تصعيد حوثي على حدود الجنوب ودعم إقليمي لـ«حرب استنزاف» طويلة

> «الأيام» غرفة الأخبار

>
 جدد زعيم الحوثيين عبدالملك بدرالدين الحوثي تمسك جماعته بالحديدة وموانئها، وقال إن «اتفاق السويد قام على أساس إعطاء دور رقابي للأمم المتحدة في ميناء الحديدة، وتحييد الحديدة عسكرياً، مع بقاء وضعها الإداري والأمني مرتبطاً بصنعاء، وفق القانون اليمني»، على حد زعمه.

وزعم أن «هناك فرصة الآن لتنفيذ الخطوة الأولى في اتفاق السويد، والوصول إلى تفاهمات حول عمليات مرتبطة بالموانئ تعتمد على تنفيذ انسحاب أولي»، وقال: «قدمنا عروضاً للأمم المتحدة بتنفيذ الخطوات الأولى المتعلقة بالموانئ، لكنها كانت تريد التأخير كي لا تظهر محرجة أمام تعنت الطرف الآخر».

وكان زعيم الجماعة الحوثية ظهر، مساء أمس الأول، في أول مقابلة تلفزيونية له، محاكياً في ذلك زعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، ليهدد مجدداً بقصف الرياض وأبوظبي بالصواريخ التي قال إن جماعته باتت تملك منها ما يصل إلى ما بعد الرياض، على حد زعمه.

وهدد الحوثي، في مقابلته التي بثتها قناة «المسيرة»، التابعة لجماعته الممولة من «حزب الله» اللبناني، بأن ميليشياته ستعود مجدداً لتهديد الملاحة في البحر الأحمر، إذا استمرت الحكومة الشرعية في تجفيف وصول الوقود الإيراني المجاني إلى جماعته في الحديدة، من خلال تطبيق القرار الحكومي 75.

وفي حين أبدى قائد الميليشيات الموالية لإيران أسفه على مصرع القيادي في الجماعة رئيس مجلس حكمها الانقلابي صالح الصماد، اعترف بأنه يواصل احتجابه عن الظهور المباشر بين أتباعه خشية الاستهداف، مشيراً إلى أن شاشة التلفزة استطاعت بالنسبة له أن تحل هذه المشكلة.

وفي سياق التصعيد العسكري على الحدود مع الجنوب، ذكرت مصادر ميدانية أن الجماعة حشدت، أمس وأمس الأول، دبابات وعربات بي إم بي ومدرعات وأطقم عسكرية في مديرية الزاهر بمحافظة البيضاء، سعيا لاقتحام منطقة الحبج أبرز مناطق المقاومة في مديرية الزاهر آل حميقان، وفي المقابل عزز الحوثيون مقاتلين وعتاد عسكري إلى جبهات القتال في شمال الضالع، حيث تتكبد الجماعة خسائر رغم سيطرتها على مواقع سلمت لها من موالين لحزب لحزب الإصلاح.

وتفيد التطورات الميدانية في كل من الضالع والبيضاء وتعز، وغيرها من مناطق التماس كـ «نهم ومأرب»، التي تشهد مواجهات مسلحة من جهة وصراع بين مليشيا متنازعة على مناطق نفوذ من جهة ثانية كعدن وشبوة وحضرموت، بأن القوى الدولية الداعمة للتحالف العربي قد اقتنعت وأقنعت دول التحالف العربي بضرورة التخلص من هذه المليشيا أو التخلص من أكبر عدد ممكن من عناصر هذه الجماعات وإن كانت بعضها تتلقى دعماً وتمويلاً من دول التحالف العربي وتحظى بدعم إماراتي سخي على وجه الخصوص.

هذه القناعة تعززت مؤخراً بعد أن تحدثت تقارير عن تسرب كميات من الأسلحة المتطورة إلى جماعات متطرفة، كالقاعدة وداعش، وجماعات أخرى سلفية يرى فيها المجتمع الدولي لا تقل خطورة عن التنظيمين السابقين حتى وإن كان ولاؤها اليوم يميل لأحدى دول التحالف العربي وهي الإمارات العربية المتحدة.

تزايد هذه القناعة لدى الأطراف الدولية اللاعبة الرئيسية في الملف اليمني أجبر دول التحالف العربي للعمل بالنصائح التي تتلقها من القوى الغربية في مسألة التعامل مع هذه المليشيا المتعددة الولاءات، وضرورة تدمير قوتها وعدم الاكتفاء بوقف الدعم عنها لأن بقائها متماسكة وبيدها أسلحة بهذا الحجم، سيجعلها قوة بإمكانها مجابهة أي محاولات لتشتيتها، كما إن الحديث عن إدماجها ضمن قوات الجيش والأمن يعيد هاتين المؤسستين إلى مرحلة التلغيم بجماعات أيدلوجية وهو ما تخشاه في المستقبل الدول الغربية التي تحرص على تشكل جيش يمني ضعيف وغير مؤدلج على وجه الخصوص.

معلومات تفيد أيضاً أن المناطق التي تشهد مواجهات مسلحة واشتدت فيها المعارك مؤخراً، مثل البيضاء والضالع، وهي مناطق حدودية مع المحافظات الجنوبية، ولم يتدخل فيها التحالف العربية بفعالية سواءً عبر تقديم الدعم العسكري بالعتاد أو بتنفيذ الضربات الجوية، مما مكن مليشيا الحوثي من تحقيق تقدم على الأرض في هذه المناطق ما يمكنها أيضاً من التوغل صوب المحافظات الجنوبية عبر الضالع ويافع لتهديد العاصمة عدن، التي بدأ الترتيب فيها منذ ثلاثة أشهر لعودة نهاية للرئيس عبدربه منصور هادي الذي قرر العودة بصورة نهاية إلى عدن وبدأ يحزم أمتعته لمغادرة الرياض. إلاّ أن هذه التطورات قد تعيق مجدداً توجهاته بالعودة.

كما أن هذا التقدم لمليشيا الحوثي سيدفع قوات المقاومة الجنوبية إلى الدفع بعناصرها وقواتها الرابضة في عدن ومحافظات أخرى إلى هذه الجبهات المشتعلة في مناطق تعرف بتضاريسها الوعرة وتجعل من الضربات الجوية محدودية الفاعلية، وهو ما يوفر أرضية خصبة لحرب استنزاف طويلة الأمد لجميع الأطراف المتحاربة كما هو حاصل في نهم، وترى فيها الدول الداعمة للتحالف العربي أنها الطريق الأمثل لاستنزاف الجميع بحجة تسوية الملعب أمام أي صفقة سلام سياسية قد تحدث في اليمن تتفق عليها قوى سياسية منهكة لا تقوى حتى على المناورة، باستثناء مليشيا الحوثي التي خدمتها طول مدة الحرب في تشييع طيف واسع من اليمنيين في مناطق سيطرتها وخلق مصالح مشتركة لدى قوى قبلية مؤثرة كانت بعيدة عن تأثير المليشيا الحوثية المدعومة من إيران إلى ما قبل مقتل الرئيس الراحل صالح. عوضاً عن امتلكها سلاح دولة.

قد يبدو هذا الحل مناسباً لبعض دول التحالف العربي، في الوقت الراهن على أقل تقدير كونه سيمنع صعود أي قوى إسلامية لتتربع على المشهد اليمني، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن خطر مليشيا الحوثي وإيران سيخفت في اليمن إن لم يكن العكس ما قد يضاعف الخطر على المملكة العربية السعودية من طموحات المشروع الفارسي الذي يسعى للإجهاز على المملكة كمحور رئيسي للقوى السنية في المنطقة. وهو ما لم تستوعبه السعودية بعد أربع سنوات من الحرب دون أن تضع لها إستراتيجية واضحة.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى