كنوز رمضان

>
رمضان مدرسة للاختبار ،حيث يمسك الصائم عن الأكل والشرب والشهوة ،وهذا اختبار من الله للعبد بصبره وبعبادته وتركه ما نهاه الله عنه لوجهه سبحانه ، وتحمله الأوامر وقيامه بها ، فرمضان اختبار للإيمان وللنية وللصبر وبمعنى أعم اختبار لحقيقة إسلامه واستسلامه لله لأن الحياة بالنسبة للمؤمن كلها اختبار ، ولحظاتها مجاهدة بين نفسه الأمارة بالسوء وواعظ الله في قلب كل مؤمن ، فمن وطن نفسه على اختبار الصيام وأدرك أسراره وذاق لذة النجاح فيه عرف نتيجة الاختبار في باقي شؤون الحياة .

رمضان يورث محبة الله في قلب المؤمن ،فإنه إذا رأى كرم ربه وجزيل عطاياه في رمضان ،زادت محبته سبحانه ، والمحبة ركن في الإيمان وهي أساس الأعمال ، فيقبل المؤمن على العمل محبا له متمسكا به متقنا لأدائه ، ففي رمضان يتكرم المولى بالمغفرة لمن صام ولمن قام وفطر صائما ، والحسنة تضاعف فيه ما لا تتضاعف في غيره ، واختص الله بأجر الصائم دون غيره ، وما ذاك إلا محض فضل منه سبحانه وتعالى .

مجرد معرفة أن الصوم كتب على الأمم من قبلنا فهذا دليل على آثاره العظيمة وفوائده على الإيمان والإنسان والمجتمع ويدل على ذلك أن الله لم يفرضه علينا وعلى أهل الكتاب من قبلنا فقط بل قال" كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ليشمل جميع الأمم وشئ بديهي أن أمرا يفرض على تلك الأعداد الهائلة من الأمم فيه من الأسرار والحكم والفوائد ما يستحق ذلك التعظيم والوقوف.

رمضان يربي الناس على تجديد النية والاحتساب ، ويؤخذ هذا من قوله صلى الله عليه وسلم "من صام رمضان إيمانا واحتسابا "فجاء رمضان يؤكد قضية النية وتجديدها في الصيام وفي السحور وفي الإفطار فيتربى المسلم على تجديد النية في الأمور الإيمانية والعبادات بل حتى في الأمور العادية من أكل وشرب ، ولا يخفى أثر النية على الأجر المترتب على العمل وعلى النفع به في الدنيا.

رمضان يربي الناس على تدارس القرآن وتدبره ، وهو معنى أخص من مجرد قراءته ، فيعيش المسلم بين آيات القرآن وقصصه ووعده ووعيده ، فتدمع عينه تارة ويلين قلبه تارة أخرى ، يرى الأمم الماضية حاضرة عنده ، ويعيش مع الأنبياء صبرهم ونصحهم وابتلاءهم ،ويستنبط الأحكام ويستفيد الفوائد ، ولذلك كان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان كل ليلة ".

رمضان يربي الإنسان على التحكم بعواطفه ، وتسييرها كما يريد الشرع لا كما تريد النفس فا لله منع الصائم من الأكل والشرب والشهوة لا تعذيبا له بل ليتعلم كيف يترك الشي لله رغم منازعة الهوى له ، وحتى نعلم قدر هذه الفائدة فإن منازعات الناس وخصوماتهم و حالات الطلاق والقتل و الاعتداء و الاختلاف والتفرق ما كان كل ذلك ليحدث لو قدر الشخص على التحكم بعاطفته ومحبته وبغضبه وجعلها تحت حكم الشرع وليس النفس والهوى ، فجاء الصيام ليعطي الإنسان درسا عمليا في هذا الجانب .

رمضان يربي الناس على عدم الزيادة أو النقص مما حدده الشرع لهم ، فقد حدد الشرع رمضان بشهر واحد ، وذلك لا يجوز الزيادة عليه ، فحرم صوم العيد ، وحرم على الصحيح التقدم على رمضان بيوم أو يومين ما لم يكن عادة ، وكذلك الإفطار حدده بغروب الشمس وقال صلى الله عليه وسلم " لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا الفطر إلا أن تشتبك النجوم"

في رمضان يظهر أثر العبادة على الناس سواء في حياتهم أو أخلاقهم أو سلوكياتهم فتنعدم المخاصمات وتقل المشاجرات على مستوى المجتمع وحتى الأسرة الواحدة بل الحياة الزوجية أيضا وهذا ثابت بالاستقراء وما ذلك ـ والله أعلم ـ إلا لأن القيام والصيام والصلاة والأعمال الصالحة أثرت في حياة الناس فرزقوا الطمأنينة والسكينة والوقار ، ويدل هذا على أنه من وسائل إصلاح المجتمعات نشر الوعي الديني عندهم وربطهم بالله سبحانه ، وإذا تقرر عند السلف أنه ما من سنة تندرس إلا ويخرج بدلها بدعة ، فمن لازم القول أنه ما من فساد اجتماعي وأخلاقي إلا بسب معصية الله سبحانه ، نسأله التوبة والعفو والمغفرة .
رمضان وفضائله تعود الصائم على حفظ الوقت من الضياع ، وهذا من مقاصد الشرع العظيمة ، ففي رمضان يحرص المؤمن على استغلال وقته بالطاعات ويحذر من الملهيات والمعاصي ، وفي ذلك تربية له على اغتنام عمره بما ينفعه عند الله ولو كان حرصنا على أوقاتنا كما نكون في رمضان لتبدلت أحوالنا.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى