حصاد سنة من فشل مهمة جريفيثس في اليمن

> «الأيام» يمن نت

>
 مر عام على موافقة مجلس الأمن الدولي على تعيين البريطاني «مارتن جريفيثس» مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن في 15 فبراير 2019، خلفاً للموريتاني «إسماعيل ولد الشيخ»، ومع مرور عام لم يتغير شيء في اليمن على صعيد مهمة الدبلوماسي الأممي القادم من مهمته السابقة، حيث كان رئيساً لمكتب الأمم المتحدة في دمشق، ونال شهرة واسعة لخبرته بالشؤون العربية.

يسير «جريفيثس» في مهمته المعقدة في اليمن بخطة مختلفة عن سابقيه؛ حيث يسعى إلى تجزئة الاتفاق الشامل للأزمة اليمنية، من خلال البدء في التفاوض بشأن ملفات أطلق عليها «بناء الثقة بين الأطراف» لتحقيق اختراق في جدار الأزمة، ومن خلالها يتم الوصول إلى تسوية سياسية شاملة، غير أن تلك الطريقة تمر بسلسلة تعقيدات كبيرة، وخلال عام لم يحقق «جريفيثس» إنجازاً ملموساً على الأرض، ولا زالت في إطار الاتفاقات المعلنة قيد التنفيذ.
قبل تعيينه مبعوثاً أممياً إلى اليمن كان «جريفيثس» يرى أن الحرب في اليمن تختلف عنها في سوريا، لأن الحل وارد في سوريا بعكس اليمن التي تتضاءل فيها الحلول وتتفاقم الأزمة الإنسانية أكثر فأكثر، فهي أسوء من العراق وجنوب السودان. ومن الواضح أن تلك الرؤية تم البناء عليها من خلال حال البطء الشديد في سير مهمته وتعثرها بشكل واضح، والتي أصبحت مهددة بالفشل بفعل العراقيل أمامها وحالة التراخي الأممية.

حصاد سنة من مهمة جريفيثس
مضى عام على مهمة الدبلوماسي البريطاني، والذي يسير ببطء شديد، وتكتنف مهمته غموضاً وأجندات خفية، حيث يحرص على عدم الشفافية في إعلان مسار المفاوضات ومصير مشروع إنهاء الحرب، والذي من المفترض أن يتم عبر تطبيق القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي السابقة، والتي فشلت الأمم المتحدة في تنفيذها، وبنفس عملية التراخي الأممية بدأ جريفيثس مهمته بفشل في عقد «مشاورات جنيف» في سبتمبر 2018.

خلال الخمسة الأشهر الأولى، ظل جريفيثس يسافر من مقر مكتبه في الأردن نحو صنعاء والرياض ومناطق أخرى لمحاولة الاستماع لوجهات النظر المختلفة، ومن ثم أعلن بعدها عقد مشاورات بين الأطراف اليمنية في جنيف في 6 سبتمبر 2016، وبعد حضور وفد الحكومة بيومين أعلن عن فشلها بسبب عدم حضور وفد الحوثيين، والذين تذرعوا بعدم الحصول على ضمانات كافية وتحديداً لعودتهم إلى صنعاء عقب انتهاء المشاورات.

وقال جريفيثس حينها أمام صحفيين في جنيف: «لم نتمكن من إقناع وفد صنعاء بالقدوم إلى هنا. لم ننجح بذلك بكل بساطة»، ومن ثم عاود من جديد المحاولة لعقد مشاورات جديدة وساعدته الضغوط الدبلوماسية الدولية على السعودية عقب مقتل «جمال خاشقجي»، وتسليط الإعلام الغربي الضوء على الأزمة الإنسانية في اليمن، على إعلان السادس ديسمبر 2018 موعد محادثات يمنية في العاصمة السويدية ستوكهولم.

تمت المحادثات في السويد بحضور دبلوماسي رفيع وزخم إعلامي كبير، وكان من المفترض أن تناقش خمسة ملفات لبناء الثقة، وخلال أسبوع من انعقادها تم الإعلان عن «اتفاق ستوكهولم»، في 13 ديسمبر 2018، والذي تضمن ثلاثة اتفاقات رئيسة فيما يخص «الأسرى والمعتقلين» و «مدينة الحديدة»، بالإضافة إلى مدينة تعز، ونتج عنها تشكيل لجنة للأسرى من الطرفين، ولجنة مشتركة في الحديدة يقودها جنرال أممي لتطبيق الاتفاق، والذي في أبرز بنوده وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار.

اتفاق ستوكهولم
يعد اتفاق ستوكهولم الإنجاز الوحيد الذي حققه المبعوث الأممي، ففي الوقت الذي اعتبر إنجازاً وعملية اختراق مهمة للأزمة اليمنية في طريق الوصول إلى تسوية سياسية، لكن تلك الآمال بدأت تتبخر بعد مرور شهرين من تعثر الاتفاق فيما يخص الحديدة والأسرى، وفشل ملف تعز تماماً بالإضافة إلى فشل عقد جولة جديدة من المفاوضات، والتي كانت مقررة أواخر شهر يناير الماضي بحسب الاتفاق.

وحظي المبعوث الأممي بدعم دولي واسع، ووافق مجلس الأمن بالإجماع في 16 يناير الماضي على مشروع القرار البريطاني بإرسال مراقبين دوليين إلى مدينة الحديدة، لمراقبة وقف إطلاق النار، ونشر 75 مراقباً في مدينة الحديدة وموانئها، لمدة ستة أشهر، لكن هذا الدعم لم ينتج أي خطوة عملية نحو تنفيذ الاتفاق.

ويرى الباحث السياسي مطهر الصفاري «أن جهود جريفيثس لم تشكل عوامل مساعدة لحلحلة الصراع، لكنه حول القضايا الفرعية إلى قضايا رئيسية، سواء من خلال آليات المفاوضات أو فترات جولاتها دون أن تتمخض عن إنجازات حقيقة، مثل اتفاق ستوكهولم، والذي مر عليه شهران دون أن تنعكس استحقاقاته عملياً على الأرض».

وأضاف: «بالمحصلة لم ينفذ من اتفاق ستوكهولم باستثناء وقف إطلاق النار، بالتالي إذا استمرت إدارة ملف الصراع في اليمن من قبل المبعوث الدولي والحكومة الشرعية والتحالف في ظل إصرار جماعة الحوثي على عدم التراجع عن انقلابها؛ فإن مناطق اليمن ستتحول إلى أقاليم بحضور دولي».

وقال الصفاري: «تبدو محصلة جهود سنة للمبعوث الدولي مارتن جريفيثس متواضعة على مختلف الأصعدة السياسية والأمنية وحتى الإنسانية والاقتصادية، التي جعلها في مقدمة أولوياته منذ تعيينه دون أن تكون تعز من ضمنها».

الانحياز للحوثيين
ويقول الصحفي حسين الصوفي: «كان المنتظر من جريفيثس أن يكون أكثر حرصاً على تطبيق قوانين الدولة، وخاصة الإنسانية، في الوقت التي تعيش اليمن حالة إنسانية معقدة، لكن للأسف كل تحركاته تصب لصالح الحوثيين بكل وضوح، بدا منحازاً بشكل لا يحتمل أي تفسير وليس فيه أي دبلوماسية».

وأضاف أن جريفيثس قفز على القرارات الدولية المعترف بها والمرجعيات الثلاث، استطاع أن يقزم الأزمة اليمنية ويحصرها في مربع الحديدة فقط، والتقييم العام لمهمته خلال عام يشير إلى انحراف الأمم المتحدة ومن وراءها بريطانيا، وكأنهم في مهمة لإنقاذ الحوثيين فقط.

ولفت الصوفي إلى أن «أخطر عمل يقوم به المبعوث الأممي هو توظيف ملف المختطفين ضمن المفاوضات من أجل انتزاع مكاسب سياسية دون احترام للقانون الإنساني والضحايا الذين يتعرضون للانتهاكات، وهذا يشير إلى محاولة توجه سياسي ضمن أجندات خفية تعمل على إطالة أمد الحرب».

من جانبه، يرى الباحث مطهر الصفاري أن «جريفيثس أدار مهمته الأممية بنمط إدارته للمعهد الأوروبي للسلام في الاعتماد على المشاورات الخلفية بين ممثلي الأطراف المتصارعة في سياقات ندوات وورش عمل، والركون لتكتيك الحلول الجزئية للقضية الرئيسية، بدلاً من تكثيف الجهود لتنظيم مشاورات شاملة، تفضي لحل سياسي للصراع وفق القرار الدولي 2216، وكانت النتيجة عكسية».​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى