محاكمات الجهاديين الفرنسيين في بغداد: نقاشات طويلة وأسئلة مستغربة

> بغداد «الأيام» أ ف ب

> يبدأ إبراهيم النجارة بصوت منخفض سرد روايته الدفاعية ضد التهمة الموجهة بالانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية، فيردّ عليه القاضي من منصته "إرفع صوتك، كما كنت ترفعه في الفيديو مهددا فرنسا".

ويسيطر القاضي أحمد محمد علي بشكل كامل على سير المحاكمة، متمكنا من الملفات بين يديه، ومفسحا في الوقت نفسه المجال أمام النجارة لسرد روايته كاملة، وهو يكرر كلمة "استرسل" لما يقارب الثلاث ساعات.

وظهر النجارة المتحدر من بلدة ميزيو القريبة من ليون في وسط شرق فرنسا، في مشاهد مصورة نشرها تنظيم الدولة الإسلامية بعد هجمات نوفمبر2015 التي أسفرت عن مقتل 130 شخصا في فرنسا، بحسب مركز تحليل الإرهاب (CAT) في باريس.

ويواجهه القاضي أولا بالتسجيل على شاشة متوسطة الحجم علقت فوق المنصة، وتخصص عادة لمتابعة محضر الجلسة الذي يكتبه شاب يتوجه إليه القاضي باسم "عمار".

خلال العرض، يحرك النجارة، أو "أبو سليمان"، وهي كنيته داخل التنظيم، رأسه إلى الأمام، كمن يحاول التأكد من شيء ما.

فيسأله رئيس الجلسة "أهذا أنت؟"، ليجيب المتهم "نعم، لكنني رفضت في البداية (التسجيل)، غير أنهم هددوني بالسجن".

فطلب منه القاضي أن يرفع صوته غير المفهوم، قائلا بنبرة المؤنب "لماذا لا يمكنك رفع صوتك كما كنت تشيد وتهدد بعد هجمات فرنسا في 2015؟".

فيؤكد الجهادي الفرنسي بزيه الأصفر المختوم بعبارة "دائرة الإصلاح العراقية" أنه ""محبط" لما فعله مذ التحق بصفوف التنظيم في سوريا التي وصلها في العام 2014.

"بحثا عن ماذا؟"

كان النجارة يتقاضى من التنظيم، بحسب أقواله، مئة دولار عنه وعن زوجته، ومئة وخمسة دولارات عن أطفاله الثلاثة، ما يطلق عليه اسم "كفالة" في مصطلحات تنظيم الدولة الإسلامية.

ويؤكد الرجل الملقب أيضا بـ"أبو حيدر المهاجر"، أمام القاضي أن أصدقاء له أقنعوه أنه "في سوريا يمكنك أن تمارس شعائرك الدينية بأمن وسلام".

وهنا انتفض القاضي علي قائلا "في سوريا؟ بحثا عن ماذا؟ تركت بلدا يهاجر إليه السوريون في البحر بحثا عن الأمان، ويحصلون كلاجئين في بلدك على حياة أفضل بكثير". فيتلفت المتهم يمينا ويسارا، كالباحث عن إجابة تقنع القاضي.

لا يوجد محام أصيل لغالبية المتهمين الذين يمثلون أمام المحكمة. ويأمر القاضي مباشرة في ضوء ذلك بانتداب محام للدفاع عن المتهمين.

لكن ما الذي يمكن لهذا المحامي تقديمه، وهو "يدرس القضية داخل المحكمة مباشرة"، بحسب ما تقول لفرانس برس المحامية غفران عبد الرحمن التي انتدبتها المحكمة للدفاع عن الفرنسي كرم الحرشاوي الذي حكم عليه بالإعدام.

المحامي المدّعي
وتقول عبد الرحمن البالغة من العمر 33 عاما "لا اطلاع لي على القضية من قبل. غالبية القضايا تكون محسومة. لكن إذا التمسنا أن هناك بصيص أمل بقضية المتهم، نلفت نظر المحكمة إليها، للحصول ربما على حكم مخفف أو مرض للمتهم".

وتؤكد المحامية الشابة أن "تعاملنا كمحامين مع قضايا الإرهاب تكون بإنسانية رغم كل شيء. نتأسف على ما فعلوه، لكننا ننظر إلى الأسباب الخارجية التي جعلتهم يرتكبون هذه الأشياء".

في بعض الأحيان، تسيطر الحمية والحماسة على بعض المحامين خلال سماع إفادات المتهمين أمام القاضي، على غرار المحامي حاتم واصف الذي انتدبته المحكمة للدفاع عن النجارة.

فبعد أسئلة عدة وجهها القاضي للمتهم، وسماع طلب المدعي العام، طُلب من المحامي إذا كانت لديه أسئلة ليوجهها.

فسأل واصف "هل تم تعذيبك أو أجبرت على الاعتراف بما نسب إليك؟"، وهو سؤال غالبا ما يكرره القاضي على المتهم الماثل أمامه.

بعدما أجاب المتهم بالنفي، استرسل المحامي قائلا "هل ما زلت مقتنعاً بفكر داعش؟".

وهنا تدخل القاضي ليلفت انتباهه بالقول "هذا السؤال ليس في صالح المتهم، قد تدينه به!".

لكن واصف أصرّ مشيرا في دفاعه إلى تقرير التحقيق الابتدائي، وفيه أن النجارة "شارك في عمليات عسكرية في العراق وفي نينوى خصوصاً"، في وقت كان الفرنسي نفى ذلك أمام القاضي قبل وقت قصير، قائلا "لم أدخل الى العراق، ولم أشارك في أي قتال في سوريا أو في العراق".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى