ينبوع ساخن في حالمين يتحول إلى مزار ترفيهي للتداوي وإحياء التراث الشعبي

> تقرير/ صبري عسكر

>
«شرعة» قرية جنوبية تقع في مديرية حالمين بمحافظة لحج، حباها الله بهذه الميزة الربانية لتكن قِبلة للزائرين في موسم معين من كل عام ابتداءً من نهاية شهر فبراير وحتى شهر مارس المقبل، لغرض الاستجمام والتشفي من ينابيعه الساخنة التي تخرج من باطن جبل يسمى «المعجزة» بحيث تأتي هذه المياه الكبريتية بشكل متواصل دون انقطاع على مدار الوقت ولها فوائد صحية لشفاء الأمراض، مثل الروماتيزم والأمراض الجلدية، وآلام الظهر، والسمنة، والشلل النصفي، والعصبية، سبق أن أتى إليه الكثيرون من المرضى وشفوا من أمراضهم بعد أن ذهبوا إلى مشافي داخلية وخارجية للعلاج، ولم تقتصر زيارة الوافدين إلى «حالمين» لغرض الاستجمام بل يحضرها الآلاف من عشاق الفن والتراث، والمراسيم الشعبية المتمثلة في إحياء ليالي المصيف بالأمسيات المتنوعة كالبرع، والرقص الشعبي، وأوتار العود يصاحبها دقات الطبول والمزامير و(الهواجل) في الصباح الباكر والمساء حتى مطلع الفجر..


من أشهر الحمامات العلاجية
ويعتبر حمام حالمين السياحي من أشهر الحمامات العلاجية على مستوى البلاد وتصل درجة حرارة ينبوعه الساخن إلى فوق الثمانين درجة (مئوية) وبالقدرة الإلاهية تعالج الأمراض المستعصية مثل الذين يعانون من الشلل، وعديمي الحركة، والروماتيزم، والطفح والحساسية الجلدية، وغيرها من الأمراض التي عجز الطب الحديث عن علاجها وأصبحت بحد ذاتها (حالمين) بنظرة المرضى والزوار موطنا لإعادة الابتسامة لمحياهم، ومنتجعا للحياة والأمل، ينفس عن القلوب بأصوات أغنيات وأناشيد وأشعار يتم صناعتها أو يتم استعارتها من طقوس الموروث الشعبي القديم.

حمام حالمين السياحي
حمام حالمين السياحي

متنزه ترفيهي للتعارف والتراث
ويكتسب الموقع أهمية خاصة، وأضحى ملتقى تعارفياً تقليدياً معتاداً، جسده الأجداد والآباء، وظل خالداً في ذاكرة الأجيال الواعدة التي لازالت تحيي هذه الذكرى السنوية وتحافظ على الموروث الشعبي، والعادات والتقاليد والتراث القديم، معتبرين ذلك الوجه الآخر للمنطقة، بل يتحول فترة الموسم إلى تراث شعبي وحفلات وأمسيات فنية وثقافية يحييها الأهالي بمشاركة الوافدين من مختلف مناطق ومدن الجنوب، وفيها يرتجز الشعراء بأشعارهم وقوافيهم التي تصطحبها الطبول والمزامير وألحان جميلة كلها تشدوا للوطن الجديد ونكهة الثورة الجنوبية والنضال الكبير لشعب الجنوب، وسط مشاعر رائعة ولحظات جميلة تسرُّ الناظرين والحاضرين لتلك العادات التقليدية التي جفت وانعدمت في أغلبية مناطق الجنوب بسب الأزمات والحروب والمحن التي عصفت بالبلاد .


وتتواصل السهرات والأمسيات على هذه الوتيرة لمدة شهرين متواصلين يبرز فيه الأهالي موروثهم الشعبي ويتغنون أمام الجموع الحاضرة بإبداعاتهم الفنية الممزوجة بالأغاني التراثية التي يؤديها الفنانون على أوتار العود والدربوجة بذوق تراثي خالص ينال استحسان الجميع ويمتع قلوب كبار السن الذين يحنون بكل لهفة للماضي الجميل والأيام الخوالي على حد قولهم (من المستحيل تعود).

ما يميز حمام حالمين السياحي
ويتحدث لـ«الأيام» الشيخ نائف العكيمي  بأن «ما يميّز حمام حالمين السياحي هو وجود كل متطلبات الزائرين برغم بعد المسافات والمكان الذي يقع فيه بمنطقة ريفية إلا أن كل الاحتياجات والخدمات متوفرة على مدار اليوم وذلك بوجود سوق شعبي، تتوزع فيه المطاعم والمقاهي والمتاجر، ومسلخ اللحوم والخضروات والفواكه.. وأيضاً غرف مفروشة وفنادق مزودة بمسابح صغيرة مليئة بالمياه الساخنة يساعد الوافدين على الإقامة لفترة أطول.. كما أن أهالي منطقة (شرعة) يفسحون الفرصة لكل الشرائح القادمة للاستجمام بالمسابح الخاصة بالرجال والنساء ويقدمون خدمات رائعة، نظراً للعلاقات الوثيقة التي تربطهم مع الزائرين منذ زمن قديم وكذا إظهار المنطقة بوجه آخر، وهذا ما يجعل الجنوبيين يترددون على المتنزه كل عام».


الحمائم في ليالي المصيف
يتمتع زوار حمام حالمين مع أوتار العود والربابة والتراث الشعبي الأصيل في الصباح والمساء ويسهمون في إحياء الموروث الشعبي والثقافي والتقاليد القروية التي تحكي عن أصالتهم وتاريخ آبائهم من خلال مشاركتهم الفاعلة مع أبناء حالمين في الهواجل والرقص والغناء الذي ينفس على قلوبهم بتناغم منقطع النضير مع المناظر الطبيعية الخلابة والقصور المشيدة بإتقان على طول السلسلة الجبلية ابتداء من رأس قمة نقيل «المعدي» شرعة ووصولاً إلى (الحمام) ومع قدوم موعد المصيف يقومون الأهالي بوضع اللمسات الرائعة للحفاظ على العادات والتقاليد وإظهار المنطقة بصورة حضارية أمام الزائرين وبهذه المناسبة يفتقر حمام حالمين إلى خدمات كثيرة بحيث إنه يقع في منطقة ريفية يصعب على الزائرين التردد عليها إلا في الموسم المحدد وذلك بسبب وعورة الطريق والكهرباء والاتصالات والخدمات اليومية.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى