كارثة اختيار الأقل كفاءة

> أحمد عبدربه علوي

>
عجيب عمّا يدور في بلادنا وخاصة فيما يتعلق عن الوظيفة العامة للدولة، فهناك نشاهد تعيين أشخاص لا يمتلكون الكفاءات العملية والخبرات العملية، تتجاهل الدولة تعيين الكفاءات والمواهب، تتجاهل المؤهلين -القادرين بالاستبعاد والتهميش مفضلين عليهم الطيعين- العاطلين عن كل موهبة، اللهم إلا قدرتهم على النفاق والانحناء وسهولة الانقياد، وهذا ما يفسر تدني مستويات القيادة في معظم مؤسساتنا ووزاراتنا، وانحدار مستوى الأداء العام في معظم وزاراتنا وحكوماتنا ومحافظينا ومرافقنا وحتى سياساتنا الداخل منها والخارج، وهو أمر يدفع ثمنه الوطن كله، وربما سبب كوارث كنا في غنى عنها لو أحلنا الأمور للقادرين عليها والمؤهلين للقيام بأعبائها ما كنا في حاجة لإضاعة الوقت وتضييع الفرص، ولم نحارب بعضنا البعض، وتأخير التنمية الشاملة لبلادنا، وإحباط الجماهير، لو قام المسئولون عن الاختيار بأداء واجبهم بحياد وتجرد وقدر معقول من المسئولية، والأمثلة على ذلك كثيرة ماثلة أمامنا في وزاراتنا المختلفة ومحافظاتنا ومديرياتها وشركاتنا ومؤسساتها وأجهزتنا الرقابية والمحاسبية، إن التمركز في دوائر ترصد المواهب وأصحاب القدرات والإصرار على اختيار الأقل كفاءة، هو ما وصلنا إلى طريق مسدود وموقف صعب يهدد بفقدان الكثير من طموحات وأهداف تقدم وازدهار البلاد ومن تخلف سياساتنا التعليمية إلخ..

ومن ضعف فرصنا في التشغيل والإنتاج ومن حقنا في التنمية المستدامة والتقدم والنهضة أنها مسئوليتنا جميعاً شعباً وأحزاباً وكتّاباً ونواباً ومثقفين قبل الحكومة والأجهزة والسلطة العليا، وبهذه الوحدة نكون قد حققنا دورنا في التاريخ الذي قلب موازينه ومزقه وبعثره الحوثي، ولن نخذل أجيالاً قادمة، فالتاريخ يحمل وعيه ويستدهي قادته وأبطاله، ولا يسامح من يستبعد حاملي مشاعله من رجال ونساء قادرين على التحدي متسلحين بالعلم والمعرفة والكفاءة، ويكتب بين دفتيه وبالاسم من خذله في تحقيق غاياته، ومن انحرف به عن مساراته. ولنا ملاحظة: تكثر الاجتهادات والتنظيرات عند اختيار “شخص ما” لملء المناصب الشاغرة في بعض قطاعات الدولة “فلان وصولي” “فلان كهنوتي متزمت” أو “فلان كان من التنظيم!” أو “فلان متهم في جناية” أو “فلان صهره علان”، ولو كان هناك “صف ثان” كفء لما أصغينا لهذه السهام الطائشة، والأجدر أن تكون الرقابة الإدارية، بالإضافة إلى القدرات الشخصية والمهارات الخاصة لشغل هذا المنصب أو ذاك؟، وحبذا لو كانت الكفاءة قبل أي وساطة أو قرابة محسوبية، تصوروا يا جهابذة بلادنا، عندما أرادت سنغافورة أن تكون مركزاً مالياً بشرق آسيا ذهبوا لأهل الخبرة والتجربة في إنجلترا، فوضعوا لهم الوصفة الشافية، والتي تقصر المدة إلى 5 سنوات بدلاً من 10.

أهل الخبرة والتجربة وليس أهل الثقة أو أصحاب المصالح أو من المنطقة والقبيلة.. ونحن في المراحل السابقة واللاحقة بدلاً أن نعمل على الخبرات ولم نحارب المثقفين والثقافة، ولا هناك حروب، ولم نعيّن الأقرباء وغير الأكفاء لشغل الوظيفة أو المنصب، أو الحفاظ على الكوادر
المؤهلة الكفؤة عمل نظام الحزب الواحد على طردهم وتشريدهم من البلاد وزج بالكثير منهم في السجون؛ سجن فتح، والمنصورة، والصولبان، وسجن البحرين في جعار (يافع السفلى) وزنجبار وغير ذلك من السجون الأخرى، ولم تحافظ السلطة حينذاك على بقاء الكوادر المؤهلة من أبناء البلاد، وعدم اعتبارهم رجعيين وعملاء لبريطانيا، انظر اليوم إلى الحالة التي يعيشها الوطن والمواطن منذ رحيل المستعمر البريطاني وحتى اليوم؛ مجرد حروب متواصلة ومؤامرات بين فئة أو منطقة ضد الأخرى، يا ليت كان معانا أشخاص يفكرون لما هو آتٍ (المستقبل) وليس عصابة تصفي عصابة، يا ليت كان معانا ناس بعقولهم وليسوا مجانين وفعلوا مثل السنغافوريون مرتاحين وليس الحال الذي نعيشه اليوم، وكل واحد يدري ويعلم ويحس إلى ما وصلنا إليه اليوم من مآسٍ وكوارث وصراعات وفساد ليس من غزو خارجي؛ ولكن بسبب (كرسي الحكم الملعون).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى