تداعيات محدودة لحرب اليمن على بيع الأسلحة الأوروبية للخليج

> باريس «الأيام» أ ف ب

> يبدو مستبعداً أن تتسبب الحرب في اليمن بتغيير جذري في سياسات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بمبيعات السلاح إلى السعودية في الوقت الراهن، رغم ازدياد الضغوط الشعبية على حكومات دولة لتجميدها.
ويخوض التحالف العسكري بقيادة الرياض حرباً في اليمن ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في نزاع خلّف عشرات آلاف القتلى، كثير منهم مدنيون، وتسبب بما وصفتها الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وتسلطت الأضواء بشكل أكبر على سلوك السعودية، بعد مقتل جمال خاشقجي الصحافي الذي كتب مقالات معارضة للنظام السعودي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول العام الماضي، في جريمة أصّرت الرياض على أنه لا دور لها فيها.
لكن في دول، على غرار بريطانيا وفرنسا، تعد عمليات إيصال السلاح إلى السعودية وشريكتها الأبرز الإمارات العربية المتحدة، في غاية الأهمية لمواصلة التأثير العسكري والمحافظة على آلاف الوظائف.

وكان من المنتظر أن يتم إيصال شحنة جديدة من الأسلحة الفرنسية إلى سفينة «بحري ينبع» السعودية، في ميناء لو هافر الفرنسي، لكن مصدراً أفاد، الجمعة، أن السفينة لن ترسو في الميناء رغم أنها رست قبالته لأيام وتحركت نحو إسبانيا.
ويأتي التغيير في الخطة في أعقاب احتجاجات على تسليم الأسلحة للرياض.

ضمانات غير كافية
وقال أيمريك إلوين، من منظمة العفو الدولية في فرنسا: «من الواضح أنه حصل شرخ جرّاء الحرب في اليمن. كان هناك وعي منذ مدة في ألمانيا وبلجيكا وبريطانيا وإيطاليا. أما في فرنسا، فإنه أمر جديد».
وأوصلت باريس أسلحة بقيمة نحو 1.38 مليار يورو (1.5 مليار دولار) إلى الرياض في 2017، ما جعلها ثاني أكبر زبون لفرنسا في هذا القطاع بعد مصر.

ودافع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن مبيعات الأسلحة، واصفاً الرياض وأبوظبي بالحليفتين في الحرب على الإرهاب، ومشيراً إلى أن باريس حصلت على ضمانات أنه لن يتم استخدامها ضد المدنيين.
لكن إلوين قلل من أهمية هذه التطمينات قائلا: «لا يكفي القول «لدي ضمانات»، يجب أن نراها. وفي الوقت نفسه، يجب أن يتم توضيح الكيفية التي تحارب من خلالها السعودية الإرهاب في اليمن».

بدوره، أوضح الباحث من مرصد التسلّح في فرنسا، طوني فورتن، أن الوضع الحالي هو ثمرة سنوات من السرية.
وقال: «ما نراه اليوم هو عدم وجود الشفافية، هذا يرتد علينا ويتسبب بكوارث على غرار تلك التي في اليمن».

وتندرج مواقف الدول التي تصدر السلاح ضمن الاتحاد الأوروبي على النحو الآتي:
ألمانيا: تحدت برلين معارضة حلفائها في الاتحاد الأوروبي، فكانت القوة الكبرى الوحيدة التي فرضت حظراً على صادراتها من الأسلحة على السعودية غداة أزمة خاشقجي.

وفي مارس، أعلنت تمديد الحظر حتى 30 سبتمبر.
فرنسا: سرّب موقع «ديسكلوز» الاستقصائي الفرنسي رسالة عسكرية سريّة، الشهر الماضي، تفصّل استخدام الدبابات والمدفعية الفرنسية في الحرب اليمنية.

وأكّدت وزيرة الدفاع، فلورانس بارلي، لاحقاً خطة تسليم شحنة الأسلحة في لوهافر إلى السعودية، مثيرة غضب المعارضة عبر إعلانها «عدم وجود إثباتات» على أن الأسلحة الفرنسية تسببت بسقوط ضحايا في اليمن.
بريطانيا: تشكل بريطانيا مصدراً لـ23 بالمائة من الأسلحة التي تستوردها السعودية. وفي العام الماضي، تم التوقيع على طلب أولّي بمليارات عدة من الجنيه الإسترليني لشراء السعودية 48 مقاتلة من طراز «يوروفايتر تايفون».

ووافقت بريطانيا على بيع أسلحة بقيمة خمسة مليارات جنيه إسترليني (6.5 مليار دولار) للسعودية منذ بدأت حملة المملكة في اليمن عام 2015، بحسب أرقام حكومية حللتها مجموعة «الحملة ضد تجارة السلاح» المناهضة للحروب.
إسبانيا: صدّرت إسبانيا أسلحة بقيمة 496 مليون يورو (557 مليون دولار) إلى السعودية في 2017. وتعرضت حكومة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز الاشتراكية، العام الماضي، لانتقادات من حزب (بوديموس) اليساري المتحالف معها لإبقائها طلباً لبيع 400 قنبلة موجهة بالليزر للمملكة.

وضغط حزب (بوديموس) على سانشيز بشأن عقد بقيمة 1.8 مليار يورو (ملياري دولار) لتصنيع خمس سفن حربية للسعودية، دافع عنه رئيس الوزراء.

رفع سقف المقبول
قال النائب جاك مير من حزب الرئيس الفرنسي: «هناك قلق متزايد بشأن هذه المسائل وعدم إشراف».
وأضاف: «في نهاية المطاف، تعود الكلمة الفصل في كل البلدان للسلطات التنفيذية».

من جهته، أقر الباحث لدى مجموعة الأبحاث والمعلومات المرتبطة بالسلم والأمن (غريب) في بروكسل دوني جاكمان، بأن الرأي العام يتعب سريعا، مشيراً إلى أن «القيام بحملة بناء على حرب اليمن هو أمر معقد».
وتضغط مجموعة (غريب) لتأسيس هيئة رقابية أوروبية لتنظيم بيع السلاح.

وتؤكد أن قادة الاتحاد الأوروبي تبنوا في 2008 موقفاً مشتركاً حدد معايير في هذا الشأن، لكن بحسب جاكمان، فإن «لدى كل دولة للأسف تفسيرها وبإمكانها رفع سقف ما هو مقبول».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى