الصحافة وشرف الكلمة وإخلاص المهنة

> أحمد عبدربه علوي

>
الصحافة هي ضمير الشعب ومرآة المجتمع.. ترصد نبضه وتضعه أمام المسئولين في محاولة لإيجاد حلول لمشاكل الناس وعلاج أوجاعهم.. وفي هذا الإطار فإن لهذا الدور النبيل الذي تقوم به الصحافة يجعلها تتبوأ هذه المكانة الرفيعة وتجعل من وصفها بصاحبة الجلالة تسمية تستحقها، وليعلم من لا يعلم أن الصحافة مهنة وليست وظيفة عامة إذا حددنا مهنتها وفقاً لمعايير التوصيف والتصنيف الوظيفي المتبع بشأن الوظيفة العامة للدولة.

والصحفي شخص مهني وليس موظفاً عاماً شأنه في ذلك شأن الطبيب والمهندس والمحامي، وغيرهم من أصحاب المهن.. وأصحاب المهن لا يحالون إلى المعاش أو إلى التقاعد إلا إذا شغلوا وظائف عامة أو وظائف حكومية تخضع لقوانين المعاشات والتقاعد.
والطبيب -أي طبيب- يستمر في العمل، ولا يتقاعد ولا يحال إلى المعاش إلا عندما يشعر أنه أصبح غير قادر على العمل والعطاء، ولكن إذا كان الطبيب معيناً في وظيفة حكومية، أو في وظيفة عامة، أحيل للمعاش في سن الستين.

والصحافة في بلادنا مهنة حرة وليست وظيفة حكومية، وفي كل العهود والعصور من أيام الصحف «فتاة الجزيرة» لصاحبها محمد علي لقمان، و «النهضة» لصاحبها عبدالرحمن جرجرة، و «الأيام» لصاحبها محمد علي باشراحيل، و «الفضول» لصاحبها عبدالله عبدالوهاب الفضول، والفجر والكفاح والمصير وصوت الجنوب الاتحادية، وغير ذلك.
عومل الصحفيون على هذا الأساس وحتى عندما جاء حكم النظام الشمولي وتم التأميم للممتلكات ظل الصحفيون يعاملون على أنهم مهنيون، إلا في صحيفة الثوري لسان حال الحزب الاشتراكي حينذاك.

ثم جاء بعض فرزية القوانين في عصر حكم نظام الحزب الواحد افتوا بإحالة البعض من الصحفيين غير الحزبيين إلى الشارع متصورين أنه بمقتضى فتاوى عجيبة مريبة يمكن منع بعض الكتاب من الاستمرار في الكتابة مع أن هذا في الأساس ليس من رسالة الصحافة التدمير والتخريب وإنما رسالتها الأصلية هي البناء والحفاظ على الصالح العام بما يؤكد التزامها الوطني قبل أي شيء آخر.. لا يجب على الصحافة الانسياق وراء الإثارة والجري وراء الشائعات التي يطلقها البعض عن حسن نية أو سوء نية لغرض في نفس يعقوب.

ليعلم من لا يعلم أن الصحافة موهبة ومعرفة وعلاقات عامة، الصحافة فن البقاء، فن الكفاح اليومي للعلوم في مهنة تكتيكية لا تعرف الأمان، صقل هذه الشروط الثلاثة يضمن التألق والنجاح الصحفي والكاتب المحترف، صقل الموهبة يتم بتجويد الأسلوب، صقل المعرفة يتم بتعميق المضمون من خلال الاطلاع الواسع والثقافة العامة، فهي النافذة التي يطل منها الصحفي على شئون الحياة، فكلما تعددت صداقاته توسعت مصادر أخباره واتسعت خبرته باتجاه الريح.

المحزن أن الصحافة أدب ظرفي غير خالد، أدب تنقضي أهميته بانتهاء المناسبة التي أنتجته، من هنا فالصحافة مهنة ناكرة لجميل كتابها، هي تتجاهلهم والناس ينسونهم بمجرد غيابهم وانطفاء أهمية الظروف والمناسبات التي كتبوا عنها.
الأجيال الجديدة من صحفيين وقراء لا يعرفون الكتاب والصحفيين الذين تمرسوا وتمرمطوا في مدرسة صحيفة «الأيام» مثل أحمد شريف الرفاعي، محمد حامد عولقي، محمد شفيق، محمد زين الكاف، محمد عبدالله مخشف وغيرهم.. وحالياً محمد علي سعد، نجيب اليابلي، عبده حسين أحمد، عيدروس باحشوان، وهكذ لا تزال مدرسة صحيفة «الأيام» يتخرج من مدرستها العديد من الكتاب الصحفيين.

أخيراً لا يسعنا إلا أن نطالب صحافتنا أن تولي جل اهتمامها في تصحيح الاعوجاج في الجهاز الإداري والمالي للدولة، خاصة وأن الصحافة هي التي عليها أن تتحدث عن مشاكل الشعب وأن تساهم في حل هذه المشاكل وأن تفضح كل مسئول قيادي مهما كان مركزه، أن تستجوب أي منحرف سياسي أو مالي أو أمني أو اقتصادي أو تربوي أو إعلامي أو صحفي وغيرهم الذين يحاولون المتاجرة بقضايا الشعب وبآلامه بحسابات حزبية رخيصة أو غيرها، ونحن نضمد جراح المجروحين.. إن المحن والفتن لا يخدمان مصلحة الوطن أو تقدمه وازدهاره وأمنه واستقراره، ونطلب بإلحاح من الجميع أن يكفوا عن المهاترات والمناكفات والمؤامرات التي لا تضر في النهاية إلا أبناء الوطن.. والشاطر العارف يعرف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى