو بناء الثقة ونحو السلام، الذي تتراجع فرصه كثيرا، خصوصا بعد فشل رئيس الفريق الدولي باتريك كاميرت، في إقناع الأطراف المتحاربة على التنفيذ، ودخوله معها في مرحلة الشد والجذب، الأمر الذي انتهى باستقالته، إذ من المتوقع أن يغادر الحديدة نهاية الأسبوع الجاري، وذلك بعد أن يصل رئيس الفريق الجديد، الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد».

وأضاف «الجديد في المشهد، هو اجتماع رئيس بعثة المراقبين الدوليين، بالأطراف اليمنية عرض البحر وعلى متن سفينة أممية، وبغض النظر عما دار فيه، دليل واضح على حجم التحديات البالغة التي تقف أمام اتفاق الحديدة، وربما باتريك أراد إيصال رسالة للأمم المتحدة، مفادها العجز والفشل».

ويذهب سياسيون يمنيون إلى أن «الشرعية تبدو في طرحها وفي كل اجتماع يتم، أنها غير موافقة وغير مقتنعة بالاتفاق من أساسه، ولهذا تخترع كل مرة خطة جديدة، واضعة العراقيل أمام التنفيذ»، الأمر الذي تحول إلى عقبة أمام المبعوث الدولي، وجعله عاجزا عن إقناع هذه الأطراف بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في استوكهولم.

وتستمر المواجهات العسكرية بين الأطراف المتحاربة جنوب وغربي الحديدة منذ أيام، ومعه تتواصل الغارات الجوية من قبل طيران «التحالف العربي»، على الكثير من المواقع في مناطق عدة في الحديدة، بالإضافة إلى غارات أخرى يشنها «التحالف» على العديد من المناطق اليمنية وفي محافظات أخرى.

ويبدو جلياً أن المنظمة الدولية ممثلة بالأمم المتحدة، خصوصا من خلال الاجتماع الذي عقده باتريك، عرض البحر، عاجزة وغير قادرة على كشف هوية المعرقل، والإفصاح عن العراقيل التي تقف أمام تطبيق الاتفاق.
وطبقا لمصادر سياسية وعسكرية في الحديدة وفي حديثها إلى «العربي»، فأن «الحكومة الشرعية تبدو متخبطة، وكما لو أن القرار خارج سيطرتها وليس بيدها، وعدم وجود مؤشر واضح للجدية في التعامل مع ملف الحديدة».​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى