اليمن يحذر الأمم المتحدة ويرفض إعادة التفاوض بشأن الحديدة

> «الأيام» غرفة الأخبار

>
 حمّلت الحكومة اليمنية الأمم المتحدة مسؤولية تنفيذ اتفاق الحديدة، مع تزايد خروقات الجماعة الحوثية، واستمرارها في حشد عناصرها ونقل الأسلحة وحفر مزيد من الخنادق داخل المدينة وفي محيطها، مما يهدد بانهيار «اتفاق ستوكهولم».

ونقلت جريدة الشرق الأوسط عن وزير الخارجية خالد اليماني قوله «نقلت للأمين العام للأمم المتحدة رسالة من الرئيس عبد ربه منصور هادي، تتمحور حول ضرورة أن تلتزم الأمم المتحدة التزاماً مطلقاً بتنفيذ ما ورد في اتفاق السويد، وأن عليها إخراج الميليشيات الانقلابية بأي شكل كان، وإعادة الحديدة لسلطات الدولة الشرعية». واعتبر اليماني أن المهادنة مع الطرف الانقلابي ستؤدي إلى عدم تنفيذ اتفاق الحديدة، لذا يجب التعامل مع هذه الميليشيات بكل قوة وحزم، لأن الميليشيات لا تزال مصرة على الهروب من تنفيذ اتفاق ستوكهولم للخروج من الحديدة ومينائها والصليف ورأس عيسى، والإصرار على إيجاد قراءة خاصة بها تتعلق بتنفيذ اتفاق الحديدة، وهذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلاً.

ورفض اليماني أي محاولة لإعادة التفاوض حول اتفاق الحديدة، أو إعادة تفسير بنوده، لافتاً إلى أن حكومة الشرعية لا تقبل بغير خروج الجماعة الحوثية من منطقة الساحل الغربي، كخطوة أولى باتجاه بناء السلام المستدام في اليمن، المبنى على المرجعيات الثلاث. وتابع: «موقف الحكومة في هذا الملف واضح، ولديها تنسيق كامل مع الأمم المتحدة، ونعمل وفق رؤيتها في مخرجات ستوكهولم، وكل ما تحتاجه الحكومة من الجهات الدولية هو خريطة طريق، كما أوضح الرئيس عبد ربه منصور هادي، وباتريك كومارت رئيس لجنة إعادة الانتشار بالحديدة (المستقيل) لم يتمكن حتى الآن من وضع هذه الخريطة المحددة بفترة زمنية، لأنه يعاني مع الطرف الانقلابي عند عقد أي اجتماع».

وذكر الوزير اليماني أن الأمين العام للأمم المتحدة أبلغه، خلال لقاء جمعهما قبل أيام عدة، بأنه يعلم أن قبول الطرف الانقلابي بفكرة الخروج من الحديدة متعب لهم، مضيفاً أن اتفاق الحديدة لا يمكن أن ينفذ إلا «بخروج الميليشيات وانسحابها»، والأمم المتحدة ملتزمة بتنفيذ ذلك.

وفي ما يتعلق بملف الأسرى، قال الوزير اليماني: «من خلال التجربة مع الميليشيات، نتوقع أن تمارس مزيداً من التلاعب في إطالة أمد المشاورات، واللقاءات المتعلقة بتسليم الأسرى والمختطفين، وهذا الملف يتعرض الآن لصعوبات، نظراً لأن الميليشيات ترفض تقديم الإفادات اللازمة، وفقاً للاتفاق. وفي المقابل، قدمت الحكومة اليمنية الإفادات الكاملة».

وكان اليماني قد قال في كلمة ألقاها في اجتماع المجلس الوزاري العربي - الأوروبي الخامس، المنعقد في بروكسل أمس الأول، إن «الحكومة الشرعية قدمت في مشاورات ستوكهولم المرونة المطلوبة لإنجاح المشاورات. ومن هنا، فإننا نشدد على ضرورة وضع خطة تنفيذية مزمنة لما تم الاتفاق عليه في السويد، بعد مرور شهرين من تنصل ميليشيات الحوثي الانقلابية من الاتفاق ورفض تنفيذه».

وأضاف اليماني: «نعتبر أن تنفيذ اتفاقات السويد تشكل مدخلاً لمواصلة التقدم نحو جولات مشاورات قادمة لمناقشة الحل السياسي الشامل، وأن خيار الفشل في اتفاقات السويد ليس خياراً وارداً في حال إخفاق الحوثيين في تنفيذ اتفاق ستوكهولم، خصوصاً ما يتعلق بالحديدة، لن يكون باستطاعة الجميع إجبارهم على تحقيق التزامات الحل الشامل، وفق القرار 2216».

وفي سياق متصل، قدمت السلطات الألمانية اعتذاراً رسمياً للحكومة اليمنية لعدم دعوتها إلى المؤتمر الدولي حول اليمن الذي عقد في برلين، بحضور عدد من وزراء الخارجية في دول الاتحاد الأوروبي. وأكدت السلطات الألمانية، وفقاً للوزير اليماني، أن ألمانيا أبلغت الحكومة الشرعية دعمها الكامل للحكومة اليمنية من أجل استعادة السلام في اليمن، ودعم جهود المبعوث الخاص.

الاجتماع الأخير لرئيس اللجنة الأممية المكلفة بمراقبة إعادة الانتشار بالحديدة الجنرال باتريك كومارت بممثلي حكومة الشرعية والحوثيين جاء بعد فشل المبعوث الأممي مارتن جريفيثس في إقناع الفرقاء بنقل أعمال اللجنة إلى خارج اليمن.

الاجتماع عقد في عرض البحر على متن سفينة أممية لأسباب أمنية ولوجستية، وفشل كومارت بتحقق أيه نتائج يختتم بها مهمته على اعتبار أنه آخر حضور للرجل في مهمة أممية باليمن ليخلفه من اليوم الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد.

مصادر صحفية أكدت أن كومارت حرص على تجاوز عقبة الفشل في جمع ممثلي الحكومة والحوثيين في اللجنة قبيل مغادرته لمنصبه، الذي استمر فيه -رغم تقديم استقالته- بناء على رغبة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الذي تدخل بقوة للحيلولة دون انهيار وقف إطلاق النار في الحديدة وإعلان فشل اتفاقات السويد.

ووفقا لما نقلته جريدة العرب اللندنية عن مصادر سياسية فإن الحوثيين قدموا حزمة جديدة من الاشتراطات للأمم المتحدة عبر مبعوثها مارتن جريفيثس لتنفيذ اتفاقات السويد، وهي الاشتراطات التي أفشلت مهمة جريفيثس الأخيرة في صنعاء التي كانت تستهدف إقناع الحوثيين بتقديم تنازلات في ملف الحديدة، وفتح ممرات آمنة لوصول المساعدات الإنسانية.

وأكدت ذات المصادر «قيام الميليشيات الحوثية بإيصال رسائل غير مباشرة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي مفادها أنها لن تقبل بالانسحاب من الحديدة وموانئها إلا في إطار تسوية سياسية شاملة تتيح لها الاحتفاظ بمناطق سيطرتها في شمال اليمن وتوقف عمليات التحالف العربي».

وعن دلالات توقيت ومكان انعقاد آخر اجتماع للجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة برئاسة كومارت، قال الباحث السياسي اليمني سياف الغرباني إن مدينة الحديدة لم تعد آمنة للمراقبين الأمميين، خاصة إذا أصروا على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار بشكل منضبط، وتبعا لمضامينه الحقيقية، ومن دون أي مرونة تجاه مناورات الحوثيين وطرقهم الملتوية.

ولفت الغرباني إلى أن هذا ما يمكن فهمه من اختيار رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال الهولندي باتريك كومارت سفينة في البحر الأحمر لعقد آخر اجتماع برئاسته قبل تسليم مهامه لرئيس بعثة الرقابة الأممية الجديد.
وأضاف «الجنرال كومارت بهذه الخطوة ربما يكون قد وضع المجتمع الدولي وجها لوجه أمام فشل الأمم المتحدة، في توفير الحدّ الأدنى من الأمن للجنة المراقبة في اليمن، وفي ذات الوقت ترك إشارة ذكية في بريده حول هوية الطرف المتورط باستهداف السيارة الأممية التي كان يستقلها في مدينة الحديدة».

ويقلل العديد من المراقبين من إمكانية نجاح أي اجتماع للجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة التي لا يمتلك ممثلو الحوثيين فيها ذات الصلاحيات التي كان يمتلكها الوفد الحوثي في مشاورات ستوكهولم التي لم ينفذ حتى الآن أي من مخرجاتها.
ويرى الباحث السياسي اليمني علي حميد الأهدل أن التحركات الأممية الأخيرة في الحديدة تكشف عن مدى «عجز المنظمة الدولية أمام الميليشيات الحوثية، الأمر الذي بلغ ذروته مع الحملة الإعلامية التي استهدفت رئيس فريق المراقبين وتجاوز ذلك إلى إطلاق النار على موكبه وتعريض حياته للخطر، من دون أن تجرؤ الأمم المتحدة حتى على انتقاد الميليشيات الحوثية».

وأشار الأهدل إلى أن الأداء الهزيل للأمم المتحدة وانصياعها لرغبات الحوثيين في تغيير رئيس فريق المراقبين، عززا من صورتها النمطية لدى الشارع اليمني الذي يعتقد أنها تفتقد لإرادة التغيير في الحديدة وتريد أن تبقى فقط لمجرد الحضور وربما تنفيذ أجندات لأطراف دولية.

وأضاف «في الوقت الذي تعقد فيه لجنة إعادة الانتشار الأممية اجتماعاتها على متن السفينة فوس أبولو التابعة للأمم المتحدة، في عرض البحر بحضور فريقي الحكومة والحوثيين، لم تتوقف ميليشيات الحوثيين عن استهداف المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية المشتركة داخل مدينة الحديدة وهو ما يظهر تحديها الواضح وانتهاكها الصارخ لكل الجهود الأممية لصناعة السلام في الحديدة».

ويرى الكاتب الصحفي معاذ منصر أن اتفاق الحديدة يدخل يوما بعد آخر مسارا أكثر تعقيدا، قائلا «حتى الآن لم تتقدم الأطراف خطوة واحدة باتجاه تنفيذ الاتفاق، والالتزام بوقف إطلاق النار، الذي يعتبر الخطوة الأولى نحو بناء الثقة ونحو السلام، الذي تتراجع فرصه كثيرا، خصوصا بعد فشل رئيس الفريق الدولي باتريك كومارت، في إقناع الأطراف المتحاربة على التنفيذ، ودخوله معها في مرحلة الشد والجذب، الأمر الذي انتهى باستقالته، إذ من المتوقع أن يغادر الحديدة نهاية الأسبوع الجاري، وذلك بعد أن يصل رئيس الفريق الجديد، الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد».

وأضاف «الجديد في المشهد، هو اجتماع رئيس بعثة المراقبين الدوليين، بالأطراف اليمنية عرض البحر وعلى متن سفينة أممية، وبغض النظر عما دار فيه، دليل واضح على حجم التحديات البالغة التي تقف أمام اتفاق الحديدة، وربما باتريك أراد إيصال رسالة للأمم المتحدة، مفادها العجز والفشل».

ويذهب سياسيون يمنيون إلى أن «الشرعية تبدو في طرحها وفي كل اجتماع يتم، أنها غير موافقة وغير مقتنعة بالاتفاق من أساسه، ولهذا تخترع كل مرة خطة جديدة، واضعة العراقيل أمام التنفيذ»، الأمر الذي تحول إلى عقبة أمام المبعوث الدولي، وجعله عاجزا عن إقناع هذه الأطراف بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في ستوكهولم.

وتستمر المواجهات العسكرية بين الأطراف المتحاربة جنوب وغربي الحديدة منذ أيام، ومعه تتواصل الغارات الجوية من قبل طيران «التحالف العربي»، على الكثير من المواقع في مناطق عدة في الحديدة، بالإضافة إلى غارات أخرى يشنها «التحالف» على العديد من المناطق اليمنية وفي محافظات أخرى.

ويبدو جلياً أن المنظمة الدولية ممثلة بالأمم المتحدة، خصوصا من خلال الاجتماع الذي عقده باتريك، عرض البحر، عاجزة وغير قادرة على كشف هوية المعرقل، والإفصاح عن العراقيل التي تقف أمام تطبيق الاتفاق.

وطبقا لمصادر سياسية وعسكرية في الحديدة فأن «الحكومة الشرعية تبدو متخبطة، وكما لو أن القرار خارج سيطرتها وليس بيدها، وعدم وجود مؤشر واضح للجدية في التعامل مع ملف الحديدة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى