لماذا فشل اتفاق السويد في اليمن؟

> نيفين الحديدي

>
بعد أكثر من ستة أشهر على توقيع اتفاق السويد، أقرت الحكومة اليمنية بفشله في تحقيق أي تقدم في أي من الملفات المتفق عليها لإنهاء الحرب الدائرة بين الميليشيا الحوثية والحكومة الشرعية في اليمن، وتحوله إلى سلاح بيد المتمردين الحوثيين ونظام طهران، لتهديد السلم والأمن في المنطقة، فيما تصاعدت المؤشرات على عودة خيار الحسم العسكري للواجهة.

وتستمر مليشيات الحوثي، بخرق اتفاق السويد الذي تم التوصل إليه في ديسمبر الماضي، وأجهضت هذه الخطوة التي شكلت خيط أمل لليمنيين بإنهاء الحرب، عبر تحركات عسكرية فضحتها التقارير الدولية، ما وضع الأمم المتحدة في موقف محرج بعد تبنيها تلك المفاوضات.

فشل الاتفاق
طالب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، بضرورة تقييم اتفاق السويد والإقرار بفشله في تحقيق أي تقدم، وقال الإرياني في سلسلة تغريدات على تويتر: "بعد مرور 7 أشهر بات من الضرورة الوقوف لتقييم ‎اتفاق السويد والإقرار بالفشل في تحقيق تقدم في أي من الملفات".
وأرجع الوزير اليمني، فشل اتفاق السويد إلى ممارسة ‎الميليشيا الحوثية، واستغلالها الرغبة الصادقة من قِبل الحكومة وتحالف دعم الشرعية والمجتمع الدولي في الوصول إلى السلام العادل والشامل، والمبني على المرجعيات الثلاث.

وينص اتفاق السويد على وقف إطلاق النار في الحديدة، ثم انسحاب الحوثيين والقوات الحكومية من كامل الحديدة. وكانت الحديدة قد تحولت إلى بؤرة التركيز في الحرب، العام الماضي، عندما تحرك التحالف لتحرير الحديدة ومينائها من ميليشيا الحوثي، في خطوة استهدفت بالأساس قطع الشريان الحيوي لإمدادات السلاح الإيرانية للمليشيات الانقلابية.

مناورات حوثية
وتحدثت تقارير في مايو الماضي، عن أن الانسحاب الذي أعلن عنه الحوثيون لا يخرج عن سياق المناورات التي دأب المتمردون على تسويقها، في الوقت الذي تشير فيه التطورات على الأرض إلى أن الأمر لا يعدو كونه مجرد تكتيك لكسب الوقت، ومحاولة الظهور كطرف متجاوب مع جهود السلام التي تقودها المنظمة الدولية.
وفي آخر إحاطة لرئيس البعثة الأممية في الحديدة الجنرال لوليسغارد، كان قد أوضح أن المظاهر المسلحة للميليشيات الحوثية في ميناء الحديدة لا تزال موجودة على نطاق واسع، رغم مزاعم الحوثيين تنفيذ الانسحاب من الميناء للمرة الثانية منذ توقيع اتفاق السويد في 13 ديسمبر الماضي.

وكانت الحكومة اليمنية، المعترف بها دولياً، اتهمت الحوثيين بـ "الانسحاب الزائف"، ووصفت عملية الانسحاب المتأخرة بـ "المسرحية الهزلية"، قائلة إنهم سلموا الموانئ لخفر سواحل موالين لهم بهدف خداع المجتمع الدولي.

بنود حمالة أوجه
ويرى البعض، أن مشكلة اتفاقية ستوكهولم، أن بعض البنود حمالة أوجه، ما جعل الميليشيا الحوثية تنفذها بما يخدم مصالحها، خاصةً فيما يتعلق بالقوى المخولة باستلام محافظة الحديدة، بعد إعادة الانتشار ضمنها. فبينما رأت حكومة الشرعية أن المخول بذلك هي القوات المحلية ما قبل 2014، أي قبل سيطرة الحوثيين على المحافظة، فسر الحوثيون الاتفاق بأن القوات المحلية هي من ستستلم زمام المحافظة.

وترفض حكومة الشرعية أي وجود لقوات الحوثيين، وتتهم الجماعة بأنها ألبست عناصرها زي قوات خفر السواحل تحت مزاعم أنهم قوات الأمن المحلية، كما أنها تتمسك بضرورة عودة خضوع الحديدة وموانئها للحكومة لأن ذلك من وجهة نظرها هو جوهر اتفاق السويد، وفق تقرير لصحيفة الشرق الأوسط.
ومن جهته، يرفض زعيم الجماعة الحوثية التفسير الحكومي للاتفاق، ويقول إن الحديدة وموانئها ستكون تابعة لجماعته في صنعاء فيما يخص الأمن والإدارة تحت إشراف أممي محدود.

وتوترت العلاقة بين الحكومة الشرعية والمبعوث الأممي مارتن جريفثس، بسبب سياساته ومواقفه، التي اعتبرها البعض "مجاملة" للحوثيين.
وكان الفريق الحكومي في لجنة إعادة تنسيق الانتشار برئاسة الجنرال مايكل لوليسغارد، قد علق لقاءاته مع الأخير احتجاجاً على عدم إشراك الجانب الحكومي في التحقق من عملية انسحاب الحوثيين من ميناءي الصليف ورأس عيسى، التي قامت بها الميليشيات من جانب أحادي، فيما يخص الآليات الثقيلة، والإبقاء على عناصرها بالأسلحة الخفيفة تحت مسمى قوات أمن خفر السواحل، وهو الأمر الذي ترفضه الشرعية.

اتفاق فضفاض
بدوره، أرجع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية اليمني السابق ومستشار الرئيس اليمني، عبد الملك المخلافي، أسباب فشل اتفاق التسوية بشأن إنهاء الحرب في اليمن، إلى سببين رئيسيين أولهما أن المبعوث الأممي مارتن جريفثس أراد أن يحقق نجاحاً سريعاً يقنع به الطرفين فصاغ اتفاقاً عاماً غير محدد يفسره.
والسبب الثاني يكمن في عقيدة الحوثيين، التي لا تؤمن بالحلول السياسية، والتي تغذيها إيران. وأشار المخلافي، وفق صحيفة العرب اللندنية، إلى أن ارتهان الحوثيين لإيران يفشل المسار السياسي في اليمن. ولفت إلى أن الاتفاقات الجزئية تؤدي إلى التعايش مع الانقلاب، وإطالة أمد الحرب واستمرار معاناة اليمنيين وتفاقمها.

مشكلة وليس حل
ووصف المخلافي اتفاق السويد بأنه "كان مشكلة أكثر مما هو حل". وقال عنه إنه "اتفاق يبتعد تماماً عن الأسس والمرجعيات التي تشكل مرجعيات الحل، هو مشكلة، والأدهى أنه غير قابل للتنفيذ لأنه صيغ كاتفاق عام قابل لتفسيرات متعددة وهذا النوع من أسوأ أنواع الاتفاقات. وشخصياً قلت على هذا الاتفاق يوم توقيعه إنه مجرد "قبض ريح" لا يمكن أن تمسك منه شيئاً محدد وواضح، ولازال هذا رأيي بعد هذه المدة وسيبقى رأيي".

وعند سؤال المخلافي عن اعتقاده بأن الحكومة الشرعية أخطأت في التوقيع على اتفاقات السويد التي بات البعض يصفها بالفخ السياسي الذي وقعت فيه الشرعية، يقول "كل اتفاق لا يلتزم المرجعيات بوضوح هو خطأ، لا يخدم السلام وإنما يؤدي إلى إطالة الحرب وخلق أسباب جديدة لها، ويزداد الخطأ إذا صيغ هذا الاتفاق بطريقة تجعله غير قابل للتنفيذ أو غير واضح في تحديد الالتزامات التي يفرضها على أطرافه"، حسب ما أوردت صحيفة العرب.

وأكد المخلافي، أن "إعطاء المبعوث الأممي دور المفاوض بدلا من الميسر كان خطأ صب في مصلحة الطرف المتمرد وشكّل ضغطا على الحكومة الشرعية ويجب عدم تكراره".

استعادة ثقة الشرعية
والتقى جريفثس الأربعاء الماضي في الرياض قيادات الشرعية اليمنية، في مسعى لاستعادة ثقة الحكومة بالأداء الأممي وإعادة ترميم علاقته بالرئاسة اليمنية عقب نحو شهرين من القطيعة.
وتأتي عودة جريفثس إلى الرياض بعد أيام من تسريبات في أروقة الشرعية عن احتمال الانسحاب الحكومي من اتفاق السويد، بخاصة بعد التصعيد الحوثي بالصواريخ والطائرات المسيّرة على مطار أبها جنوب السعودية، وعلى خلفية استمرار الجماعة الموالية لإيران في خرق الهدنة الأممية في مختلف جبهات الحديدة، وتحويل المحافظة الساحلية إلى مستودع كبير لإعادة تجميع الأسلحة الإيرانية المهربة.

ورأى مراقبون يمنيون أن المساعي الأممية لجريفثس لن تجبر الميليشيات الحوثية على تنفيذ اتفاق السويد، بخاصة مع وجود اتهامات بالتراخي الأممي تجاه سلوك الميليشيات في الحديدة وغيرها من المناطق، وآخرُ ذلك التصعيدُ الصاروخي واستخدام الطائرات الإيرانية المسيرة في تنفيذ هجمات على المناطق السعودية، وفق صحيفة الشرق الأوسط.
وكانت القوات الحكومية، في الحديدة قد أكدت قيام الجماعة الحوثية الموالية لإيران بتصعيد هجماتها في مناطق متفرقة من المحافظة الساحلية، بخاصة في مناطق الجبلية وحيس والدريهمي والتحيتا، في ظل سعي حوثي لقطع طرق إمداد القوات الشرعية من جهة الخط الساحلي.
"إمارات 24"​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى