كلمة بالشهر الكريم

>
الصيام يجمع روح التآلف بين أفراد المجتمع المسلم ، فتجدهم يصلون جماعة ، ويسن تفطير بعضهم لبعض ، ويطعم أغنياؤهم فقراءهم ، وهذا له أكبر الأثر على تعاونهم وإزالة البغضاء بينهم وتوادهم وتحابهم وتعاطفهم ، وإذا كانت بعض المبادئ العصرية اليوم تربي على الوحدة فالإسلام يربي أفراده على التراحم والتعاطف زيادة على ذلك ، وهذا لا يدرك بقانون مادي بل بدين سماوي .

رمضان يزرع الشعور بأهل الفقر والحاجة ، ومعرفة ما يقاسونه من ألم الجوع وحر العطش ، فيشعر الجميع بآلام الجميع ويحسونه من أنفسهم ، وهو ما نستفيده من الصيام فيكون ذلك مراعاة للإنفاق والعطف عليهم والالتفات لهم .
رمضان يربي في نفس المسلم الانتصار بمعناه العظيم ، فيتعلم المسلم الانتصار على شهوة الأكل ، والبطن والفرج ووسائلها من نظر وتفكير ، وهذا أول خطوة في طريق الانتصار والمجاهدة .

بالصيام يتعلم المسلم كيف يقهر نفسه وهواه ، لأن طاعة النفس والهوى أساس المعاصي و الذنوب ، فما عصي الله إلا بطاعة الهوى ، فجاء رمضان ليدرب المسلم على ترك ما تهواه نفسه وتنازعه عليه ، وعلى أن يقهر نفسه ، فيذوق حلاوة ذلك ، فننفس الصائم تشتهي الطعام بمقتضى الفطرة ، ويزين له الشيطان شهوته وقد يضع له الحيل لذلك فيأتيه إيمانه فيقهر شهوته ومنازعته ، ويحول بينه وبين حرمات الله فعند ذلك يقود زمام نفسه حيث يريد الله ولا تقوده نفسه حيث يريد الشيطان .

الصيام يكسر شهوة البطن و الفرج ويعود المسلم على أن الصبر على الجوع أهون من أكل الحرام وأكثر ما يدخل الناس النار البطن والفرج .
في رمضان إثبات لحكمة المولى سبحانه وتعالى الذي يخلق ما يشاء ويختار فقد خلق شهور السنة ، واختار واصطفى رمضان ، فالحمد لله على علمه و حكمته ، والحمد لله الذي فضل نبينا على الأنبياء ، وكتابنا على سائر الكتب ، وديننا على جميع الأديان ، وبناء عليه فأمتنا أفضل الأمم .

رمضان يربي الناس على عبادة الصيام ، فمن صام رمضان سهل عليه إتباعه بست من شوال والاثنين والخميس وعرفة وعاشوراء وشهر الله المحرم ، وهكذا لا يزال المسلم يستمر على عبادة الصيام حتى يدعى من باب الريان بإذن الله .
رمضان يربي في النفس التعلق بمولاها والرجوع إليه والالتجاء إليه وحده فيدعو المسلم ربه ، وربه يغفر له ويستجيب ، فمن يغفر الذنوب إلا الله ؟ فمن عرف ذلك وأدركه زاد تعلقه بربه .

رمضان يربي في نفس المسلم إحسان الظن بربه ، فمن تأمل أحاديث فضائل رمضان أحس بقرب المغفرة ، ودنو الرحمة وسهولة إدراكها ، وحسن الظن من مسائل العقيدة فقد قال صلى الله عليه وسلم " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه "

وحسن الظن بالله يجعل المسلم يعمل بيقين وثبات ، متفاءل بدعوته ومستقبله ، لا يجعل من الأوهام عقبات بينه وبين الخير ولا يلتفت لخذلان المخذلين ، فتح الله له الأمل وأمره بالتعلق به وحده فلا يرده وهم ، ولا يوقفه ظن من الظنون.
يربي الصيام في الإنسان أعمال السر والحرص عليها ، فالصيام عبادة في حقيقتها سرية ، فيتعود المسلم على أعمال السر والمحافظة عليها ولا يستغني المسلم عن الأعمال السرية التي لا يطلع عليها إلا الله سبحانه وتعالى ، فإنها تزيد الإخلاص وبرهان حقيقة الإيمان وكان السلف يقولون "ليكن بينك وبين الله خبيئة". ​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى