اتفاق السويد وقضية الجنوب في حراك دولي بين عدن وموسكو ولندن

> كتب/ المراقب الساسي

>
بعد التحرك المتسرع والصاخب للوصول إلى اتفاق في السويد بأي ثمن بين فصيلين، أحدهما غائب على الأرض، وآخر لا يريد الحل السياسي، جاء الواقع على الأرض منذ اللحظة الأولى بعد التوقيع، فلم يحترم الحوثيون وقف إطلاق النار واستمروا في عبثهم، وعلى الرغم من دفاع المبعوث الأممي المستميت لصالحهم لكنه لم يتمكن من إخفاء الحقيقة المرة... لا يوجد سلام في الحديدة!
تدخل المبعوث الأممي مرتين في العام 2018 لإيقاف الحرب في الحديدة، وجاءت جهوده في الوقت الذي كانت فيه قوات العمالقة والمقاومة التهامية قاب قوسين أو أدني من تحقيق انتصار في الحديدة، آخرها في شهر ديسمبر عندما كانوا على بُعد أمتار من ميناء الحديدة.

وفي المرتين اللتين أنقذ فيها المبعوث الأممي الحوثيين، كان الحوثيون يماطلون في الوصول إلى المفاوضات، بينما يقومون في الوقت نفسه بحفر الخنادق وإنشاء المتارس وتفخيخ الطرقات في الحديدة.
في مواجهة فشل الحديدة كان لافتاً حضور وزير الخارجية البريطاني - وهو ممثل بريطانيا الممسكة بملف اليمن في المحافل الدولية - إلى عدن، وبالذات ليتحدث من وسط ميناء المدينة التي رزحت تحت حكم بريطانيا لـ129 عاماً. وتبعه على التوالي سفير روسيا الذي وصل بعده السفير الأمريكي بأقل من 24 ساعة.

تحركات ديبلوماسية متسارعة وسط أنباء عن بدء المناوشات في الحديدة واحتمال أن تبدأ حرب نهائية لتحرير المدينة من قبضة الحوثيين، مما سيجعل من عدن الميناء الوحيد لنحو 25 مليون نسمة.
إن الحرب في اليمن حرب كلاسيكية، لا يؤمن أطرافها بالسلام بل يؤمنون إيمانا مطلقا بحكم المنتصر واستعباد المهزوم، ويبدو ذلك واضحاً من طريقة تعامل الحوثيين مع عملية السلام، ففي كل مرة تزداد شروطهم جراءة حتى وصلوا إلى استقطاع نصف شرعية الشرعية في السويد.

ومع ذلك لم ينفذ الحوثيون استحقاقات الاتفاق الموقع، بل عمدوا إلى تضليل رئيس فريق المراقبين الدوليين منذ زيارته الأولى بعملية مسرحية تم فيها تسليم ميناء الحديدة لموالين لهم عينوهم في قوات أمن المدينة، وعندما انفضحوا عمدوا إلى إطلاق النار على موكب رئيس فريق المراقبين الدوليين.
كلما ازدادت وتيرة الضغط في الحديدة وعلى جبهات القتال تزداد وتيرة الانفلات الأمني في عدن، في مخطط مقصود.. والارتفاع في عدد الحوادث الأمنية في عدن مؤخراً لا يمكن فصله عما يدور في تعز والحديدة، فنفس الأيادي التي تحاول إفشال تحرير الحديدة هي نفسها التي تعزف على أوتار الانفلات الأمني في المناطق المحررة، وهي تقبع بعيداً في فنادق الخارج!

ووسط كل ما سبق، يسير الجنوبيون باتجاه توحيد مكوناتهم ببطء شديد، بينما عليهم الإسراع الآن في تنفيذ مشاورات واسعة لوضع الجنوب على رأس أولويات العالم في اليمن لتأمين أرضهم ومستقبل أبنائهم.
على الجنوبيين التفكير ملياً في استراتيجية طويلة المدى تعزل مناطقهم عن الفوضى التي يخلقها أعداء السلام من بعض قوى النظام السابق المتواجدة في الرياض والحوثيين على حد سواء.. فهذه الحرب لا يلوح في الأفق أملٌ بنهايتها..!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى